أنسي الحاج صياد البروق التي لا تخبو

بعد أربع سنوات على غيابه

أنسي الحاج
أنسي الحاج
TT
20

أنسي الحاج صياد البروق التي لا تخبو

أنسي الحاج
أنسي الحاج

الذين يعتقدون أن معاصرتنا للمبدعين هي نوع من الحجاب الرمزي الذي يمنعنا من قراءتهم بشكل موضوعي وتحديد القيمة الحقيقية لما أنتجوه، وأن قيمة المبدعين لا تتحدد إلا في ضوء الشغور الذي يخلفونه وراءهم بعد الرحيل، ليسوا مخطئين تماماً. ذلك أن الكثير من الأسماء تنتزع لمعانها الخلبي من عناصر خارجة عن الإبداع، ومتصلة بسلطة السياسة أو الآيديولوجيا المهيمنة، أو المنبر الثقافي الذي تشغله وتسخره للترويج لنفسها وتضخيم حجمها الإبداعي الفعلي.
لذلك يبدو الترجل عن مسرح العيش ضرورياً أحياناً لقياس الحمولات الإعلامية الزائدة للكتاب والفنانين، وللوقوف على الأحجام الحقيقية لنصوصهم ولنتاجاتهم العزلاء. وإذا التفتنا قليلاً إلى الوراء لن يعوزنا الاستدلال على هذه المقولة بالعديد من الأسماء التي تمّ تضخيمها وإعلاء شأنها ومنحها أرفع الجوائز والأوسمة من قبل «حاضنات» آيديولوجية متباينة، حتى إذا تبدلت الأزمنة وانهارت العقائد، تبخرت تلك الأسماء التي شغلت الدنيا وملأت الناس، واضمحل حضورها وخرجت أعمال أصحابها من التداول.في حين أننا لا نُعدم في الخانة المقابلة قامات من نوع آخر ما تزال رغم غيابها راسخة في وجدان القراء والمتابعين وحاضرة بقوة في المشهد الثقافي العربي.
في ضوء هذه التوطئة يحق لنا أن نسأل، وبعد مرور أربع سنوات على غياب أنسي الحاج، عما إذا كان الصدى الذي خلّفه صاحب «ماضي الأيام الآتية» وراءه هو بحجم «الدوي» الذي أحدثه في حياته، وهو الذي تبوأ سلطات ومناصب ثقافية شتى، منذ دوره الريادي في مجلة «شعر» وترؤسه لملحق «النهار» الثقافي وإشرافه على مجلة «الحسناء» وعلى «النهار العربي والدولي» وكتابته في مجلة «الناقد» وتوليه رئاسة تحرير «النهار»، وصولاً إلى زاويته الأسبوعية في جريدة «الأخبار». أعرف أن لا إجابة واحدة على السؤال إياه، باعتبار أن الأدب مسألة ذوقية وحمالة أوجه، ولكنني أعتقد أن أنسي لم يبن قصوره قبل ستة عقود على رمال السلطة والترويج الإعلامي والمناصب العابرة، لكي تطيح بما بناه أمواج الزمن وأنواؤه، بل هو مقترن بالجنون وروح التمرد شيد بنيانه فوق أكثر الصخور صلابة وقدرة على مقارعة الزمن.
فمن غير الممكن أن نستذكر صورة لبنان في حقبته الوردية الزاهية دون أن يكون أنسي الحاج حاضراً فيها. وحيث تستعاد بين حين وآخر الصورة شبه اليوتوبية للبنان ما قبل الحرب، يبدو حضور صاحب أنسي فريداً وشديد السطوع داخل تلك الصورة التي تكاد الآن أن تضمحل، بفعل التصحر والعقم الفكري وتفريغ الكيان من معناه.
لقد حظي صاحب «الرأس المقطوع» بجملة من الصفات والمزايا التي مكنته من منح الحياة الثقافية اللبنانية كل ما تحتاجه من أسباب الجدة والتنوع والحيوية الدائبة. ورغم أنه كان ركناً أساسياً من أركان مجلة «شعر» التي خاضت مع «الآداب» صراعاً لا هوادة فيه حول طبيعة الشعر ووظيفته وشروطه، إلا أن طبيعته السجالية واطّلاعه الواسع على الثقافة الغربية لم يمنعاه أبداً من التعمق في قراءة التراث والوقوف على أسرار اللغة الأم، وهو الذي اعتبر أن معرفة التراث هي الشرط الضروري لأي تجاوز له.
