انتصار اليمين المتطرف في إيطاليا يقلق بروكسل

ترقب لقرار الرئيس ماتاريلا... ولوبن وفاراج أول المهنئين

انتصار اليمين المتطرف في إيطاليا يقلق بروكسل
TT

انتصار اليمين المتطرف في إيطاليا يقلق بروكسل

انتصار اليمين المتطرف في إيطاليا يقلق بروكسل

نامت إيطاليا عشيّة الانتخابات العامة على مشهد سياسي معقّد وخشية من الدخول في نفق التوازنات والتحالفات المستحيلة لتشكيل حكومة مستقرّة، واستيقظت غداتها على مشهد أكثر تعقيدا مما كانت تتوقع، حابسة أنفاسها مع ظهور النتائج الأولى وإطلالة أشباح الماضي غير البعيد عندما اضطرت لتشكيل 64 حكومة في أقل من 70 عاما.
الصعود القوي لحركة النجوم الخمس الشعبوية وأد معادلة الثنائية الحزبية، ربما إلى غير رجعة، وثبّت التقدم الواضح للقوى الراديكالية مع النجاح الكبير الذي حققته رابطة الشمال اليمينية المتطرفة متقدمة بوضوح على حليفها سيلفيو برلسكوني، فيما تراجع الحزب الديمقراطي الحاكم إلى نصف النتائج التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة عام 2013، ما دفع زعيمها ورئيس الوزراء السابق ماتيو رنزي إلى الاستقالة من قيادة الحزب.
لكن النصر الذي أحرزته حركة النجوم الخمس (32٪) لن يكون كافياً لإعطائها الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة بمفردها. والتحالف اليميني الذي يضّم برلسكوني ورابطة الشمال والفاشيين الجدد، ويتجاوز مجتمعاً الحركة بست نقاط، يبقى دون نسبة 40٪، مما يضع الحزب الديمقراطي، رغم كونه الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات (20٪)، في موضع مفصلي للخروج من هذه الأزمة المعلنة.
المهمة الأصعب الآن هي تلك الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية سرجيو ماتّاريلّا ليختار من سيكلّفه تشكيل الحكومة في مهلة معقولة، قبل أن يرتفع منسوب ضغط أسواق المال وتطلق صفارات الإنذار، محذرة من تضخم الدين العام في القوة الاقتصادية الثالثة في منطقة اليورو. لم يكن خافياً أن ماتّاريلّا كان يأمل في أن تتشكل حكومة ائتلافية بين الحزب الديمقراطي وبرلسكوني، على غرار الائتلاف الذي شهد النور مؤخرا بعد مخاض عسير في ألمانيا، لكن النتائج التي حصل عليها هذان الحزبان لا تكفي لحلحلة الوضع الذي سيكون مفتاحه بيد النجوم الخمس التي لم تعلن حتى الآن عن استعدادها للدخول في أي تحالف.
وقد أكد زعيم الحركة، لويجي دي مايو البالغ 31 عاما، في تصريح أمام الصحافة أمس: «لدينا مسؤولية تشكيل حكومة» في إيطاليا، وأضاف أن «هناك مناطق بأسرها حصدنا فيها أكثر من 50 في المائة (من الأصوات)، ومناطق حصلنا فيها على 75 في المائة من الأصوات». وبينما ترفض الحركة أي تحالف، قالت إنها مستعدة «للتواصل مع كل القوى السياسية»، لكن على أساس برنامجها الذي يرتكز على محاربة الفقر والهجرة وتعزيز الأمن والتوظيف والنمو. وأكد سالفيني أيضا أنه يتحدث «إلى الجميع»، إلا أنه استبعد أمام الصحافة أي «أكثرية مصطنعة» مع حركة النجوم الخمس فقال: «كلا، وسطروا ثلاث مرات» تحت هذه الكلمة.

لكن ليس مستبعدا أن تعيد الحركة النظر في موقفها من التحالفات، خاصة مع الحزب الديمقراطي، لا سيما أنه لم يكن واردا في حساباتها الحصول على نتيجة تتجاوز 40٪. مثل هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، حيث إن الحركة أرست قواعد مشروعها على رفض الأحزاب التقليدية والمنظومة السائدة، ولن يكون من السهل تمريرها في أوساط المؤيدين الذين لهم الكلمة الفصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهي تنطوي على مجازفة كبيرة بالنسبة لرنزي الذي وجّه معظم سهام حملته الانتخابية ضد الحركة، وأكّد مراراً أنه لن يتحالف مع المتطرفين، فضلا عن أنه قد يواجه خطر ذوبان حزبه نهائيا ضمن هذا التحالف.
أما الصراع الأهّم الذي يجب مراقبته في المشهد السياسي الإيطالي، هو الذي يعتمل منذ بداية الحملة الانتخابية بين برلسكوني وماتّيو سالفيني زعيم رابطة الشمال الذي يطمح لقيادة اليمين الإيطالي. وقد أصابت زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي ماري لوبان في أول تعليق لها على نتائج الانتخابات الإيطالية والفوز الذي أحرزه صديقها سالفيني عندما قالت: «لن ينام الاتحاد الأوروبي هانئاً هذه الليلة». وقد وجّهت لوبن عبر «تويتر» «تهانيها الحارة» إلى سالفيني، معتبرة أن «تقدمه المدهش» هو «مرحلة جديدة من يقظة الشعوب». كما هنّأ نايجل فاراج الزعيم السابق لحزب «يوكيب» البريطاني المؤيد لبريكست «زملاءه» في حركة النجوم الخمس على «تويتر». فيما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته، إلى «الضغط الكبير (بسبب) الهجرة» الذي يرخي بثقله على إيطاليا، بعد أن تركها الاتحاد الأوروبي تواجه لوحدها أزمة وصول مئات آلاف المهاجرين إليها في السنوات الخمس الأخيرة. وفي بروكسل، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها «واثقة» بإمكان تشكيل حكومة مستقرة.
وبعد هذه النتائج، أصبح سالفيني مخوّلاً المطالبة بزعامة اليمين تحت لواء الخروج من الاتحاد الأوروبي وطرد اللاجئين والدفاع عن العرق الأبيض. ومما لا شك فيه أن استبعاد حزبه عن أي تشكيلة حكومية في هذه المرحلة، لن يحول دون تصعيد الخطاب السياسي في إيطاليا نحو مزيد من العدوانية وزيادة التوتر الاجتماعي.
لكن السيناريو الذي يقضّ مضجع بروكسل هو احتمال التقارب بين رابطة الشمال وحركة النجوم الخمس اللتين تترافد طروحاتهما، كلما تعلّق الأمر بالاتحاد الأوروبي واليورو. وليس من باب الصدفة أن يحلّ على روما في هذه الأيام ضيفٌ مثل المنظّر اليميني المتطرف ستيف بانون، المستشار الأقرب السابق من دونالد ترمب، الذي قال إنه جاء «مشجّعاً للقوى الشعبوية».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.