سوق العقارات الألمانية تشهد تدفقاً للصينيين الأثرياء

انخفاض أسعار الفائدة والثقة في المستأجر يزيدان من الطلب على القطاع

أبرم المستثمرون الأجانب في العام الماضي نصف الصفقات العقارية التي تجاوزت 10 ملايين يورو (12.4 مليون دولار) في سوق الإسكان الألمانية
أبرم المستثمرون الأجانب في العام الماضي نصف الصفقات العقارية التي تجاوزت 10 ملايين يورو (12.4 مليون دولار) في سوق الإسكان الألمانية
TT

سوق العقارات الألمانية تشهد تدفقاً للصينيين الأثرياء

أبرم المستثمرون الأجانب في العام الماضي نصف الصفقات العقارية التي تجاوزت 10 ملايين يورو (12.4 مليون دولار) في سوق الإسكان الألمانية
أبرم المستثمرون الأجانب في العام الماضي نصف الصفقات العقارية التي تجاوزت 10 ملايين يورو (12.4 مليون دولار) في سوق الإسكان الألمانية

يجري حاليا بناء ناطحة سحاب وسط مدينة فرانكفورت توافق ذوق الأثرياء ممن يستثمرون أموالهم فيها تماما: سيصبح «غراند تاور» أطول مبنى سكني في ألمانيا، وسيحدد معيار المعيشة المترفة. وسيبلغ طوله 172 مترا وله إطلالة كاشفة على المدينة، سيكون به حارس مقيم وحديقة على السطح وشرفة تحت أشعة الشمس.
وحتى الآن، لم يظهر سوى الهيكل الخارجي لأول طابقين، ومع ذلك تم بيع جميع الشقق تقريبا. وفوق كل شيء، استحوذ المشترون الأجانب، الآسيويون بخاصة، على الشقق، وفقا لشركة «جيه إل إل ريزيدينتشال» للعقارات.
وتواجه سوق الإسكان الألمانية، وهي سوق محدودة بالفعل، ضغوطا إضافية من جانب العملاء الأثرياء من جميع أنحاء العالم. وأبرم المستثمرون الأجانب في العام الماضي نصف الصفقات العقارية التي تجاوزت 10 ملايين يورو (12.4 مليون دولار)، وفقا لدراسة أجرتها رابطة بنوك الرهن العقاري الألمانية «فاندبريف»، وإجمالا، تم استثمار 59 مليار يورو في المباني في ألمانيا العام الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف قيمة هذه الاستثمارات عام 2010.
وتعتبر ألمانيا كنزا للمستثمرين العقاريين الدوليين. كما تشكل البلاد حصنا للضمان القانوني والاستقرار السياسي والاقتصاد القوي، وهي أمور لا يجب التغاضي عنها في هذه الأوقات المضطربة التي يخيم عليها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وترمب وشركاؤه.
ويقول لوكاس زيبنكوتن، رئيس جمعية المستأجرين الألمان: «بالنسبة للمشترين الأجانب، لا شيء أفضل من المستأجر الألماني، الذي يحوز ثقتهم في سداد الإيجار في الموعد المطلوب». ويعتبر انخفاض أسعار الفائدة الذي يجبر كبار المستثمرين على دخول مجال العقارات عاملا رئيسيا آخر في اختيارهم لألمانيا. وإلى جانب المستثمرين الأميركيين، تظهر الآن على وجه الخصوص فئة من المستثمرين، وهم الأثرياء الصينيون.
وبحسب تحقيق لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» تبحث الطبقة الوسطى المتنامية في الصين عن فرص الاستثمار، لكن أسعار المنازل شهدت ارتفاعا هائلا، حيث وصل سعر المتر المربع في الشقق الواقعة بوسط بكين وشنغهاي لأكثر من 10 آلاف يورو، ويصل في بعض الحالات إلى 15 إلى 18 ألف يورو. وعلى النقيض من ذلك، تعتبر الأسعار الألمانية أرخص بكثير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ألمانيا تتمتع بسمعة طيبة في شرق آسيا.