لقد بدا أنسي في غير مكان وكأنه يخوض الحرب على جبهتين اثنتين، أولاهما مع الجدار السميك للتقاليد الشعرية، حيث يعلن في مقدمة «لن» بأن علينا إذا ما أردنا أن يتم لنا خلاص أن «نقف أمام هذا السد ونبجّه»، وثانيتهما مع نفسه حيث لم يكن يأنس إلى يقين، وحيث الحقيقة عنده نص غير مكتمل ينبغي أن نعيد تنقيحه باستمرار. كانت «لن» بهذا المعنى تعبيراً صارخاً عن ضيق الشاعر بتصنيم الشعر واستهلاك أشكاله وجمالياته إلى حد الابتذال، أكثر من كونها النموذج الأكمل لمشروع صاحبها الحداثي. لقد حذا أنسي حذو سوزان برنار في اعتبار الإيجاز والتوهج والمجانية الشروط الثلاثة الأبرز لكتابة قصيدة النثر، وعمل في ديوانه الأول على تقويض البنية النحوية والأسلوبية المعروفة للغة الشعر، وعلى ضرب العلاقات التقليدية بين الكلمات والجمل، وعلى انتهاك الأخلاقيات المتوارثة للكتابة، بحيث أطلق عليه البعض لقب القديس الملعون.
ولأن جحيم أنسي المأهول بالشكوك كان الضريبة التي لا بد من دفعها للوصول إلى الضفة الأخرى للطمأنينة. فهو لم يتردد في الإعلان «فليذهب ملكوت القشعريرة \ أبا الهول، خذ صمتي وامنحني يسوع».
على أن أنسي المتبرم من بلادة الأشكال وتكرارها السقيم، والذي أعلن ذات مرة «أن الشاعر لا ينام على لغة»، لم يشأ أن يأسر نفسه في نمط أو أسلوب، بل راح ينتقل من شاعرية التقويض والهدم إلى شاعرية الانبثاق والرجاء والشغف بالجمال. ففي مجموعته المميزة «ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة» تحول الشعر إلى نداء لاهث الأنفاس للمنادى الأنثوي المدفوع إلى أقاصي الغياب. لقد أشاح الشاعر بوجهه في هذا الديوان عن كل ما يتصل بنداءات العدم وتسويغ الفوضى وهدم الهيكل على من فيه، ورأى في الحب المغامرة الأعتى التي تجعل الحياة جديرة بأن تعاش. ولهذا فهو لم يتردد في تحويل المرأة المعشوقة إلى أيقونة وملاذ وقِبلة للكتابة، ولا في إشهار حبه العاصف على الملأ: «انقلوني إلى جميع اللغات لتسمعني حبيبتي \ انقلوني إلى جميع الأماكن لأحصر حبيبتي..\ فحبي لا تكفيه أوراقي \ وأوراقي لا تكفيها أغصاني \ وأغصاني لا تكفيها ثماري \ وثماري هائلة لشجرة \ أنا شعوب من العشاق.».. وهذا الإعلاء للمرأة لم يتوقف عند حدود عمل واحد أو قصيدة بعينها، بل راح يتنقل من مجموعة إلى أخرى، متخففاً من وطأة التكلف وإغواء الترصيع اللفظي ومتجها إلى جوهر الهدف. كما بدا الفارق شاسعاً بين لغة «لن» المتصادية مع الانعكاسات السادو - مازوشية لتصدعات النفس «إن جلدي مشطور كالقلعة \ عميق بالشظف والعسكر \ كل ما أذكر أنني في الخندق ألتهم جسدي فيموت \ فأحشو جثتي ندماً فيحيا»، وبين لغة «الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع» حيث كل حب حقيقي هو سفْر آخر للتكوين، وحيث يتخفف أنسي من تعريفاته السابقة لقصيدة النثر، ليكتب ملحمة حبه الطويلة ونشيد إنشاده الجديد «أنا الململم ألفاظ صداكِ \ اقرأيني قبل أن يعرفوني فأصل باكراً إلى الحب \ هذه رؤياكِ بلغتي المنحنية \ هذا كنزك بلصوص يدي \ أنت التي تغير الحياة بجهْل صاعق \ هي قصتكِ \ قصة الوجه الآخر من