فنزويلا... بؤرة قلق أميركا اللاتينية

انتخابات رئاسية مقبلة وسط ارتفاع أعداد النازحين وتفاقم الأزمات الإقليمية

فنزويلا... بؤرة قلق أميركا اللاتينية
TT

فنزويلا... بؤرة قلق أميركا اللاتينية

فنزويلا... بؤرة قلق أميركا اللاتينية

تعيش فنزويلا المضطربة اليوم أجواء تأجيل بسيط أُقرّ قبل أيام للانتخابات الرئاسية المقدّمة عن موعدها الأصلي. إذ أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الفنزويلية أخيراً تأجيل موعد إجراء الانتخابات من مايو (أيار) المقبل إلى يونيو (حزيران) المقبل، وهذا مع العلم أن السلطات اليسارية برئاسة الرئيس نيكولاس مادورو كانت قبلاً قد قدّمت موعد الانتخابات الذي كان يفترض أن يكون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل مع نهاية فترة ولاية مادورو.
تصرفات مادورو ضربت عرض الحائط بالمبادرات الدولية ومطالبات المعارضة لإجراء الانتخابات في يونيو المقبل، كما جاءت مطالبات الرئيس نيكولاس مادورو بالإسراع بالعملية الانتخابية لتنسف جهود حل الأزمة في جمهورية الدومينيكان التي تحتضن محادثات المعارضة الفنزويلية وأطراف الحكومة برعاية إقليمية ودولية، ويتعقد المشهد وتعلن الدولة الحاضنة للمفاوضات على لسان رئيسها دانيلو مادينا تعليق المحادثات إلى أجل غير مسمى.
أخذت أزمة فنزويلا حيزاً كبيراً من جولة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في أميركا اللاتينية، وجعلته يتحدث عنها في كل محطاته التي شملت كلاً من المكسيك والأرجنتين والبيرو وكولومبيا، واختتمت بجامايكا.
هذه الأزمة أصبحت تلقي بظلالها على كل دول الإقليم، وبخاصة كولومبيا «جارة فنزويلا» إلى الغرب التي تشارك فنزويلا حدوداً تتخطى مئات الكيلومترات، وعبر هذه الحدود يتدفق يومياً آلاف النازحين والفارين من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها.
هذا الوضع دفع كولومبيا، وأيضاً البرازيل (إلى الجنوب)، إلى تعزيز مراقبة حدودهما مع فنزويلا، ونشر آلاف عناصر الأمن والهجرة لضبط الحدود وحركة النازحين، ولا سيما، مع وصول معدلات التضخم في فنزويلا إلى أرقام قياسية تخطت 4000 في المائة، وخسارة «البوليفر» (العملة الفنزويلية) أكثر من 85 في المائة من قيمتها في دولة تعد من أغنى بلدان العالم بالنفط.
بالطبع اختيار الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أساساً تقديم موعد الانتخابات من ديسمبر إلى مايو، ليس اعتباطياً، وبخاصة، أنه يأتي في وقت حساس. تحديداً، قبيل إعلان كوبا تولّي زعامة جديدة للجزيرة الشيوعية تحل محل عائلة كاسترو في الحكم، مع تنحي الرئيس الحالي راؤول كاسترو وابتعاده عن المشهد السياسي. والمعروف أن كوبا هي محرك اليسار الأميركي اللاتيني والدولة الداعمة لقيادة فنزويلا الحالية. كذلك، يتزامن التقديم بعد انعقاد «قمة الأميركتين» في البيرو، وهي القمة التي سيحضرها زعماء أميركا الشمالية والجنوبية بحضور الرئيس دونالد ترمب؛ ما سيمكن فنزويلا من الحضور بحلة جديدة وسط أزمتها السياسية الطاحنة.
المعارضة الفنزويلية اليمينية والليبرالية، من جانبها انتقدت التحركات الحكومية الأخيرة، ووصفت تقديم موعد الانتخابات من (ديسمبر إلى مايو - قبل التأجيل البسيط ليونيو) بـ«المناورة غير الشرعية»، من منطلق أن الفترة الرئاسية للرئيس مادورو ستنتهي في ديسمبر بنهاية العام الحالي. ومن ثم، فإنها ترى أن الغاية من تقديم الموعد مباغتة المعارضة، ومنعها من تنظيم صفوفها؛ ما يضعف إمكانية خوضها المعركة الانتخابية بالشكل المأمول. وبالفعل، أصابت خطوة السلطات اليسارية المعارضة بحالة من التوتر دفعتها للإقرار بأنها «تلقت ضربة أذهلتها»، على لسان كبير مفاوضي الفريق المعارض للحكومة خوليو بورغيس.

