المرأة الإسبانية تعلن الإضراب احتجاجاً على ظروف العمل وتعسف الرجل

إضرابات نسوية في إسبانيا  (مواقع التواصل الاجتماعي)
إضرابات نسوية في إسبانيا (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

المرأة الإسبانية تعلن الإضراب احتجاجاً على ظروف العمل وتعسف الرجل

إضرابات نسوية في إسبانيا  (مواقع التواصل الاجتماعي)
إضرابات نسوية في إسبانيا (مواقع التواصل الاجتماعي)

ستشهد إسبانيا أول إضراب خاص للقطاع النسوي في يوم 8 مارس (آذار)، بعد أن دعت إليه أكثر من 300 منظمة وهيئة نسوية ونقابات للعمال، وحسب بيان الهيئة المنظمة له، فإنّ الهدف منه المطالبة بحقوق جميع النساء بالمساواة مع الرجل ووضع حد لعنفه، والمعادلة في الأجور بين الجنسين، والدفاع عن حقوق المرأة العاملة في المنزل.
وناشدت الصحافيات العاملات في مجال وسائل الإعلام واللاتي يبلغ عددهن نحو 3600. كل النساء على المشاركة في هذا الإضراب، كل واحدة حسب قدرتها وظروفها، وذلك للإعراب عن احتجاجهن، لأنّ الكثير من النساء العاملات في إسبانيا يعانين من ظروف سيئة في مكان العمل، وليس لديهن أي ضمان، ويتقاضين رواتب أقل من الرجل، ويعانين من مضايقات جنسية، ومن الإهمال.
وعندما سأل أحدهم اينيس غوتييريث، وهي إحدى المسؤولات عن تنظيم الإضراب قائلاً: «أنا رجل، وأريد المشاركة في الإضراب تضامنا مع المرأة؟» أجابت: «إذا شارك الرجل في الإضراب، فالهدف الرئيسي منه سيضيع، وبهذه الحالة سيطلق على مثل هذا اليوم يوم إضراب عام». وأضافت «على الرجال ألا يشاركوا فيه، وإنّما عليهم إنجاز عمل المرأة المضربة عن العمل».
وتبلغ نسبة النساء العاملات في مجال الخدمات المنزلية 98 في المائة، أمّا من يتولّين مناصب عليا في الدوائر الرسمية فيشكلن 28 في المائة، وفي الأماكن ذات السمعة الثقافية، مثل الأكاديميات الملكية، فلا يشكلنّ سوى 11 في المائة، بينما تبلغ نسبة الحاصلات على التعليم الجامعي 58 في المائة، و22 في المائة ممن يحتللن منصب أستاذ كرسي في الجامعات الرسمية، و25 في المائة من جملة العاملين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي في الجامعات، و13 في المائة مجموع رؤساء الجامعات. وترتفع نسبتهن في مجال القضاء إذ تصل إلى 52 في المائة، وفي المجلس العام للسلطة القضائية 43 في المائة. أمّا في المجال السياسي، فيتشكّل مجلس الوزراء الإسباني من 14 وزيراً، وخمس وزيرات، وتشكل النساء 40 في المائة من أعضاء البرلمان الإسباني، و12 في المائة من مجموع سفراء إسبانيا المعتمدين في الخارج، وتصل نسبة رئيسات البلديات 19 في المائة، فيما تبلغ نسبة المستشارات في المجال المالي والاقتصادي 24 في المائة.
وهناك تفاوت واضح بين رواتب الرجال والنساء، إذ يبلغ معدل راتب الرجل السنوي 25 ألف يورو، مقابل 20 ألف يورو للمرأة.
يشار إلى أنّ إسبانيا، على الرغم من أنّها قطعت شوطاً مهماً في مجال حقوق المرأة، إلا أنّها لا تزال تعاني من كثير من المعوقات. ومنذ عام 2002 حتى اليوم لاقت 900 امرأة حتفها على يد خطيبها أو زوجها، ومعدل الاعتداءات الجنسية في السنوات الأخيرة بلغ 9000 اعتداء في العام.
وعلى الرغم من التحمّس الكبير لدعوة النساء إلى الإضراب، فقد ظهرت بعض الأصوات النسائية المعارضة له، مثل كايتانا الباريث، وهي مؤرخة، وصحافية في جريدة الموندو، وهي ترى أنّ «هذا الإضراب مجرد هراء» حسب قولها، وتضيف، «أنا أعارض أن تتحدث مثل هذه المنظمات الدّاعية للإضراب باسمي، فكما أنّني لا أوافق على أن يتحدّث الرجل باسمي، فلا أوافق أيضاً على أن تتحدّث النساء باسمي. لا أريد أن يعتبروني ضحية، ولا أن يعاملوني كأنّني قاصر، وهذا ما تفعله منظمات الإضراب» وتتابع: «نحن، النساء، قادرات على اتّخاذ قراراتنا بأنفسنا».
وقالت لوث كاسال، فنانة بوب روك منذ الثمانينات وقد حازت على شهرة كبيرة في المجال الفني حتى بلغت مبيعات أغانيها خمسة ملايين نسخة: «أنا امرأة مائة في المائة، ودافعت عن حقوق المرأة بكل ما أستطيع، بأظافري وبأسناني، وفي أوقات عصيبة، ولكنّني في الوقت نفسه، أدافع عن حق المرأة في رفض الإضراب، ولست مشاركة به. وعلي أن أذهب إلى العمل. وكل شخص حر فيما يريد أن يفعل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».