فصائل تصف المقترح الروسي لإخراج المقاتلين بـ«فرض تهجير»

«الدفاع المدني» تبحث عن جثمان أحد الضحايا تحت مبنى منهار تعرض لضربة جوية مؤخراً في دوما بالغوطة (إ.ب.أ)
«الدفاع المدني» تبحث عن جثمان أحد الضحايا تحت مبنى منهار تعرض لضربة جوية مؤخراً في دوما بالغوطة (إ.ب.أ)
TT

فصائل تصف المقترح الروسي لإخراج المقاتلين بـ«فرض تهجير»

«الدفاع المدني» تبحث عن جثمان أحد الضحايا تحت مبنى منهار تعرض لضربة جوية مؤخراً في دوما بالغوطة (إ.ب.أ)
«الدفاع المدني» تبحث عن جثمان أحد الضحايا تحت مبنى منهار تعرض لضربة جوية مؤخراً في دوما بالغوطة (إ.ب.أ)

اعتبر فصيل سوري معارض أن إعلان روسيا موافقتها على خروج المقاتلين المعارضين من الغوطة الشرقية، باستخدام الممر الإنساني الآمن خلال ساعات الهدنة، بمثابة «تهجير» من المنطقة التي تتعرض لقصف مستمر حتى في أوقات الهدنة اليومية، فيما يواصل النظام قضم المناطق عبر عملية عسكرية واسعة يخوضها للسيطرة على الغوطة المحاصرة عسكرياً.
وقال وائل علوان، المتحدث باسم «فيلق الرحمن»، إحدى جماعات المعارضة الرئيسية في الغوطة، إن روسيا «تخالف قرار مجلس الأمن، وتصر على التصعيد العسكري لفرض التهجير» على سكان الغوطة الشرقية، وهو ما وصفه بأنه جريمة. وقال علوان إنه لا يوجد تواصل مع روسيا بشأن مقترح الانسحاب.
وأفادت وكالات أنباء روسية عدة، أمس (الثلاثاء)، بأن الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية المحاصرة بالقرب من دمشق سيسمح لها بالمغادرة عبر ممر إنساني مع عائلاتهم وأسلحتهم خلال الهدنة الإنسانية اليومية، بعدما أعطاهم الجيش الروسي الضوء الأخضر بذلك. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان: «يضمن مركز المصالحة الروسي الحصانة لكل مقاتلي المعارضة الذين يقررون مغادرة الغوطة الشرقية بأسلحتهم الشخصية، ومع أسرهم»، وأضافت أنه سيتم توفير سيارات «وتأمين المسار بأكمله». كانت روسيا قد أعلنت سابقاً أنها طلبت من الفصائل المعارضة إجلاء الغوطة الشرقية، على غرار ما حصل في مدينة حلب نهاية عام 2016، الأمر الذي ترفضه الفصائل. وشنت قوات النظام السوري، أمس، غارات جديدة على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، موقعة المزيد من الضحايا المدنيين، بالتزامن مع معارك قلصت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى 60 في المائة من مساحة الغوطة، بحسب ما قاله «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي وثّق مقتل 800 مدني، بينهم 177 طفلاً في الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق.
ووثق المرصد السوري، الثلاثاء، مقتل 19 مدنياً على الأقل، بينهم 4 أطفال، في الغارات.
وتواصل القصف، رغم الهدنة الروسية المؤقتة التي تسري منذ أسبوع يومياً لخمس ساعات فقط، ويُفتح خلالها معبر لخروج المدنيين، إلا أن أي مدني لم يغادر طوال الأيام الماضية، وفق المرصد.
وإلى جانب الحملة الجوية العنيفة المستمرة منذ 18 فبراير (شباط) الماضي، تشنّ قوات النظام هجوماً برياً من الجبهة الشرقية، وقد حققت تقدماً سريعاً، وبات تسيطر على 40 في المائة من المنطقة المحاصرة، بعدما استعادت، ليلة الاثنين الثلاثاء، بلدة المحمدية. وتركزت الاشتباكات، أمس، على أطراف بلدات بيت سوى والأشعري (وسط) وافتريس (جنوب) والريحان (شمال شرق). كما وصلت قوات النظام، الثلاثاء، إلى أطراف بلدتي حمورية ومسرابا.
ويعود التقدم السريع، وفق مراقبين، إلى أن العمليات العسكرية تدور في منطقة زراعية ذات كثافة سكانية منخفضة، وهي تهدف إلى تقسيم الغوطة الشرقية إلى جزأين: شمالي حيث تقع دوما، وجنوبي حيث حمورية.
وأقر فصيل «جيش الإسلام» قبل يومين بانسحاب مقاتليه من الجهة الشرقية، موضحاً أنها «منطقة زراعية مكشوفة، ليس فيها تحصينات كالأبنية».
وزاد التصعيد العسكري الأخير من معاناة سكان الغوطة المحاصرين من قبل قوات النظام منذ 2013، والذين كانوا يعتمدون على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع، وعلى زراعات محلية، أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.