الأمم المتحدة تصادق بالإجماع على انتخاب الأمير زيد بن رعد مفوضا ساميا لحقوق الإنسان

قال إنه سيكون أول «مفوض أعلى» من القارة الآسيوية والعالم العربي والإسلامي

الأمم المتحدة تصادق بالإجماع على انتخاب الأمير زيد بن رعد مفوضا ساميا لحقوق الإنسان
TT

الأمم المتحدة تصادق بالإجماع على انتخاب الأمير زيد بن رعد مفوضا ساميا لحقوق الإنسان

الأمم المتحدة تصادق بالإجماع على انتخاب الأمير زيد بن رعد مفوضا ساميا لحقوق الإنسان

صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت متأخر من مساء أول من أمس على تعيين الأمير زيد بن رعد الحسين، سفير الأردن لدى المنظمة الدولية، في منصب المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان خلفا للجنوب أفريقية نافي بيلاي.

وسيتولى الأمير زيد مهام منصبه الجديد في الأول من سبتمبر (أيلول) لولاية من أربع سنوات برتبة وكيل الأمين العام، بعد أن كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اقترح تعيينه في هذا المنصب أخيرا.

وقال المفوض الأعلى الجديد في كلمة من على منبر الجمعية العامة بعيد المصادقة على تعيينه إنه «يتشرف بهذه الثقة الغالية»، مذكرا بأنه سيكون «أول مفوض أعلى من القارة الآسيوية والعالم العربي والإسلامي»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف الأمير زيد: «مما لا شك فيه أن هذا الأمر يعكس تماما التزام المجتمع الدولي تجاه هذا الملف ويدفعه إلى الأمام في هذه القارة من العالم وغيرها من المناطق، آخذين بعين الاعتبار استقلالية وولاية المفوضية المحكومة بقرار الجمعية العامة رقم 141 وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات اللاحقة له وإعلان فيينا لعام 1993 والوثيقة النهائية لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005».

وأوضح أن ملف حقوق الإنسان هو «ملف مليء بالمسؤوليات والتحديات الضخمة وعمله سيتطلب حكمة ومستوى عاليا من التنسيق والتواصل مع الحكومات المختلفة والمجتمع المدني وجميع أجهزة الأمم المتحدة». وأعرب عن شكره على الدعم والثقة التي أظهرتها الجمعية العامة كما أبدى تقديره لبيلاي على مساعيها «الشجاعة»، قائلا إنه يشعر بالفخر أن يكون خليفة لها.

وكانت الجمعية العامة، عند إنشاء هذا المنصب، اشترطت في قرارها رقم 141-48 بشأن المفوض السامي لحقوق الإنسان، أن يكون شخصا يتحلى بأخلاق رفيعة ودرجة عالية من النزاهة الشخصية ويتمتع بالخبرة الفنية، بما في ذلك الخبرة في ميدان حقوق الإنسان، ويكون لديه من المعرفة العامة والفهم للثقافات المتنوعة، ما يلزم لأداء واجباته بحياد وموضوعية وفعالية. وكان الأمير زيد عين مرتين سفيرا لبلاده لدى الأمم المتحدة، كما سبق له أن عمل سفيرا للأردن لدى كل من الولايات المتحدة والمكسيك.

ويمثل الأمير زيد حاليا بلاده في مجلس الأمن الدولي، بعد انتخاب المملكة الأردنية الهاشمية في ديسمبر (كانون الأول) 2013 عضوا في مجلس الأمن لعامين اعتبارا من الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بعد أن رفضت المملكة السعودية هذه العضوية. ويحمل الأمير زيد درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة كمبردج البريطانية وهو من مواليد عام 1964. وكان مجلس الوزراء الأردني قرر تعيين السيدة دينا قعوار خلفا له مندوبا دائما لدى الأمم المتحدة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.