موقف أوروبي قاطع
نواب في البرلمان الأوروبي، من جهتهم، طالبوا بتوسيع العقوبات المفروضة على فنزويلا «لتطاول» الرئيس نيكولاس مادورو، وحذروا من أن الاتحاد الأوروبي لن يعترف بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة «إلا إذا كانت حرة».
وطلب النواب الأوروبيون خلال جلسة حضرها جميع الأعضاء في مقر البرلمان بمدينة ستراسبورغ (شمال فرنسا)، بتأييد 480 نائباً ومعارضة 51 وامتناع 70 عن التصويت، توسيع العقوبات المفروضة على أبرز المسؤولين الفنزويليين «بعد تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية». وكان في طليعة المستهدفين بالعقوبات الرئيس مادورو ونائبه طارق العيسمي والمسؤولون العسكريون الرئيسيون.
وجاء في بيان للبرلمان: إن «الاتحاد الأوروبي لن يعترف بالانتخابات إلا إذا كانت حرة ومنصفة». كما أضاف البيان إن «الانتخابات الوحيدة التي سيعترف بها الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، بما في ذلك البرلمان، هي انتخابات تقوم على جدول زمني انتخابي واقعي، يتفق عليه في إطار حوار وطني بين كل الأطراف المعنيين والأحزاب السياسية، مع شروط مشاركة مماثلة للجميع تكون منصفة وشفافة».
ما تجدر الإشارة إليه أن الرئيس مادورو، وريث الرئيس اليساري العسكري الراحل هوغو تشافيز، مرشح في هذا الاقتراع. وكانت فيديريكا موغيريني، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، قد قالت أمام النواب الأوروبيين، إنه «يجب تحاشي فرض ظروف مفتعلة للحد من مشاركة الأحزاب السياسية». وعلى جانب آخر، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً أولياً بسبب تقارير تفيد بأن قوات الأمن في فنزويلا تستخدم العنف المفرط ضد المتظاهرين منذ عام 2017، وأعلنت المحكمة، التي تتخذ من لاهاي (هولندا) مقراً لها، أنها ستبحث في الادعاءات المتعلقة باعتقال الآلاف من أفراد المعارضة، بالإضافة إلى الانتهاكات التي يواجهونها خلال الاعتقال.

احتجاجات منذ سنة
تجدر الإشارة إلى أن فنزويلا تشهد احتجاجات منذ أبريل (نيسان) الماضي، حين تحرك الرئيس مادورو لتعزيز سلطاته. وكما سبقت الإشارة، رغم تمتع فنزويلا باحتياطيات نفطية تعد بين الأضخم في العالم بها، فإنها تعاني من التضخم ونقص السلع الأساسية. وفي تقرير صدر في أغسطس (آب) 2017، خلص مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن استخدام قوات الأمن القوة المفرطة بهدف وقف المظاهرات وعنف الجماعات المسلحة الموالية لمادورو كان وراء سقوط 70 قتيلاً على الأقل. ومن ثم، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تقرر في مرحلة لاحقة، استناداً إلى المعلومات التي تم جمعها خلال التحقيق الأولي، فتح تحقيق رسمي بالواقعة.
بجانب هذا المشهد المعقد، تضاف حزمة العقوبات المفروضة على سلطات كاراكاس من كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إذ فرضت واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي عقوبات استهدفت قيادات بارزة في إدارة الرئيس مادورو كذلك طالت العقوبات قطاع النفط في البلاد، وبخاصة شركة النفط الوطنية. وهو ما دفع وزير الخارجية تيلرسون للقول إن الولايات المتحدة ستضع في اعتبارها تأثير أي حظر نفطي محتمل ضد فنزويلا، على دول أخرى في المنطقة. وأضاف تيلرسون، الذي كان يتكلم في مدينة كينغستون، عاصمة جامايكا - المحطة الأخيرة في جولته والدولة الوحيدة غير اللاتينية في برنامج جولته بأميركا اللاتينية، إن بلاده «ستأخذ في الاعتبار بشكل كامل التأثيرات على الدول الإقليمية، وسيصار إلى النظر في الإجراءات التي قد تتخذها واشنطن للتخفيف من الآثار السلبية». أيضاً، أشار تيلرسون إلى إنه بحث هذه المسألة مع رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنيس. من ناحية أخرى، جاءت تصريحات تيلرسون بعدما كان قد أثار إمكانية فرض حظر نفطي على فنزويلا خلال زيارة للأرجنتين. وفي المقابل، قال الرئيس الفنزويلي مادورو، إن بلاده «ستواجه مثل هذا الحصار؛ لأن دولاً غير الولايات المتحدة مستعدة لشراء النفط منها».

