الجيش يصل إلى نقطة نزاع حدودي جنوباً ويثبت حقه في الحدود البرية والبحرية

اشترط على «يونيفيل» انسحاب القوات الإسرائيلية منها

TT

الجيش يصل إلى نقطة نزاع حدودي جنوباً ويثبت حقه في الحدود البرية والبحرية

أنجز الجيش اللبناني مهمته بالدخول إلى نقطة حدودية لبنانية تحتلها إسرائيل في منطقة الناقورة جنوب لبنان، ووضع علامة حدودية عليها بحضور قوات السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، واضعاً السلطة السياسية أمام مهمة العمل دبلوماسيا للضغط باتجاه انسحاب إسرائيل منها.
ورضخت إسرائيل لقرار الجيش اللبناني بالوصول إلى النقطة «B1» الحدودية مع فلسطين والكشف عليها، وهي تمثل نقطة انطلاق لتحديد الحدود البرية الجنوبية واستعادة النقاط التي تخرقها إسرائيل في تلك المنطقة. وكشف عليها الجيش اللبناني بمواكبة «اليونيفيل» أول من أمس الأربعاء.
وقال مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن هذه النقطة موجودة ضمن منطقة يوجد فيها الإسرائيليون، لافتاً إلى أن الاتصالات بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، أثمرت انسحاباً إسرائيلياً مؤقتا منها مكّن الجيش اللبناني من الدخول إليها ووضع العلامات الحدودية عليها، وهو شرط (الانسحاب) اشترطه الجيش ورضخت له إسرائيل.
وقال المصدر إن اللبنانيين، بوجود «اليونيفيل» ومحاضرها، أكدوا لبنانية النقطة الحدودية، لافتاً إلى أن تقريراً يعده لبنان سيرسل إلى الأمم المتحدة، مما يتيح للسلطة السياسية أن تبدأ مهمتها الدبلوماسية للضغط على إسرائيل للانسحاب منها نهائياً.
ويعد الكشف على النقطة الحدودية الأساسية لتثبيت الحدود و«حفظ حقوق لبنان بسيادته على أراضيه»، بحسب ما يقول المسؤولون، أول إنجاز عملي بعد أكثر من شهرين على انطلاق النزاع الحدودي الذي نشب على خلفية شروع إسرائيل ببناء جدار عازل بمحاذاة الحدود اللبنانية، ومزاعمها بملكيتها للبلوك البحري رقم «9» لاستخراج النفط والغاز من المياه الاقتصادية اللبنانية. وكانت إسرائيل تمانع دخول الجيش اللبناني إلى النقطة الحدودية منذ سنوات، رغم أنها مرسمة على الورق بحسب الخرائط التي يمتلكها لبنان.
وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤخرا أن إنجازا تحقق في الجنوب. وقال إن «لبنان سجّل نصراً جديداً على العدو الإسرائيلي فيما يتعلق بالحدود البرية والبحرية، من خلال دخول الجيش اللبناني وقوات (اليونيفيل) إلى ما تسمى النقطة (ب) وتأكيد الخرائط والوثائق اللبنانية بالدلائل والثوابت الحسية على الأرض».
وأوضحت مصادر الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» أن دخول الجيش اللبناني «ثبت القرائن النظرية بملكية لبنان للنقطة، بقرائن عملية تدحض ادعاءات إسرائيل، بوجود شاهد دولي هو (اليونيفيل)»، مؤكدة أن الجيش اللبناني «أخذ دوره ليثبت بالوقائع حق لبنان». وقالت المصادر إن ميزة ما حصل أن «لبنان ثبت حقه الآن بما يؤسس لترسيم الحدود البرية والبحرية»، عادّة أن تطور الإنجاز إلى إنجاز آخر مرتبط بترسيم الحدود «يتوقف على وجود نوايا وإرادة وتصميم دوليين».
وكان مصدر عسكري لبناني أكد لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الجيش دخل الأربعاء، بمواكبة «اليونيفيل»، إلى النقطة الحدودية «B1» وكشف عليها، مشدداً على أن الدخول إليها تمهيد لتثبيت النقطة الحدودية اللبنانية فيها، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن التثبيت يحتاج إلى إجراءات، وأن الجيش بصدد تنفيذها. وأكد المصدر أن «الجيش يعد هذه النقطة لبنانية، وتم الدخول إليها بمعية قوات (اليونيفيل)».
ويأتي هذا التطور بموازاة انعقاد مؤتمر «روما2» الذي يهدف لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية.
وتقع النقطة الحدودية «B1» في منطقة رأس الناقورة، في أقصى الساحل الجنوبي اللبناني، وهي نقطة انطلاق الحدود البرية الجنوبية. وقال اللواء الركن المتقاعد من الجيش اللبناني عبد الرحمن شحيتلي إن هذه النقطة «متفق عليها على الورق في ترسيم الحدود في 1923 واتفاقية خط الهدنة في 1949، كما أن ترسيم الخط الأزرق بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000 انطلق منها، علما بأن جيش العدو الإسرائيلي جنح عن الخط الجغرافي بعد هذه النقطة باتجاه العمق اللبناني في خرق واضح». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا خلاف عليها على الورق، لكن إسرائيل كانت تمنع الوصول إليها على الأرض، وهو ما يجعل وصول الجيش اللبناني إليها الآن، إنجازا، كونه استطاع إجبار إسرائيل على الاعتراف بها على الأرض».
شحيتلي الذي شغل مهمة تمثيل الجانب اللبناني في ترسيم الحدود في وقت سابق، لفت إلى أن الجيش يضغط على «اليونيفيل» منذ عام 2006 للوصول إلى النقطة الحدودية، مشيراً إلى أن موافقة «اليونيفيل» على مواكبة الجيش للوصول إلى النقطة والكشف عليها، تمهيداً لتثبيتها، تأتي بعد التوتر الذي أحاط بملف الحدود أخيراً، مضيفاً أن استراتيجية «اليونيفيل»... «تقوم على تخفيف التوتر ومنع أي حدث من أن يدهور الأوضاع على الأرض».
وبعد أن كشف الجيش على النقطة، رأى شحيتلي أن الخطوة الثانية «يجب أن تكون مرئية، بمعنى تثبيت العلامات الحدودية؛ ما يمنع إسرائيل من القيام بأي خرق لها بذريعة أنها غير مرئية»، عادّاً أن ما حدث «إنجاز يسجل للجيش».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».