إجراءات رئاسية لإنهاء أزمة الوقود في اليمن

هادي ينهي الاحتكار الحكومي لتسويق المشتقات النفطية... والسفير السعودي يرحّب

يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

إجراءات رئاسية لإنهاء أزمة الوقود في اليمن

يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)

تماشيا مع خطة العمليات الإنسانية التي يقودها تحالف دعم الشرعية في اليمن، أمر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتحرير سوق المشتقات النفطية في بلاده، في مسعى للقضاء على «أزمات الوقود» المتكررة التي تفاقمت مؤخرا في مناطق سيطرة ميليشيات جماعة الحوثيين الانقلابية بسبب الإجراءات التعسفية للجماعة. وتضمن قرار الرئيس هادي فتح الباب أمام التجار والجهات والشركات الراغبة في استيراد المشتقات النفطية وتسويقها في جميع المناطق اليمنية، بما فيها المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، كما تضمن التوجيه إعفاء المستوردين من دفع الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر.
وامتدح السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر على الفور، قرار الرئيس هادي الذي تزامن مع إصداره مرسوما قضى بتعيين مدير لشركة النفط اليمنية في عدن. وقال آل جابر في تغريدة على «تويتر»، إن «القرار يتزامن مع خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، وسيكون له تأثير كبير على تحسين معيشة الشعب اليمني والتخفيف من معاناته التي فرضتها الميليشيات الحوثية الإيرانية».
وتوقع مراقبون اقتصاديون أن يحدث القرار الرئاسي أثرا إيجابيا من شأنه أن يقضي على الأزمات المتكررة في سوق النفط بعد أن أصبحت العملية خاضعة للتنافس بين المستوردين. وفي أول ردة فعل في العاصمة صنعاء على القرار الرئاسي، عادت أمس محطات المشتقات النفطية للعمل وتزويد المواطنين بمادتي البنزين والديزل بعد يوم من افتعال الميليشيات الحوثية أزمة وقود أدت إلى شل الحركة جزئيا في صنعاء بعدما توقفت المحطات عن العمل.
ولا تزال أزمة الغاز المنزلي في صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية مستمرة في ظل رفض الجماعة الحوثية التراجع عن الإجراءات التعسفية بحق التجار، واحتجاز ناقلات الغاز القادمة من مأرب في مدينة ذمار لإجبار ملاكها على دفع مبالغ مضاعفة لتمويل المجهود الحربي.
كذلك، أصدر الرئيس هادي الليلة قبل الماضية قرارا رئاسيا يقضي بتعيين انتصار العراشة، مديرا عاما لشركة النفط اليمنية في مدينة عدن، وهي أول امرأة تتولى المنصب التنفيذي المهم في المدينة التي تتخذ منها الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد. وأصدر قرارا آخر قضى بتعيين ناصر مانع بن حدور وكيلا لمحافظة لحج الجنوبية، وذلك في سياق القرارات الرامية إلى تحسين أداء السلطات المحلية في المحافظات المحررة.
وأفادت وكالة «سبأ» الحكومية بأن الرئيس هادي وجه الحكومة «بتحرير سوق المشتقات النفطية والسماح لجميع الشركات والأفراد بالقيام بعمليات الاستيراد والبيع في جميع الموانئ اليمنية». وقال هادي في نص التوجيه: «إشارة إلى خطة العمليات الإنسانية الشاملة التي أعلن عنها تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ونظرا للحالة الإنسانية التي تمر بها بلادنا، ومن أجل تسهيل الإجراءات التجارية لدخول جميع الاحتياجات للشعب اليمني، ومن أجل تخفيف أسعار المواد الأساسية، بما فيها المشتقات النفطية يتم العمل على اتخاذ الإجراءات المتمثلة في تحرير سوق المشتقات والسماح لجميع الشركات والأفراد بالقيام بعمليات الاستيراد والبيع في جميع الموانئ اليمنية بما فيها التي لا تزال تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الإيرانية». وشدّد الرئيس اليمني «على ضرورة إلغاء القيود والإجراءات المعيقة لعمليات النقل، وأن تكون أسعار النقل مناسبة بحسب تقديرات وزارة النقل، إلى جانب تسريع إجراءات الإفساح في الموانئ، بحيث لا تتعدى فترة السماح 72 ساعة، وتوجيه الموانئ والجمارك بالعمل لفترتين يومياً».
وأمر هادي الحكومة بتعليق الرسوم الجمركية للمشتقات النفطية ابتداء من تاريخ القرار، بهدف تقليل الأسعار، كما وجه أن تتم بعد ثلاثة أشهر عملية مراجعة لقرار الإعفاء وتقييم الإجراءات الجديدة ومدى انعكاساتها إيجابا على حياة المواطنين. وأكد الرئيس اليمني «ضرورة تحرير سوق المشتقات النفطية أمام جميع الشركات والأفراد وفي جميع المنافذ والموانئ في إطار المنافسة الإيجابية ومنعا للاحتكار بإشراف شركة النفط والتنسيق والتعاون مع الأجهزة والمصالح الحكومية ذات العلاقة».
وذكرت وكالة «سبأ» أن الرئيس هادي شدد خلال لقائه مع مدير عام شركة النفط بعدن انتصار العراشة، عقب قرار تعيينها، على أهمية اضطلاع الشركة بمهامها ومسؤولياتها المنوطة بها، وتقييم أدائها وسير عملها وفق اختصاصاتها المعتادة. وأشار الرئيس اليمني إلى أهمية الشركة الحكومية التي كانت تحتكر استيراد المشتقات النفطية، وطلب من العاملين فيها السعي من أجل «استقرار السوق ومنع الاحتكار وتوفير المشتقات النفطية ومنع الأزمات المفتعلة».
وقبل أكثر من عامين، كانت ميليشيات جماعة الحوثي قد ألغت نشاط شركة النفط التي سيطرت عليها في صنعاء، وفتحت الباب أمام التجار الموالين لها لاحتكار استيراد المشتقات النفطية والتحكّم في سوق الوقود عبر فرض أسعار باهظة تتجاوز ضعف السعر في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، بالنسبة للبنزين والديزل، في حين وصل سعر الغاز المنزلي إلى سبعة أضعاف.
رأى رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، في بيان، أن قرار الرئيس هادي القاضي بتحرير استيراد المشتقات النفطية يعد «خطوة إيجابية تعزز من التنافسية»، لكنه لم يستبعد وجود آثار سلبية، تستدعي المعالجة عبر جملة من الإجراءات، بينها وضع شروط واضحة ومحددة لمنح التراخيص للتجار لاستيراد المشتقات النفطية وضمان شفافية ونزاهة إجراءات منح التراخيص. وشدّد نصر في بيانه على «وضع مواصفات ومعايير لجودة المشتقات النفطية المستوردة من قبل التجار وتطبيق آليات واضحة للرقابة والفحص من قبل الجهات الرسمية، وكذلك الالتزام بالقوانين النافذة في دفع الضرائب والجمارك». كما دعا إلى «ضمان وجود منافسة عادلة بين مستوردي المشتقات النفطية وتغطية احتياجات السوق منها في جميع محافظات الجمهورية، مما يساهم في الوصول إلى أسعار عادلة وفقا لشروط العرض والطلب»، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».