واشنطن تزيد الضغط
كانت التركيز في محطات جولة تيلرسون في المكسيك والأرجنتين والبيرو وكولومبيا، وأخيراً جامايكا، على زيادة الضغط على فنزويلا. ومعلوم أن واشنطن تتهم السلطات اليسارية الحاكمة في العاصمة كاراكاس بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وبجانب الموقف السياسي السلبي الأميركي أساساً من الحكم الفنزويلي، ابتداءً من الرئيس السابق الراحل تشافيز، والمستمر بعده في عهد خلفه مادورو، أسهم في معاناة فنزويلا الاقتصادية والسياسية تراجع أسعار النفط. كذلك، تتهم واشنطن وقوى المعارضة التي تدعمها واشنطن مادورو وحكمه – ومن قبله حكم تشافيز - بسوء الإدارة طال لسنوات. واليوم، أدى التضخم المتصاعد إلى نقص الغذاء والمعاناة المعيشية؛ ما دفع مئات الآلاف من الفنزويليين إلى عبور الحدود إلى كولومبيا.

روسيا والصين
تداعيات الأزمة الفنزويلية امتدت أكثر في الآونة الأخيرة، لتشمل علاقة كاراكاس مع كل من موسكو وبكين. إذ تتهم المعارضة اليمينية الفنزويلية المدعومة من واشنطن، حكومة الرئيس مادورو بالاستعانة بالصين لدعم الاقتصاد الفنزويلي. كذلك، تتهمها بشراء السلاح من روسيا بحيث تغدو فنزويلا محوراً إقليمياً أساسياً في القارة الأميركية للإقليم، يمكن أن يؤدي إلى احتكاك بين الصين والولايات المتحدة.
ولقد ردت وزارة الخارجية الصينية أخيراً على تهم المعارضة الفنزويلية، وكذلك اتهام وزارة الخزانة الأميركية لبكين بمساعدة حكومة مادورو «من خلال استثمارات غامضة قائمة على مبدأ النفط مقابل القروض»، فقالت: إن دعم الصين لفنزويلا «عاد على المواطنين الفنزويليين العاديين بالفائدة، ولاقى ترحيباً كبيراً». فلقد كان ديفيد مالباس، كبير الدبلوماسيين الاقتصاديين بوزارة الخزانة الأميركية، قد ادعى في خطاب ألقاه بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «أن تركيز الصين على السلع وصفقات التمويل الغامضة أضر بدول المنطقة بدلاً من أن يساعدها». وجاء انتقاد مالباس دور الصين في مساعدة سلطات كاراكاس بعد طرح وزير الخارجية تيلرسون «احتمال وقوع انقلاب عسكري» في فنزويلا.
غير أن المتحدث باسم الخارجية الصينية، تشينغ شوانغ، رد على المواقف الأميركية بالقول: إن «التعاون المالي بين الشركات والمؤسسات في البلدين يقوم على مبدأ تبادل المنفعة». وأردف المتحدث الصيني: إن «القروض تتماشى تماماً مع المعايير الدولية، وعادت بالنفع على شعب فنزويلا... وما قالته الولايات المتحدة لا أساس له ويتسم بانعدام مسؤولية شديد».
كذلك، أشار المتحدث الصيني إلى أن «التعاون بين الصين وفنزويلا ساهم في بناء أكثر من عشرة آلاف منزل منخفض التكلفة، وتوليد الكهرباء، وتوفير الأجهزة المنزلية لثلاثة ملايين أسرة فنزويلية منخفضة الدخل». واستطرد قائلاً: إن التعاون بين الصين وفنزويلا «دفع التنمية الاجتماعية الاقتصادية في فنزويلا إلى الأمام، وقوبل بالترحيب والدعم من كل المستويات في المجتمع». وضمن هذا الإطار، سبق للصين أن اتهمت من جانبها واشنطن بأنها «لا تحترم أميركا اللاتينية»، وذلك بعدما حذر الوزير تيلرسون دول أميركا اللاتينية «من الاعتماد الزائد على الروابط الاقتصادية مع الصين».