يقول سفين كارستنزن، رئيس فرع شركة بولفينجيزا لخبراء العقارات في فرانكفورت: «لقد لاحظنا منذ فترة أن الصينيين نشطون للغاية في سوق الإسكان الألماني».
ووفقا لشركة روبينا العقارية، استثمر الصينيون عام 2016 في الخارج أموالا قياسية بقيمة 33 مليار دولار، بزيادة أكثر من 50 في المائة عن عام 2015، وسوف يستمر هذا الاتجاه.
ويقول كارستن هاينريش، العضو المنتدب لشركة روبينا: «في عام 2022، سيكون 76 في المائة من سكان الحضر في الصين من الطبقة الوسطى، أي أكثر من 550 مليون شخص».
يشار إلى أنه في مدن مثل شنغهاي وبكين، لا يسمح للأسر إلا بشراء عقارات لاستخدامها الخاص. و«النتيجة المنطقية هي أن المستثمرين سيبحثون عن بدائل».
وهناك سبب آخر مهم لإقبال الصينيين على العقارات في الخارج، وهو أن ثقة الطبقة الوسطى الجديدة في الاقتصاد الصيني المزدهر آخذة في الانخفاض، وبالتالي يرغب المستثمرون في إبقاء شطر من أموالهم في ملاذ خارجي آمن.
تجدر الإشارة إلى أن الصين تزيد من صعوبة إخراج المواطنين لأموالهم من البلاد. ومنذ فترة طويلة، تم تطبيق قاعدة الحد الأقصى لما يمكن أن يحوله كل فرد صيني من النقود سنويا إلى عملة أجنبية بما قيمته 50 ألف دولار.
يتعاون أفراد الأسرة معا لشراء العقارات في الخارج. وهناك ثغرات يفضلونها، مثل إجراء تحويلات مالية عبر المنطقة الإدارية الخاصة في هونج كونج، إلا أن بكين تتخذ إجراءات الآن لسد هذه الثغرات عن طريق فرض قيود جديدة لمحاولة الحد من تدفق الأموال خارج البلاد.
ولكن حتى الآن، لم تحقق هذه الوسيلة نجاحا كبيرا في إثناء المستثمرين الصينيين عن توجيه أموالهم إلى ألمانيا أو أستراليا أو الولايات المتحدة. وأهدافهم الرئيسية في ألمانيا هي فرانكفورت وبرلين وهامبورج وميونيخ.
وأضاف كارستنزن: «هناك بالفعل بعض السماسرة المتخصصين في التعامل مع العملاء الآسيويين».
ورغم أن الصينيين هم فئة واحدة فقط من المشترين، فإنهم يسهمون في ارتفاع الطلب في المدن الألمانية، فهم لا يشترون المباني الفاخرة فحسب، بل ينتشرون في جميع شرائح السوق.
وأضاف هاينريش، العضو المنتدب لشركة روبينا ومقرها برلين، أن استفسارات العملاء الصينيين زادت أكثر من الضعف خلال السنوات الأربع الماضية.
والعديد من العملاء مهتمون بشراء شقق مكونة من غرفة أو اثنتين تتراوح أسعارها بين 250 و400 ألف يورو. كما يضع المستثمرون الأجانب، بمعاييرهم العالية، بصمتهم على السوق.
وتستهدف هذه السوق الآن في الغالب المشترين الموسرين فقط، وبدرجة أقل ذوي الدخول المتوسطة، حسبما أوضحت شركة «إي واي» للاستشارات، وأضافت: «في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الشقق الصغيرة التي تباع بأسعار عالية».


مقالات ذات صلة

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جرى توقيع المذكرة بحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل ووزير المالية محمد الجدعان وممثلي «السعودية لإعادة التمويل» وشركة «حصانة» (الشرق الأوسط)

«السعودية لإعادة التمويل العقاري» تُوقع مذكرة مع «حصانة» لتعزيز السيولة وتقديم فئة أصول جديدة

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية تهدف إلى تعميق وتوسيع نطاق أسواق المال بالمملكة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.