معركة باسيل ـ فرنجية ـ جعجع في دائرة «الشمال الثالثة» تُحرج الحريري

«المستقبل» يتجه لتوزيع أصواته على اللوائح الثلاث

TT

معركة باسيل ـ فرنجية ـ جعجع في دائرة «الشمال الثالثة» تُحرج الحريري

يُجمع الخبراء الانتخابيون على أن المعركة الانتخابية المرتقبة في دائرة «الشمال الثالثة»، التي تضم أقضية بشري والبترون والكورة وزغرتا، ستكون أبرز المعارك التي سيشهدها لبنان في السادس من مايو (أيار) المقبل، موعد الاستحقاق النيابي، تبعاً لشكل التحالفات فيها، وللأبعاد التي تتخذها، إذ يخوض «التيار الوطني الحر»، بشخص رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، المواجهة بلائحة تتنافس مع لائحة أخرى يشكلها حزب «القوات اللبنانية»، كما مع لائحة ثالثة يشكلها تيار «المردة»، ما يعطيها طابع المنافسة على رئاسة الجمهورية، خصوصاً أن رؤساء هذه الأحزاب يطمحون لخلافة الرئيس الحالي العماد ميشال عون، بعد انتهاء ولايته في عام 2022.
ويشكل الناخبون المسيحيون الكتلة الناخبة الأكبر في هذه المنطقة، إذ يبلغ عددهم نحو 221 ألف ناخب، من أصل 246 ألفاً، هو عدد الناخبين في هذه الدائرة. وتشكل أصوات الناخبين السنة، التي تبلغ تقريباً 22 ألفاً، يُرجح أن يصوت نصفهم، رافعة لأي من اللوائح الـ3 تساعدها على كسب مقعد نيابي إضافي. وتكمن المفارقة في أن رئيس الحكومة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري على علاقة جيدة بكل من باسيل وسمير جعجع والنائب سليمان فرنجية، ما يضعه في موقع محرج، ويرجح فرضية توزيع الأصوات السنية على اللوائح الثلاث، خصوصاً أنه ليس هناك مقعد سني في الدائرة المذكورة التي تضم 10 مقاعد موزعة بين مقعدين مارونيين في بشري، ومقعدين مارونيين في البترون، و3 مقاعد للروم الأرثوذكس في الكورة، و3 مقاعد للموارنة في زغرتا.
وبحسب آخر المعلومات، فإن التوجه هو لترك «المستقبل» للناخبين السنة حرية الاختيار بين اللوائح الـ3، مع التمني أن يُعطى الصوت التفضيلي لباسيل في البترون، وللنائب فادي كرم عن «القوات» في الكورة، ولنجل النائب سليمان فرنجية، طوني فرنجية، في زغرتا.
ولا تزال قيادة «المستقبل» على تواصل مع الفرقاء كافة، وهي لم تحسم حتى الساعة قرارها، كما تؤكد مصادر قيادية في التيار الذي يرأسه الحريري، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المشهد يصبح أوضح مع انتهاء الأحزاب في المنطقة من تشكيل لوائحها وإعلان أسماء مرشحيها، خصوصاً أن الأمر ليس مرتبطاً بدائرة الشمال الثالثة حصراً، بل بالمفاوضات الحاصلة في دوائر أخرى، لعل أبرزها دائرة عكار المتاخمة. وقد تم التداول في وقت سابق بتفاهم بين «المستقبل» و«الوطني الحر» على سير الأخير بترشيح النائب هادي حبيش في عكار، على أن يحصل على مقعد أرثوذكسي واحد في الدائرة مقابل حصوله على أصوات الناخبين السنة كاملة في البترون، إلا أنه يبدو أن هذا التفاهم يخضع لإعادة نظر، في ظل سعي الحريري لضم «القوات» إلى التحالف في عكار، وتبني ترشيح مرشحها العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، ما قد ينعكس على المشهد في البترون.
وترجح مصادر قيادية في «القوات» و«المردة» على حد سواء أن يوزع «المستقبل» أصواته في «الشمال الثالثة» على اللوائح الـ3، وتقول مصادر «المردة» لـ«الشرق الأوسط» إنّها لا تتوقع أن يخوض الرئيس الحريري معركة كسر عظم في المنطقة، فيدعم أحد الفرقاء بوجه الآخرين، خصوصاً أنه لا مقعد سنياً في الدائرة المذكورة.
وتضيف المصادر: «نحن على تواصل مع قيادة المستقبل، وهي حتى الساعة لم تتخذ قرارها النهائي. أما نحن، فقد حسمنا تقريباً تحالفاتنا، وسنكون إلى جانب النائب بطرس حرب والحزب السوري القومي الاجتماعي. وتشير الإحصاءات إلى أننا سنحصد 4 مقاعد من أصل 10 بشكل مؤكد، ونخوض المعركة على مقعد خامس».
أما القيادي في «القوات»، فرجح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يُبقي الرئيس الحريري المساحة مفتوحة في «الشمال الثالثة»، ليختار الناخبون السنة الأقرب إليهم، لافتاً إلى أن إعطاء أصواتهم لـ«القوات» في الكورة أمر شبه محسوم نظراً لحلف الحريري - مكاري وحلف مكاري - القوات.
ويبلغ عدد الناخبين السنة في قضاء الكورة نحو 13 ألفاً، وفق رئيس مركز بيروت للأبحاث والمعلومات، عبدو سعد، فيما يتوزع ما بين 5 و6 آلاف صوت على باقي الأقضية. ويشير سعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الصوت السني قادر على تأمين حاصل انتخابي، وبالتالي ضمان فوز أحد الفرقاء بمقعد نيابي إضافي، لافتاً إلى أنه إذا صبت كامل الأصوات السنية لمصلحة لائحة «الوطني الحر»، فستكون قادرة على تحصيل مقعدين نيابيين، باعتبار أن مقعد الوزير باسيل محسوم في البترون، أما «المردة» فمن المرجح أن يحصل على 4 مقاعد، ومقعد للقومي و3 مقاعد لـ«القوات».
كان مرشح «القوات اللبنانية» في البترون فادي سعد قد تحدث قبل يومين عن رغبة وترحيب حزبه بالتحالف مع «الكتائب اللبنانية» في دائرة الشمال الثالثة، وتحديداً مع النائب سامر سعادة في البترون، لافتاً إلى أن قواعد الحزبين تضغط في هذا الاتجاه. لكن مصادر قيادية كتائبية استبعدت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» التوصل لتفاهم انتخابي مع «القوات» في «الشمال الثالثة»، ورجحت التحالف مع مجموعة من المستقلين، ما سيرفع عندها عدد اللوائح في الدائرة المذكورة إلى 4.
وحتى الساعة، لا يبدو أن رئيس «حركة الاستقلال»، ميشال معوض، قد حسم أمره لجهة الانضمام إلى لائحة «الوطني الحر» أو «القوات»، إذ لا يزال - بحسب المعلومات - يفتح خطوطاً مع الفريقين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».