الهجرة أزمة لدول الجوار
أوضاع الشوارع والمباني في المدن الفنزويلية، وفق المصادر الغربية، موجع للغاية، وتزداد الأوضاع سوءاً يوماً بعد يوم. وقال أحد سكان العاصمة كاراكاس في مقابلة صحافية: «الحزن يعم الجميع هناك. لا أمل لأحد الآن، ولا يعرف أحد ما يجب القيام به. لقد سئم الجميع كل شيء، وخيبة الأمل منتشرة في كل مكان... يشعر الجميع بالضياع التام».
هذا المشهد يعبر عنه بوضوح منظر وصول الآلاف من رعايا فنزويلا في كل يوم إلى كولومبيا. بعضهم يبحث عن المواد الغذائية الأساسية أو عن الأدوية، وبعضهم الآخر يبحث عن مستقبل لحياته. لكن الواقع أنه، يستحيل الوقوف على الرقم الحقيقي للاجئين والنازحين الفنزويليين الذين يعيشون اليوم في المدن الكولومبية؛ إذ إن كثيرين منهم يعيشون هناك بصورة غير مشروعة أو بصفة مؤقتة.
وكالة «الهجرة في كولومبيا» تشير إلى أن عشرات الآلاف من رعايا فنزويلا يعيشون حالياً في البلاد. وتعكس هذه الأرقام حالة الدعم الاجتماعي التي توفرها الحكومة الكولومبية اليمينية للنازحين الذين يغادرون البلاد المأزومة، وهي السياسة التي تثير توتراً جديداً بين حكومتي البلدين. وبالمناسبة، كانت الولايات المتحدة أيدت تقديم الدعم المالي إلى كولومبيا لاحتواء الأزمة. غير أن كولومبيا ليست بالضرورة الوجهة الوحيدة للفنزويليين الراغبين بمغادرة بلدهم. فمن المقاصد الأخرى المفضلة للفنزويليين الولايات المتحدة وإسبانيا، ولا سيما بالنسبة لأولئك الذين لديهم صلات عائلية هناك. يضاف إلى ذلك، رصد ميل واضح للهجرة إلى الأرجنتين وتشيلي، في أقصى الطرف الجنوبي من قارة أميركا اللاتينية.

