فحص تنظير القولون قد يكشف عن إصابات بداء البواسير

لنفترض أنك تلقيت نبأً ساراً بعد إجراء آخر فحص تنظير القولون، حيث تبين عدم إصابتك بسرطان، أو بالسلائل أو الأورام ما قبل السرطانية. لكن صاحبت هذا النبأ السار نتيجة مفاجئة، تبين إصابتك بداء الرتوج أو بالبواسير، رغم عدم شعورك بأعراض لهذين المرضين.
ربما يكون النبأ مربكاً، لكن لا تقلق. يقول الدكتور كايل ستولر، اختصاصي الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى «ماساتشوستس» العام التابع لجامعة هارفارد: «هاتان الحالتان من الحالات الشائعة، وعادة لا تتسببان في أي مشكلات».

داء الرتوج

يتم استخدام مصطلح داء الرتوج (حويصلات القولون) diverticulosis في الإشارة إلى وجود رتوج (حويصلات) من تكتلات تشبه الجيوب تتكون أحياناً في الجدار العضلي للقولون، وتبرز نحو الخارج. وتعاني نسبة تتراوح بين 40 و60 في المائة من الأشخاص هذا المرض، ويصبح أكثر شيوعاً مع تقدمنا في العمر. وتتكون تلك التجمعات في القولون السيني أعلى المستقيم، على حد قول ستولر.
تظهر أعراض لداء الرتوج فقط إذا حدث نزف في الرتوج أو أصيبت بعدوى. ويوضح الدكتور ستولر: «عندما يحدث النزف يكون شديداً ولفترة قصيرة، لكنه عادة ما يتوقف وحده. لا نعرف سبب حدوث هذا النزيف، وما نعرفه فقط هو أن شيئاً ما يكون قد جرح وعاءً دموياً داخل الجيب. وفي هذه الحالة وحتى إذا توقف النزيف وحده دون تدخل، يمكن للمرء فقدان كمية كبيرة من الدم؛ لذا ينبغي الذهاب إلى الطبيب».
يمكن أن تحدث عدوى للرتج لدى بعض الأشخاص، ويطلق على هذه الحالة اسم التهاب الرتج diverticulitis. مع ذلك ليست هذه الحالة شائعة مثل داء الرتوج.
يقول دكتور ستولر: «معدل الإصابة بالتهاب الرتج منخفض، حيث تتراوح نسبة الإصابة به لدى المصابين بداء الرتوج بين 4 و15 في المائة». وسبب تطور الحالة بهذا الشكل غير واضح؛ فربما يكون السن، أو البدانة، أو عدم ممارسة التمارين الرياضية، أو عدم تناول قدر كاف من الألياف... كلها من عوامل الإصابة بهذه الحالة. وكذلك قد يكون تناول اللحم الأحمر سبباً في حدوثها.
من أعراض التهاب الرتج أيضاً الشعور بالألم في الجزء السفلي من البطن، وكثيراً ما يكون في الجانب الأيسر، وتغير في حركة الأمعاء المعتادة، سواء كان ذلك على شكل إسهال أو إمساك. يقول الدكتور ستولر: «أكثر الأشخاص الذين يعانون التهاب الرتج يشعرون بألم في الجانب الأيسر السفلي من البطن، لكن لا يحدث لهم نزف». من المرجح أن يوصيك الطبيب بإجراء فحص بالتصوير المقطعي بحثاً عن أي علامات تدل على حدوث التهاب.
عادة ما يكون العلاج هو تناول مضادات حيوية لمدة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام. كثيراً ما يكون من الضروري نقل الأشخاص الذين يعانون حالات أكثر خطورة وحدة مثل خراج (جيب من الصديد) أو قيح يحتاج إلى صرفه، إلى المستشفى لحقنهم بالمضادات الحيوية في الوريد.

