روسيا تضع أميركا على رأس قائمة مصادر تهديد أمن طاقتها

وضعت وزارة الطاقة الروسية السياسة الأميركية ومعها التحول للاعتماد على «الطاقة الخضراء»، على رأس قائمة مصادر تهديد أمن روسيا في مجال الطاقة. وانتهت الوزارة مؤخرا من صياغة العقيدة الروسية الجديدة في مجال الطاقة، وقالت وسائل إعلام روسية إن الحاجة لهذه العقيدة الجديدة طرأت على خلفية فرض الولايات المتحدة عقوبات ضد روسيا.
يُذكر أن عقيدة أمن الطاقة الحالية تم اعتمادها عام 2012، أي قبل عامين على العقوبات ضد روسيا. وتشكل هذه الوثيقة الحكومية ركنا أساسيا، تنطلق منه الحكومة في حل مشكلات غاية في الأهمية، مثل ضمان صادرات موثوقة للمستهلكين، ورسم نهج التحديث التقني الضروري لتطوير مجال الطاقة، وضمان مشاركة المصدرين الروس في الأسواق الخارجية دون التعرض لسياسات تمييزية، وغيرها من مسائل ضرورية لضمان أمن الطاقة.
وقالت صحيفة «فيدوموستي» الروسية نقلا عن مصدر في وزارة الطاقة الروسية، إن الوزارة انتهت من وضع عقيدة جديدة، وعرضتها يوم 2 مارس (آذار) الجاري على الجهات الحكومية المعنية للتوافق عليها. وأشار المصدر إلى أن النص يتضمن قائمة بجملة عوامل تشكل مصادر تهديد لأمن الطاقة الروسي، منها مصادر تهديد خارجية، وفي مقدمتها «السياسة التمييزية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها». ويوضح نص عقيدة أمن الطاقة الروسي أن «السياسة التمييزية» تتجسد في القيود التي فرضتها الولايات المتحدة والغرب، من خلال العقوبات على قطاع إنتاج الطاقة الروسي، التي حدت من إمكانية وصول شركات النفط والغاز الروسية إلى التقنيات الحديثة والمعدات التي تنتجها شركات غربية. فضلا عن ذلك حرمت تلك العقوبات الغربية قطاع الطاقة الروسي من التمويل الخارجي طويل الأمد، والاستفادة منه في أعمالها وفي تنظيم عمل مشترك مع مؤسسات الطاقة الخارجية.
وخلقت العقوبات الغربية تعقيدات في عمل قطاع الطاقة الروسي، ومع أنه تمكن من الاستمرار والتأقلم مع واقع العقوبات، إلا أن شركات هذا القطاع تواجه من حين لآخر مشكلات على صلة بالعقوبات والقيود الغربية. وفي هذا السياق أعلنت شركة «إكسون موبيل» النفطية أخيرا الانسحاب من كل المشاريع المشتركة التي تنفذها بالتعاون مع شركة «روسنفت» الروسية، وذلك على خلفية العقوبات الغربية ضد روسيا. وقبل ذلك قررت مجموعة «سيمنس» الألمانية، صيف العام الماضي، فض اتفاقيات مع شركات روسية والحد من نشاطها في روسيا، على خلفية أزمة نشبت إثر تسرب معلومات حول استخدام شركات روسية مضخات من إنتاج «سيمنس» لتنفيذ مشاريع طاقة في شبه جزيرة القرم.
وبعيدا عن السياسية والعقوبات أشارت وزارة الطاقة الروسية في نص العقيدة الجديدة إلى حزمة عوامل اقتصادية - تقنية تشكل تهديدا لأمن الطاقة الروسي، ومنها «العبء المالي الكبير على مؤسسات قطاع إنتاج الطاقة»، والمستويات المتدنية لوتيرة تحديث البنى التحتية في هذا القطاع. وحذرت الوزارة من أن بلوغ «مستويات متدنية حرجة من التأخر في مجال العلوم والتقنيات» يهدد بفقدان شركات النفط والغاز الروسية قدراتها التنافسية في السوق العالمية. فضلا عن ذلك فإن التوجه نحو سياسية الابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري (المستخرج من الفحم الحجري والنفط والغاز) والاعتماد على «الطاقة الخضراء» الآمنة للبيئة، تشكل أيضا أحد مصادر تهديد لقطاع الطاقة الروسي، ومعها تضيف الوزارة مصادر تهديد أخرى، منها ظهور مصدرين جدد للطاقة في السوق العالمية، وزيادة إنتاج الغاز المسال، الأمر الذي يشكل تهديدا للصادرات عبر شبكات الأنابيب، ويزيد من حدة التنافس في الأسواق. وأخيرا تخشى وزارة الطاقة الروسية من تراجع عدد الحقول النفطية الجديدة التي يتم الكشف عنها، ونفاد الاحتياطي في الحقول الحالية.