التكوين». وفي «الوليمة «، آخر أعماله الشعرية، يستكمل أنسي ميله إلى الحكمة والتأمل واستكناه الباطن الإنساني المشرع على ملابساته المعقدة. أما المرأة التي أفرد لها معظم كتاباته السابقة، فستخلي مكانها بشكل جزئي لقضايا أخرى متعلقة بالحرب وخراب المكان ووحشة الكائن والوطن المعطل. صحيح أن الحب في وجهه العاطفي سيظل ماثلاً في قصائد المجموعة، لكن الشاعر المقبل على كهولته سيشرعه على المحبة، وسيجعل من جسده وليمة رمزية لكل جائع.
إلا أن الكتابة عن أنسي لن تستقيم بأي حال دون التوقف قليلاً عند نثره الأخاذ الذي يضاهي شعره في النضارة والليونة وإصابة الهدف. وإذا كان إليوت قد أشار في أحد كتبه إلى أن النثر هو أحد المعايير الأكثر دقة لقياس أحجام الشعراء، فإن هذه الإشارة أكثر ما تصح على صاحب «كلمات، كلمات». فاللغة في «خواتم» ليست واقعة تحت وطأة الرطانة والخشونة اللفظية والميوعة الإنشائية، ولكنها تخرج من مناجمها بريئة وطازجة ومثقلة بالمعرفة وشديدة التوهج. ومع أنها تحمل نبرة نبوية وفلسفية واضحة، ولكنها ليست لغة لتربية الآخرين وتبشيرهم وتلقينهم دروساً في الأخلاق، لأن محورها الأهم هو الحرية. ثمة جُمل شبيهة بالرُّقَع والتوقيعات والخلاصات الأخيرة لأغوار المعاني. وثمة تعريفات موجزة للعالم وجنونه السادر، تذكّرنا بشذرات بودلير نيتشه وسيوران من ناحية، وتردّنا إلى المقدس الديني ومراثي إرميا واعترافات أوغسطين من جهة أخرى. وفي الأحوال كلها ثمة انحياز لا هوادة فيه لدينامية الحياة في بعدها الديونيزي الذي رأى فيه نيتشه أساساً لكل عمل فني أو إبداع خلاق. وهو ما يعززه قول إنسي في أحد نصوصه «المميت هو ما لا يترك بينك وبينه مسافة تسمح لك بإعادة اختراعه». أو وصفه للفصاحة المفرطة بأنها «العدوان الأكثر تشويهاً لعذرية الفراغ»، وبأنها «جثث الكلام وقد رقّيَتْ إلى مصاف المومياءات».
لا أستطيع، أخيراً، أن أختم هذه المقالة دون أن أشير إلى شخصية أنسي الحاج ذات الجاذبية اللافتة التي تجمع بين قوة الحضور والتواضع النبيل، إضافة إلى نوع من الكاريزما الخاصة التي لم ينفك وجهه النوراني وجبينه الواسع وعيناه المغرورقتان بسراب الجمال الدامع، عن رفدها بأسباب الرقة والحنو والحدب على كل من يلتقيه.
كانت ابتسامته الخفرة تسبق يده إلى ملاقاة أصدقائه وزواره ومعجبيه الكثر. حتى إذا ما آنس من أحد تعليقاً ساخراً أو طرفة لماحة، انقلبت ابتسامته إلى قهقهة عالية تطيح بكل ما ادخره في لحظات اللقاء الأولى من رصانة ظاهرة.
على أن الرقة المتناهية التي ميزت سلوك الشاعر لم تكن سوى الجزء العلني من صلابته النادرة في وجه المرض المقيت الذي فتك به في سني حياته الأخيرة، وهو الذي لم يعمد يوماً إلى التذمر والأنين والشكوى. ولطالما تساءلت في قرارتي وأنا أقرأ «لن»، مقدمة ونصوصاً، عما إذا كان أنسي الحاج قد حدس في أعمق أعماقه بالمرض القاتل الذي سيذهب ضحيته بعد خمسين عاماً من قوله «نحن صيدليو عشبة الهلاك الباتّة \ لا وجهة.. لا وجهة \ أسرْطن العافية \ وأهتك الستر عن وجه السرطان»!.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT
20

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.