الوقاية من المشكلات

من غير الواضح بعد ما إذا كان باستطاعتنا الوقاية من داء الرتوج أو التهاب الرتج، لكن قد يكون من النافع ممارسة التمارين الرياضية، والسيطرة على زيادة الوزن، والإقلال من تناول اللحوم الحمراء، والإكثار من تناول الألياف. يقول الدكتور ستولر: «تشير بعض البيانات إلى أن الإكثار من تناول الألياف يحد من احتمالات الإصابة بداء الرتوج، وظهور أعراض في حالة الإصابة بالرتوج».
ينبغي على البالغين تناول كمية من الألياف تتراوح بين 25 و30 غراماً ضمن نظامهم الغذائي اليومي، ويمكن الحصول عليها من البقول، والحبوب الكاملة، والخضراوات، والفاكهة. كذلك قد يكون تناول مكمل غذائي من الألياف مجدياً، لكن ينبغي عليك إضافة الألياف إلى نظامك الغذائي بشكل تدريجي؛ حتى لا تعاني من الغازات والانتفاخ بسبب زيادة حصة الألياف سريعاً.
ماذا عن التحذير من أن يؤدي تناول الأغذية، التي تحتوي على بذور صغيرة إلى الإصابة بالتهاب الرتج؟ يجيب الدكتور ستولر: «توجد نظرية تفيد بأن تناول البذور والمكسرات يزيد من احتمالات الإصابة بداء الرتوج والتهاب الرتج؛ لأنها قد تتراكم في الجيوب وتسبب التهاباً أو عدوى. مع ذلك، لا يوجد ما يثبت ذلك؛ فالبذور والمكسرات مصدر مهم للألياف».

البواسير

لدينا جميعاً تكتلات من الأوردة تشبه الوسائد في النسيج المبطن للجزء السفلي من المستقيم، أو فتحة الشرج، حيث تساعد في منع تسرب الفضلات. وعندما يزداد حجم تلك التكتلات فإنها لا تكون مفيدة إطلاقاً، بل قد تكون من أسباب حدوث بعض التسرب، إضافة إلى الشعور بالألم، والحكة، والنزف.
ما الذي يؤدي إلى تورم البواسير hemorrhoids؟ يقول الدكتور ستولر: «هناك أنسجة ضامّة تدعم الأوردة، إذا ضعفت تلك الأنسجة، تصبح البواسير بارزة». قد يكون وراء ضعف النسيج عوامل وراثية، وضغط ناتج من الجلوس على المرحاض فترة طويلة، أو ضغط من أجل تيسير حركة الأمعاء. كذلك، قد يكون الحمل لدى السيدات من أسباب حدوث هذه الحالة.
عندما تتورم البواسير الموجودة في الجزء السفلي من المستقيم (البواسير الداخلية)، قد تنزف، وربما يرى المريض بعض بقع الدم داخل المرحاض. مع ذلك، لن تشعر بوجود مشكلة في البواسير إلا إذا امتدت إلى خارج فتحة الشرج، وأصبحت تسبب الشعور بالحكة.
توجد البواسير التي يشكو أكثر الناس منها، والتي يطلق عليها البواسير الخارجية، خارج فتحة الشرج. وإذا تورمت، تصبح الطبقة العلوية من الجلد ملتهبة، وتتآكل، وقد يشعر المريض بالألم فيها، أو بالرغبة في حكها. من الممكن أن يحدث تجلط وتخثر للدم داخل البواسير؛ وهو ما يسبب الشعور بالألم الشديد.

الوقاية والعلاج

عادة ما يتم تشخيص البواسير من خلال السجل المرضي والفحص الطبي. عادة ما تكون العلاجات المنزلية ناجعة ومفيدة في علاج البواسير الخارجية. قد يساعد الجلوس في حمام من الماء الدافئ في تخفيف التهاب البواسير.
كذلك، قد يساعد تغيير نمط الحياة في إحداث فرق. ينصح الدكتور ستولر بتجنب الجلوس على المرحاض لفترة طويلة، والتأكد من حركة الفضلات. كذلك، يوصي بزيادة حصة الألياف في النظام الغذائي، وتناول ملين للفضلات مثل دوكوسات الصوديوم (كولاس)، أو تناول الملينات الخفيفة إذا كان المرء يعاني الإمساك، مثل بولي إيثيلين جليكول 3350 (ميرالاكس).
على الجانب الآخر، لا ينصح الدكتور ستولر باستخدام المراهم التي يتم شراؤها دون الحاجة إلى وصفة طبية، وهي استرويدات هناك اعتقاد في أنها تساعد في تخفيف الالتهاب، حيث يقول: «لا يوجد دليل على فاعليتها». أما البواسير الداخلية فمزعجة وعادة ما يتم علاجها بالتدخل الجراحي المحدود بإجراء عملية جراحية بسيطة في عيادة الطبيب.

* رسالة هارفارد الصحية - خدمات «تريبيون ميديا»