مادورو ابن «الطبقة العمالية»
- من هو الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وريث الزعيم اليساري السابق هوغو تشافيز؟
اسمه الكامل هو نيكولاس مادورو موروس، ويبلغ من العمر 55 سنة. وهو متزوج من سيليا فلوريس، التي هي أيضاً من وجوه الحركة التشافيزية وكانت مدعية عامة سابقة للجمهورية.
نشأ مادورو في حي تقطنه الطبقة الوسطى بالعاصمة كاراكاس، حيث ناضل في مرحلة الدراسة الثانوية، كما كان عازف غيتار في فرقة روك إبان فترة مراهقته. وفي المرحلة الجامعية، أمضى سنة في دراسة العلوم السياسية في كوبا. كما كان في شبابه سائق حافلات، كما كان قيادياً في نقابة مترو كاراكاس. ويقال إنه كان موضع سخرية في بداياته السياسية، لكنه حزم منذ 2013 تولى مقاليد الحكم في فنزويلا.
المحلل السياسي الأميركي مايكل شيفر، قال في معرض تقييمه تجربة مادورو وشخصيته: «كثيرون قللوا من شأنه، بل ثمة من نعاه سياسياً منذ أن أصبح رئيساً. لكن، على الرغم من تعدد المظاهرات المناوئة وشبه إفلاس البلاد وتدهور الشعبية، لا شيء كما يبدو يهز سلطته. وهذا، مع أنه لا يتمتع بجاذبية سلفه الراحل هوغو تشافيز ولا فصاحته».
من ناحية ثانية، يقول عنه فيليكس ساياس، مدير معهد ديلفوس للاستطلاعات: «مادورو شخص ماهر جداً في تحقيق التوازنات، ونجح في تقسيم السلطة داخل التيار التشافيزي الذي كانت له القبضة الحديدية في حكم البلاد إبان الرئيس الراحل تشافيز. هذا أكسبه السلطة اللازمة لفرض ترشحه للانتخابات الرئاسية». وأردف ساياس: إنه «يملك نوعاً من الجرأة السياسية. وبعدما رشحه الحزب الاشتراكي الموحد (الحاكم) رسمياً للانتخابات الرئاسية، من المتوقع أن يحكم نيكولاس مادورو في حال فوزه فنزويلا حتى عام 2025، وحين لا يكون في جولة ميدانية في العاصمة كاراكاس، فإنه يشاهد صباحاً عبر قناته على (يوتيوب) وبيده كأس من الشاي جلبته زوجته سيليا فلوريس، وهو يخاطب الفنزويليين».
ويتابع ساياس قراءته في شخصية الرئيس اليساري: «سلطته مصدرها تشافيز، الذي كان قد رشحه لخلافته قبل وفاته، إلا أننا الآن إزاء مادورو آخر مختلف... مادورو يدرك أنه أقوى؛ ولذا فهو هو أكثر شراسة». وحقاً، مع ظهور يومي وخطابات مطولة وتصريحات مناهضة للإمبريالية، يشبه مادورو كثيراً سلفه ومرشده تشافيز، الذي كان حكم فنزويلا بين 1999 و2013، إلا أن تصرفات مادورو دفعت رجال حقبة تشافيز لانتقاده ومن هؤلاء رافايل راميريز، سفير فنزويلا الأسبق لدى الأمم المتحدة، الذي أقيل من منصبه في ديسمبر 2017 من منصبه بتهمة الفساد. ومما قاله راميريز – الذي يدعي متابعون أن مادورو تخلص منه بعدما رأى البعض فيه منافساً محتملاً له: إن مادورو «أفرط في استغلال اسم تشافيز وصورته، لكنه مهما فعل فلن يشبه تشافيز».
مع هذا، فإن الرئيس اليساري الطموح والشعبوي عمل على تحسين صورته. فهو يصف نفسه دائماً بأنه رئيس «جاء من طبقة العمال»، ويقود سيارته الرباعية الدفع، ويسخر من لكنته حين يتحدث بالإنجليزية ويرقص «السالسا»، ثم إنه لا يكاد يغيب عن وسائل التواصل الاجتماعي.
وعنه قال مسؤول في القطاع الخاص، كان على اتصال به حين كان وزيراً للخارجية: إنه «يملك أسلوباً بسيطاً. وهو لا يفقد حسه الفكاهي حتى عندما تغرق البلاد. إنه خطيب جيد، لكنه ليس تشافيز».
جدير بالإشارة، أن مادورو تولى منذ 2006 وزارة الخارجية في عهد سلفه تشافيز، الذي عينه لاحقاً نائباً للرئيس في أعقاب بالانتخابات الرئاسية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، وعند وفاة تشافيز، أصبح مادورو رئيساً بالوكالة. ثم انتخب رئيساً.
هذا، وتشمل مسيرة مادورو أيضاً، توليه لفترة قصيرة رئاسة الجمعية الوطنية (البرلمان) في الفترة بين عام 2005 وعام 2006. وفي عام 1998 فاز بأول ولاية له نائباً في البرلمان تحت راية «حركة الجمهورية الخامسة» التي أسسها تشافيز الذي وصل إلى السلطة في العام ذاته. وكان الرجلان التقيا أيضاً في صلب «الحركة الثورية البوليفارية» التي أسسها تشافيز أيضاً، وقاد إبان رئاسته لها انقلاباً فاشلاً ضد الرئيس كارلوس أندرياس بيريز في 1992.



ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
TT

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.

الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).

فريدريش ميرتز (آجنزيا نوفا)

اليمين عائد... لكن!

هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

عقبة البيروقراطية

من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.

وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.

نقاط خلافية جدّية

ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».

قضية الإنفاق العام

شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.

هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.

الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.

وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.

كريستيان ليندنر (رويترز)

الاقتصاد أساس الأزمة

نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.

مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.

من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.

علاقة الاشتراكيين بروسيا

من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.

في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.

وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.

وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.

على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب

في ملف العلاقات الاقتصادية

أولاف شولتس (رويترز)

تبعات عودة ترمب

في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.

ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.

حسابات الانتخابات المقبلة

عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.

من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.