دوالي أوردة الساقين.... مضاعفات جديدة

أسباب متعددة لنشوئها ووسائل للوقاية منها

مرض دوالي الأوردة المصابة (يسار) مقارنة بالأوردة السليمة
مرض دوالي الأوردة المصابة (يسار) مقارنة بالأوردة السليمة
TT

دوالي أوردة الساقين.... مضاعفات جديدة

مرض دوالي الأوردة المصابة (يسار) مقارنة بالأوردة السليمة
مرض دوالي الأوردة المصابة (يسار) مقارنة بالأوردة السليمة

أكدت دراسة طبية حديثة واسعة لمجموعة باحثين من تايوان أن ثمة علاقة فيما بين دوالي أوردة الأطراف السفلية Varicose Veins، في الساقين والفخذين، وبين ارتفاع احتمالات خطورة الإصابة بمضاعفات مرضية تفوق التي يتم ذكرها عادة عند الحديث عن دوالي الأوردة.
دوالي الأوردة
وتكتسب نتائج هذه الدراسة الطبية أهمية علمية نظراً إلى طول المدة الزمنية في متابعة المصابين بدوالي أوردة الساقين لمعرفة نوعية المضاعفات المرضية التي تنشأ لديهم، وأيضاً لاشتمالها على عدد كبير من الناس في المقارنة بين المصابين وغير المصابين بدوالي الأوردة. ووفق ما تم نشره ضمن عدد 27 فبراير (شباط) من مجلة جاما الطبية JAMA، الصادرة عن رابطة الطب الأميركية، شمل الباحثون في دراستهم نحو نصف مليون شخص ممنْ متوسط أعمارهم 55 سنة، وتمت متابعتهم لمدة 14 سنة، من عام 2001 إلى عام 2014.
وتعتبر دوالي أوردة الساقين أحد الأمراض الشائعة جداً على مستوى العالم، وعلى سبيل المثال تشير الإحصائيات البريطانية أن نحو 25 في المائة من النساء و15 في المائة من الرجال لديهم دوالي الأوردة، كما تشير الإحصائيات الطبية الأميركية إلى أن دوالي الأوردة تصيب نحو 23 في المائة من السكان في الولايات المتحدة.
هذا ولا تزال إصدارات الهيئات الطبية العالمية المعنية بأمراض الأوعية الدموية، مثل الإصدارات الحديثة للمؤسسة القومية الأميركية لأمراض القلب والرئة والدم NHLBI، تذكر عدداً من المضاعفات المحتملة لوجود الدوالي في أوردة الأطراف السفلية، مثل التسبب بالتهابات الجلد Dermatitis والقروح والحكة والتهابات الأوردة السطحية Superficial Thrombophlebitis، ولكنها لا تذكر احتمالات تسببها بالجلطات في الأوردة العميقة Deep Venous Thrombosis أو جلطات شرايين الرئة Pulmonary Embolism أو أمراض الشرايين الطرفية Peripheral Artery Disease. وكذلك عند حديثها عن التأثيرات الصحية لدوالي الأوردة، أشارت إصدارات رابطة القلب الأميركية AHA إلى أنها يُمكن أن تتسبب بالإزعاج نتيجة التشويه الجمالي لشكل الأطراف السفلية وتدني القدرة على القيام بأنشطة الحياة اليومية، إضافة إلى التسبب بالقروح وتجلط الدم فيها ما يُؤدي إلى تمزق الأوردة تلك، وأضافت أنها قد تتسبب بجلطات الأوردة العميقة في الأطراف السفلية، ولم تذكر احتمالات تسببها بجلطات الرئة أو أمراض الشرايين الطرفية.
مخاطر المضاعفات
ومن أجل هذا وغيره، قال الباحثون في مقدمة دراستهم الحديثة حول أهمية الدراسة والأسئلة التي تُجيب نتائجها عليها: «دوالي الأوردة شائعة، ولكن نادرا ما يُربط بينها وبين مخاطر صحية خطيرة. وجلطات الأوردة العميقة وجلطات الرئة وأمراض الشرايين الطرفية هي أيضاً أمراض في الأوعية الدموية ولها تأثيرات مرضية خطيرة. ولا يُعرف سوى القليل عن العلاقة بين دوالي الأوردة ومدى حصول الإصابة بأمراض أخرى في الأوعية الدموية كالتي تقدم ذكرها. والسؤال: هل وجود دوالي الأوردة مرتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بجلطات الأوردة العميقة وجلطات الرئة وأمراض الشرايين الطرفية؟». وهو ما علق عليه الدكتور شويلوين تشانغ، الباحث الرئيسي في الدراسة، بالقول: «أشهر سؤال يسأله مرضى دوالي الأوردة في العيادة هو: هل ستسبب الدوالي مخاطر صحية علي؟».
ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم التي شملت نحو نصف مليون شخص، أن لدى مرضى دوالي الأوردة، البالغ عددهم نحو ربع مليون شخص، ترتفع احتمالات الإصابة بجلطات الأوردة العميقة بنسبة خمسة أضعاف مقارنة باحتمالات حصول ذلك لدى مجموعة الأشخاص الخالين من الإصابة بدوالي الأوردة، والبالغ عددهم أيضاً نحو ربع مليون شخص. كما لاحظ الباحثون أن مرضى دوالي الأوردة عُرضة بنسبة تتراوح ما بين الضعف إلى الضعفين للإصابة بجلطات شرايين الرئة وأمراض الشرايين الطرفية. ولذا قال الباحثون إن دوالي الأوردة ترفع بشكل مؤثر في احتمالات حصول جلطات الأوردة العميقة لدى كل من الرجال والنساء، ولكن لدى الرجال بشكل أكبر. كما أضاف الباحثون أن دوالي الأوردة ترفع كذلك من احتمالات الإصابة بجلطات الرئة وأمراض الشرايين الطرفية ولكن بنسبة أقل من تلك التي تمت ملاحظتها في جلطات الأوردة العميقة، ما يتطلب مزيداً من الدراسات المستقبلية حول هذه العلاقة المرضية.
وقال الدكتور شانغ: «نحن نعتقد أن مشكلة دوالي أوردة الأطراف السفلية ليست فقط مشكلة تجميلية أو أنها تتسبب فقط بمضاعفات محلية في الدوالي نفسها، إن مرضى الدوالي يجدر متابعتهم بعناية وأن يتم تقيمهم الصحي منذ بداية التشخيص نظراً للمضعفات الصحية المحتمل حصولها لديهم». وأشار الباحثون إلى أن تفسيرهم لتلك المضاعفات الناجمة عن دوالي الساقين لها علاقة بعمليات الالتهابات في الجسم، ذلك أن مرضى دوالي الأوردة لديهم ارتفاع في مستوى عمليات الالتهابات، ما قد يتسبب باضطرابات غير طبيعية في عمليات تجلط الدم، ولذا اعتبر الباحثون أن الالتهابات هي العامل المؤثر.
حالة مرضية
ودوالي الأوردة هو حالة مرضية تصيب شكل ومكونات بنية وعمل الأوردة. والأوردة هي أوعية دموية مهمتها الرئيسية استيعاب الدم من أجزاء الجسم المختلفة وتوصيله إلى القلب. وتختلف بنية الأوردة عن بنية الشرايين في جوانب شتى نظراً لاختلاف وظيفة كل منهما. والميزة الأهم للأوردة هو وجود صمامات داخلية تُسهل تدفق الدم باتجاه القلب وتمنع تقهقر ذلك الاندفاع لجريان الدم نحو القلب One - Way Valves.
وتشير المؤسسة القومية للقلب والرئة والدم بالولايات المتحدة إلى أن شكل الأوردة المُصابة بالدوالي وكفاءة عملها يختلفان عن الأوردة الطبيعية. ومن ناحية الشكل تظهر الأوردة المصابة بالدوالي على هيئة أوعية دموية منتفخة وملتوية تحت الجلد في مناطق شتى من الجسم، وخاصة في الساقين والفخذين.
وأحد أهم أسباب ذلك هو الاضطراب في عمل الصمامات المتقدمة الذكر، ما يُؤدي إلى إعاقة تدفق الدم باتجاه القلب، وتجمع الدم في داخل الأوردة، وبالتالي تظهر الأوردة بهيئة منتفخة وغامقة اللون وملتوية الشكل. كما قد يُرافق ذلك تورم في القدمين أو ألم ثقيل في الساقين، وأيضاً تتسبب الدوالي بالحكة، ما قد يُشخصه البعض أنه مجرد جفاف في الجلد. وفي الغالب لا تتسبب الدوالي بأي أعراض، وفي أحيان أقل قد تتسبب بالألم البسيط أو المتوسط الشدة، وقد تنشأ في تلك الدوالي جلطات، ما قد يتسبب بآلام أشد من المعتاد والتهابات في أوردة الدوالي، وهذه الالتهابات قد تتسبب القروح الجلدية المؤلمة والمعرضة بسهولة للالتهابات الميكروبية.
وثمة عدة عوامل ترفع من احتمالات حصول الدوالي في الأوردة الطبيعية، منها العامل الوراثي، والتقدم في العمر، وتغيرات الهرمونات الأنثوية، والحمل، وزيادة الوزن، وتدني ممارسة الحركة البدنية بالجلوس أو بالوقوف الطويل أو وبوضع ساق على ساق أثناء الجلوس، وحوادث إصابات الساق. وإضافة إلى هذه العلامات عند محاولة التأكد من تشخيص الإصابة بدوالي الأوردة، قد يطلب الطبيب إجراء تصوير للأوردة بتقنية دوبلر الأشعة الصوتية، كما قد يطلب في حالات أقل تصوير الأوعية الدموية بالصبغة الملونة.
وللوقاية، ثمة عوامل يُمكن التعامل معها لتخفيف تأثيرها، مثل تخفيف الزيادة في وزن الجسم، وممارسة الأنشطة البدنية لتحريك الأطراف السفلية، وتقليل مدة الجلوس أو الوقوف، وتحاشي وضع ساق على ساق أثناء الجلوس، ورفع القدمين شيئا قليلاً أثناء الجلوس أو الاستلقاء، وتحاشي ارتداء أحذية ذات كعب عال لفترات طويلة، وارتداء جوارب تضغط بشكل معتدل على القدمين وكامل الساقين.

