مستقبل منظمة التجارة العالمية على المحك في اجتماع بالي

الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو يفتتح أمس اجتماع منظمة التجارة العالمية في بالي (أ.ف.ب)
الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو يفتتح أمس اجتماع منظمة التجارة العالمية في بالي (أ.ف.ب)
TT

مستقبل منظمة التجارة العالمية على المحك في اجتماع بالي

الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو يفتتح أمس اجتماع منظمة التجارة العالمية في بالي (أ.ف.ب)
الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو يفتتح أمس اجتماع منظمة التجارة العالمية في بالي (أ.ف.ب)

يعقد وزراء التجارة من أنحاء العالم اجتماعات بدأت في جزيرة بالي الإندونيسية أمس، وتستمر لمدة أربعة أيام، يتوقف عليها ليس مصير جولة الدوحة لمفاوضات التجارة الحرة المتوقفة فحسب؛ بل مصير منظمة التجارة العالمية نفسها، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
وهناك سيناريوهان للمنظمة التي أنشئت عام 1995 لتحرير تدفق السلع على مستوى العالم وتسوية النزاعات التجارية.
وإذا ما فشل مؤتمر بالي الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، فسيكون مستقبل المنظمة نفسها محل تساؤل وشكوك.
لكن إذا ما ساد شعور بالسعي لإيجاد حل وسط، فيمكن عندئذ استئناف مفاوضات جولة الدوحة المتوقفة بشأن التوصل لاتفاقية عالمية لتحرير التجارة.. فالدول التي تعتمد على التصدير ليست هي الوحيدة التي يحدوها الأمل في تحقيق النتيجة الثانية.
وتشمل النصوص موضع المناقشة أيضا العديد من الإجراءات لمساعدة الدول الأقل نموا في العالم على دخول أسواق السلع والخدمات.
وتتوقع غرفة التجارة الدولية أن يؤدي أي اتفاق إلى خلق 21 مليون وظيفة جديدة، 18 مليونا منها ستكون في الدول النامية. كما أنها ستخلق حافزا لاستثمارات تبلغ قيمتها 960 مليار دولار، وفقا للغرفة.
ويريد معظم الدول الـ159 الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية تبني ما يطلق عليه «حزمة بالي» التي يحارب من أجلها المدير العام للمنظمة روبرتو أزيفيدو في المفاوضات التحضيرية.
وتتألف الحزمة من عدد من الإجراءات الفردية، التي تشمل خفض الحواجز التجارية البيروقراطية، وتقليص أشكال الدعم الزراعي، في الوقت الذي يجري فيه تقديم مساعدة للدول الأكثر فقرا في العالم.
لكن، ورغم الدعم الكبير، فإن أزيفيدو قال إنه من الصعب تجاوز «خط النهاية» والعمل على حزمة تحتاج فقط إلى توقيعات الوزراء وليس لمهاراتهم التفاوضية.
وكتب أزيفيدو في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية الأحد أن «العقبات المتبقية قليلة للغاية ومحددة تماما وليست صعبة الحل إذا كانت لدينا رغبة سياسية وإرادة سياسية».
وتعد «حزمة بالي» أصغر وأكثر تواضعا من الاتفاق العالمي الذي كان متوقعا بموجب جولة الدوحة التي انطلقت عام 2001.
غير أن قاعدة منظمة التجارة العالمية بضرورة أن يجري اتخاذ جميع القرارات بالإجماع، يمكن أن تهدد حدوث انفراجة هذا الأسبوع.
وقال دبلوماسي غربي: «حتى الأغلبية الكبرى ليست كافية إذا كانت هناك معوقات».
وتعد الهند إحدى الدول التي تعوق تحقيق إجماع في المفاوضات التمهيدية، وهي ترفض التوصل إلى حل وسط يسمح للدول النامية بمواصلة شراء الأغذية بأسعار مدعومة لتكوين مخزونات احتياطية لها، ولكن لمدة أربع سنوات أخرى. ويرجع رفض الهند لأسباب سياسية داخلية، فقبل الانتخابات المقررة العام المقبل، يتعهد حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتوفير غذاء بسعر رخيص لملايين المواطنين الفقراء.
ويمكن أن تنتهك أشكال الدعم هذه قواعد منظمة التجارة العالمية التي لا تسمح سوى بدعم 10 في المائة من الإنتاج الكلي.
ومن ثم، يدعو وزير التجارة الهندي أناند شارما إلى إعفاء بلاده، من دون أن يقترح فترة محددة من الوقت.
وتوجه باكستان وتايلاند انتقادات إلى الهند، وتشتكيان من أن إنتاج البلاد المدعوم ينتهي به الحال في كثير من الأحيان إلى الأسواق الآسيوية وليس إلى المخازن الهندية.
ويبدو من المستبعد التوصل لاتفاق في بالي إذا ما لم تبد الهند مرونة؛ إذ أوضحت الولايات المتحدة أنها لن تحيد بشأن هذه المسألة.
وقال أحد الوفود الأفريقية تعليقا على موقف واشنطن، إنهم «لم يعودا يهتمون بمنظمة التجارة العالمية».
ولم تكن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي كان لها رد فعل حيال جمود جولة الدوحة بالتحول إلى التوصل إلى معاهدات ثنائية أو إقليمية لتعزيز التجارة. فقد توصلت الصين ودول جنوب شرقي آسيا (آسيان) إلى اتفاق دخل حيز التنفيذ في عام 2010.
من ناحية أخرى، تبذل الولايات المتحدة جهودا حثيثة لجمع دول المحيط الهادئ في إطار منطقة للتجارة الحرة والاتفاق على معاهدة مع الاتحاد الأوروبي. ووفقا لأزيفيدو: «لن ينتظر العالم منظمة التجارة العالمية إلى الأبد».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.