55 إعلامياً قتلوا في الغوطة الشرقية

الطبيب المسعف فيها إلى إعلامي

TT

55 إعلامياً قتلوا في الغوطة الشرقية

أصدر المركز السوري للحريات الصحافية في رابطة الصحافيين السوريين، أمس، تقريراً خاصاً بعنوان «بعد سبع سنوات من انطلاق الثورة السورية... إعلاميو الغوطة تحت الحصار والقصف»، يرصد فيه مجمل الانتهاكات التي وقعت بحق الإعلاميين في الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق خلال سبع سنوات.
ووفقاً للتقرير فقد تمكن المركز من توثيق 163 انتهاكاً ضد الإعلام في عموم ريف دمشق، منها 117 انتهاكاً وقع في الغوطة الشرقية، وذلك من مجموع الانتهاكات الكلي الذي وثقه المركز في سوريا (1103 انتهاكات)، منذ انطلاق الثورة السورية منتصف مارس (آذار) 2011 وحتى نهاية فبراير (شباط) 2018.
وذكر التقرير أن 55 إعلامياً قتلوا في الغوطة الشرقية؛ 48 منهم قتلوا على يد النظام السوري، بينما كانت فصائل المعارضة السورية مسؤولة عن مقتل اثنين، وقتل كل من تنظيم الدولة وروسيا إعلامياً، فيما قُتل 3 آخرون من قبل جهات مجهولة، وأشار التقرير إلى أنه تم توثيق مقتل 426 إعلامياً في سوريا منذ 2011، حتى نهاية شهر فبراير 2018.
وتضمن التقرير شهادات لعدد من الناشطين الإعلاميين المحاصرين داخل الغوطة، تحدثوا فيها عن الحملة العسكرية التي تشنها قوات النظام السوري على المنطقة، والتي أسفرت عن مقتل وجرح الآلاف من المدنيين، كما تحدثوا عن الصعوبات التي تواجههم أثناء قيامهم بعملهم لنقل الصورة الحقيقية لما يجري داخل الغوطة.
وقال مدير المركز إبراهيم حسين لـ«لشرق الأوسط»، إنه تم توثيق مقتل 426 إعلامياً منذ مارس 2011 وحتى نهاية فبراير 2018، غير أن تغييب الإعلاميين عن ساحات الحرب بسبب العنف المستخدم من قوات النظام، يدفع الطبيب المسعف إلى أن يوسع مجالات عمله الإنساني من إنقاذ الأرواح إلى توثيق المآسي وبثها عبر الإنترنت لتوصيل جرائم الحرب للرأي العام العالمي، جرائم ضد الإنسانية.
في الغوطة الشرقية كان على الطبيب حمزة الاختصاصي بطب الأطفال، الانتهاء من إسعاف الطفل عمران وشقيقته قطر الندى والفرح بنجاة الطفل والحزن على رحيل الطفلة، ليختطف دقائق قليلة ويلتقط صورة تبين ذهول عمران المجلل بالغبار في أول صحوة ويقول في تسجيل صوتي: «عمران عمره سنة وثلاثة أشهر فقط، وأخته المتوفاة قطر الندى عمرها خمسة أشهر. وصلا إليّ من مديرا بعد أن انهار منزل عائلتهما، وكنت في عربين، يوم الأربعاء 7 مارس في اليوم الذي قصف فيه كلورا على بلدة حمورية. كان هناك صعوبة في إسعافهما. أظن أن الطفلين كانا نائمين لحظة القصف. حاولت إنعاش الطفلة لكن الأمر لم ينجح. فيما خضع عمران لجراحة بسيطة جدا. وعندما صحا بدا مرتعبا لا يدري ما يدور حوله. كان واضحا أنه كان نائما».
بعد الانتهاء من معالجة عمران كتب الطبيب: «أعلم ما يجري... القصف هستيري»، وأرسل الصورة التي التقطها من هاتفه لتكون شاهدا على هول الصدمة التي عاشها عمران الغوطة.
أما الطبيب حمزة عضو في الجمعية الطبية السورية الأميركية التي تدير عدة مستشفيات في سوريا ومنها في الغوطة، وتشرف على توثيق قتلى ومصابي الحر، فإلى جانب عمله طبيبا يعمل حمزة على توثيق صور المصابين الذين يسعفهم، والناجين من القصف المنهال على الغوطة الشرقية التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها «الجحيم على الأرض».
صورة الطفل عمران تكاد تكون صورة مكررة من صورة الطفل عمران التي التقطت في حلب أكتوبر (تشرين الأول) 2016 لدى الهجوم الكبير الذي شنته قوات النظام والحلفاء الروس والإيرانيون لاستعادة السيطرة على كامل المدينة، الذي يبدو اليوم أنه يتكرر في الغوطة الشرقية وعلى نحو أشد ومجازر تطال الأطفال والمدنيين، مع فارق أن صورة عمران الحلبي صدمت الإعلام العالمي، فكان لها حضور دفع النظام إلى بذل جهده لتكذيبها، إلا أن صورة عمران الغوطاني التي تم تداولها على نحو أضيق، لم تنل ما تستحقه من اهتمام وسائل الإعلام الدولية، ربما لأن أذرع إعلام النظام الإلكترونية سارعت إلى تسخيفها، فقد بادر عدد كبير من المعلقين من الموالين للنظام إلى الاستهزاء بالصورة وتسخيف مآسي البشر في الغوطة. أو ربما لغزارة ما يتدفق من الغوطة من صور لضحايا أطفال يجعل تلك الصور تمر سريعا على شاشات تتلهف للجديد من الأخبار والفواجع. فلا تلفت الأنظار صورة للطفل ماهر، مثلا، الذي ظل متمسكا بسندويتشه الصغير المعد من خبز الشعير، طعام المحاصرين في الغوطة، لقد كان جائعا عندما أصيب ونقل النقطة الطبية، ولم يمنعه تدفق الدماء من رأسه من التمسك بالسندويتش، صوره الطبيب المسعف وأرسل الصورة إلى العالم لكن قلة من اهتم بذلك.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».