* استشاري باطنية وقلب


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

المكسرات والأسماك للوقاية من الإصابة بالخرف

ترفع المكسرات والأسماك الدهنية والخضروات والفواكه من مستويات الكوليسترول الجيد بالجسم  (جامعة ناغويا)
ترفع المكسرات والأسماك الدهنية والخضروات والفواكه من مستويات الكوليسترول الجيد بالجسم (جامعة ناغويا)
TT

المكسرات والأسماك للوقاية من الإصابة بالخرف

ترفع المكسرات والأسماك الدهنية والخضروات والفواكه من مستويات الكوليسترول الجيد بالجسم  (جامعة ناغويا)
ترفع المكسرات والأسماك الدهنية والخضروات والفواكه من مستويات الكوليسترول الجيد بالجسم (جامعة ناغويا)

أفاد فريق من الباحثين من مركز جنوب غرب تكساس الطبي بالولايات المتحدة بأن البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، أو ما يعرف بالكوليسترول «الجيد»، قد يلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على مادة الدماغ الصحية لدى البالغين في منتصف العمر، ما قد يحمي خلايا الدماغ من التعرض للضمور والإصابة بالخرف.

ووفق الدراسة التي نُشرت في «مجلة الطب السريري»، يمكن أن تمنح النتائج الأطباء والمرضى المزيد من التبصر في العوامل التي تؤثر على الصحة الإدراكية لدى البالغين والمسنين.

وترفع أغذية معينة من معدلات الكوليسترول الجيد في الجسم، وأبرزها: المكسرات مثل الجوز واللوز والفستق، والأسماك الدهنية لغناها بأحماض «أوميغا 3» التي تخفف من الالتهابات التي تصيب الجسم وتحسن قدرة الخلايا المبطنة للأوعية الدموية على أداء وظائفها، كما تساعد الخضروات والفواكه الغنية بالمعادن والفيتامينات والألياف على تحسين مستوياته بالجسم أيضاً.

وقال المؤلف الأول للدراسة، الدكتور جون جياكونا، أستاذ مساعد للأبحاث السريرية التطبيقية والطب الباطني في كلية المهن الصحية في مركز جنوب غرب تكساس الطبي: «لقد حددت دراستنا دوراً جديداً لوظيفة الكوليسترول الجيد (HDL) في الحفاظ على حجم المادة الرمادية في الدماغ، وهو أمر مهم للوظيفة الإدراكية لدى البالغين في منتصف العمر».

وأضاف في بيان منشور الجمعة: «كانت دراستنا هي الأولى التي تبحث في وجود صلة محتملة بين وظيفة الكوليسترول (HDL) وحجم الدماغ».

ويعمل البروتين الدهني عالي الكثافة أو الكوليسترول «الجيد» على تقليل كمية البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، أو الكوليسترول «الضار»، في الأوعية الدموية عن طريق نقل الفائض إلى الكبد، حيث يتم تكسيره.

قام الباحثون بتقييم 1826 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 35 و70 عاماً مسجلين في دراسة دالاس للقلب متعددة الأعراق، وهي دراسة ممتدة الآن في عامها الخامس والعشرين، إذ تم تقييم تركيزات البروتين الدهني الصائم باستخدام الرنين المغناطيسي النووي. ثم تم اختبار المشاركين للوظيفة الإدراكية، كما تم قياس حجم المادة الدماغية لديهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.

أجريت التقييمات الأولية بين عامي 2000 و2002، وتم إعادة تقييم المشاركين بين عامي 2007 و2009.

وقال الدكتور جياكونا، الذي يعمل أيضاً أخصائياً معتمداً في ارتفاع ضغط الدم في مركز القلب والأوعية الدموية السريري كعضو في قسم ارتفاع ضغط الدم: «إن تركيزنا الموحد على صحة القلب والدماغ يعزز التعاون متعدد التخصصات بين أقسام أمراض القلب والأعصاب ومركز أبحاث التصوير المتقدم».

وأضاف أن هذا البحث «وسّع الدور المفيد المحتمل لوظيفة تدفق الكوليسترول الجيد إلى الدماغ»، موضحاً أن «ذلك يساعد على (جمع) جزيئات الكوليسترول الضار من اللويحات في الأوعية الدموية للقلب ونقلها إلى الكبد للتخلص منها».