أمين عام «الاستقلال» المغربي: المواطن فقد الثقة بالأحزاب السياسية

بركة حذر من تفاقم الفقر إذا لم تنفذ الإصلاحات الكبرى

TT

أمين عام «الاستقلال» المغربي: المواطن فقد الثقة بالأحزاب السياسية

دعا نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى جعل 2018 سنة إحداث التحولات الكبرى في البلاد و«القطيعة مع الانتظارية والارتجال والتردد»، محذرا من تفاقم الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية إذا لم يتم التحول نحو نموذج جديد للتنمية.
وأقر بركة الذي كان يتحدث أمس في لقاء، نظمته وكالة الأنباء المغربية، بأن الأحزاب السياسية المغربية تعاني من عدة مشكلات، أبرزها العزوف وضعف العرض السياسي. بيد أنه اعتبر أن المغرب يعيش مرحلة جديدة، وأن الأحزاب مطالبة بتجاوز هذا الوضع، وتقديم رؤية واضحة للمشكلات المطروحة في البلاد، وتقديم بدائل وتطوير تنظيماتها السياسية، إضافة إلى تغيير خطابها التواصلي حتى تتمكن من استقطاب الشباب، وهو ما شرع الحزب في تنفيذه، على حد قوله.
ودعا بركة، في السياق ذاته، إلى «مصالحة» مع المناطق القروية والحدودية، التي لم تستفد من ثمار التنمية، حيث تصل نسبة الفقر فيها إلى 80 في المائة. واعترف أيضا بوجود مشكل حقيقي يتمثل في غياب المصداقية، ذلك أن المواطن لم تعد لديه ثقة في الأحزاب السياسية، لأنها لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها، وأصبح يرى أن حل مشاكله ليس بيد هذه الأحزاب، حسب رأيه. وفي هذا الإطار، أعلن بركة أن حزبه أعد رؤية لمشروع مجتمعي سيقدمها للرأي العام خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بهدف استعادة مكانه في المشهد السياسي.
وردا على سؤال حول موقف حزب الاستقلال من حكومة سعد الدين العثماني بعدما لم يتم إشراكه فيها، قال بركة إن حزبه يحترم قرارات مؤسساته، إذ سبق لمجلسه الوطني أن قرر دعم هذه الحكومة، سواء كان داخلها أم خارجها، وهو ما زال على موقفه في المساندة النقدية للحكومة. إلا أن بركة أوضح أن هذه المساندة لن تستمر طوال الولاية الحكومية، بل هي قابلة للمراجعة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المجلس الوطني للحزب سيعقد اجتماعا في أبريل (نيسان) المقبل، سيقيم فيه أداء الحكومة، وكيفية تعاملها مع مساندته لها، وبعدها سيقرر ما إذا كان سيواصل المساندة النقدية، أو ينتقل إلى ما سماها «المعارضة البناءة».
ووجه السياسي المغربي، الذي سبق له أن شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية في حكومة عبد الإله ابن كيران الأولى، انتقادات إلى حكومة العثماني، وقال إنها لم تبدأ بعد في تنفيذ الإصلاحات الكبرى المنتظرة، رغم مرور 18 شهرا على تنصيبها، ومنها إصلاح قطاع التعليم والإدارة، وتنزيل الجهوية المتقدمة التي سيكون لها أثر على تنمية المناطق، واستفادة المواطن من المشاريع الكبرى وتحسن مستوى عيشه. وخلص بركة إلى أن عمل الحكومة يتسم «بالبطء والتردد في تنفيذ الإصلاحات الكبرى».
وردا على سؤال بخصوص دور الدبلوماسية الحزبية في دعم قضية الصحراء، أقر بركة أن قضية الصحراء «تعرف تطورات صعبة ودقيقة، ناتجة عن كون الخصوم لجأوا للقضاء الدولي، ممثلا في محكمة العدل الأوروبية»، وذلك في إشارة إلى قرار استثناء المناطق الصحراوية من اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، وقال إن هذا الأمر تسبب في التشويش على مسلسل التسوية الأممي وتجاوز صلاحياته. وعزا ذلك إلى ظهور جيل جديد من السياسيين في أوروبا، مثل حزب إيمانويل ماكرون، وحزب «خمسة نجوم» في إيطاليا «لا تربطنا بهم أي علاقة». وشدد على أنه من الضروري للأحزاب السياسية أن تقوم بدورها داخل تلك التنظيمات السياسية الأوروبية الجديدة. ومن هذا المنظور حث بركة على تقوية الجبهة الداخلية والتنزيل السريع للجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية، وإشراك المجتمع المدني في دعم قضية الصحراء، مع «تغيير المقاربات ووضع استراتيجية محكمة في هذا المجال».
وعن موقف حزبه من محاكمة عدد من الصحافيين في المغرب، قال بركة إن حزبه لا يناقش القضايا المطروحة في المحاكم، بيد أنه يؤيد أن يحظى الصحافيون بمحاكمة عادلة واحترام قرينة البراءة، معتبرا أن حزبه يدافع عن حرية التعبير في البلاد، ولن يقبل أي تراجع في هذا المجال.
من جهة أخرى، دافع بركة عن أحقية نواب البرلمان في الحصول على تقاعد، لأن هذا الأمر معمول به في مختلف برلمانات العالم، وقال إن حزبه «يرى أنه بإمكان مجلس النواب من خلال موازنته أن يضمن ديمومة صندوق تقاعد النواب إذا ما توفرت الحكامة والعقلنة».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.