ارتباك فكري وشرذمة تنظيمية ينهكان فصائل الشمال السوري

وسط الاقتتال الداخلي والشائعات عن عودة «القاعدة»

ارتباك فكري وشرذمة تنظيمية ينهكان فصائل الشمال السوري
TT

ارتباك فكري وشرذمة تنظيمية ينهكان فصائل الشمال السوري

ارتباك فكري وشرذمة تنظيمية ينهكان فصائل الشمال السوري

يزداد وضع القوة المحسوبة على تيار الإسلام السياسي الراديكالي المسلح في شمال غربي سوريا تعقيداً. وتشهد مناطق في محافظة إدلب تأجج حدة التوترات، عوضاً عن توحّد الساحة العسكرية بعد هزيمة تنظيم داعش والهجوم الذي تشنه قوات بشار الأسد والميليشيات الداعمة لها على المحافظة ومدينة إدلب عاصمتها الإدارية. إذ اندلعت المواجهات من جديد بين مختلف التنظيمات مع انقسام «هيئة تحرير الشام» إلى فصائل متناحرة لكل منها جدول أعمالها الخاص.
بدأت في الأيام الأخيرة «جبهة تحرير سوريا» هجماتها الواسعة على مقار ومعسكرات «هيئة تحرير الشام»، التي تضم ضمن مَن تضم «جبهة النصرة» سابقاً - المرتبطة بدورها بتنظيم «القاعدة» - إلى الغرب من مدينة حلب، كبرى مدن شمال سوريا. وجاء هذا التطوّر في أعقاب إعلان التشكيل العسكري الجديد المؤلف من «حركة نور الدين زنكي» و«حركة أحرار الشام». وأفاد ناشطون بأن الهجوم سبقته موجة اتهامات متبادلة بشأن عمليات قتل وتصفية.
الشيخ حسن دغيم، الخبير في شؤون الحركات الراديكالية السورية، ذكر أن الحرب بين «حركة نور الدين زنكي» و«هيئة تحرير الشام» كانت قد اندلعت منذ ثلاثة أشهر. وتجدّدت أخيراً الاشتباكات بين «جبهة تحرير سوريا» - التي بات تضم حركتي «زنكي» و«أحرار الشام» - ويقاتل معهم تنظيم «صقور الشام»، ولقد وصلت الاشتباكات حتى إدلب.
ومن ناحية ثانية، يشير الشيخ رامي الدالاتي، وهو أيضاً متخصص في الحركات الراديكالية السورية، إلى «أن الوضع الحالي يشهد صراعاً فصائلياً في محاولة لمناكفة هيئة تحرير الشام من قبل الفصائل التي تعتبر أقل درجة إن صح القول، مثل أحرار الشام. وهذه الأخيرة تسعى للتواصل مع الفصيل المتمرد من الهيئة، ونعني نور الدين زنكي، ولقد شكل الفريقان معا جبهة تحرير سوريا». ويتابع الدالاتي: «الحقيقة أن جبهة تحرير سوريا ليست جبهة مندمجة فعلياً بل هي عبارة عن اتفاقية دفاع مشترك بين الفريقين. فهي شُكلت بدافع التصدي، أو انطلاقاً من شعور خوف متصاعد تجاه هجوم قد تشنه عليها هيئة تحرير الشام».

مخاوف و«مناكفة»؟
ويضيف الدالاتي «أن هيئة تحرير الشام تشعر بخوف حقيقي من تنظيم زنكي الذي يملك بالإضافة إلى القوة العسكرية، ولو المتواضعة، ثقلاً اجتماعياً خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرته مثل غرب حلب، وهي مناطق منظمة بشكل دقيق. وهذا ما يشكل تحديا لهيئة تحرير الشام. وبالتالي، يحاول الزنكي أن يتسبب بمناكفة لهيئة تحرير الشام بغية تفعيل موقعه في العلاقة مع الأتراك، ولكي تتم استشارته في إدخال القوات التركية التي لا تزال حتى الآن تدخل سوريا فقط عن طريق هيئة تحرير الشام».
هذا، وفي سياق الاتهامات المتبادلة، تدّعي «هيئة تحرير الشام» أنها اعتقلت بعض العناصر من «حركة نور الدين زنكي» نفذوا عمليات اغتيال، وهو أمر تنفيه الحركة. كذلك تدعي «الهيئة» أن «زنكي» أدخلت إلى إدلب مجموعة تتألف من 120 شاباً من جيش الثوار الموالي للأكراد في مناطق «جيب» عفرين بهدف اغتيال شخصيات من «الهيئة». وعلى الرغم من أن «حركة نور الدين زنكي» تنكر هذه الادعاءات، «فإن من الصعوبة بمكان أن تتمكن هكذا مجموعة من العبور من عفرين إلى حلب أو إدلب من دون المرور بأراضي زنكي»، كما يقول الشيخ الدالاتي.

وساطات «شرعية»
من جهة ثانية، كان لعدد من المشايخ والدعاة البارزين محاولات كثيرة لإنهاء القتال الدائر بين «هيئة تحرير الشام» و«حركة نور الدين الزنكي» في الشمال السوري المحرَّر. وبحسب «الدرر الشامية»، كتب الداعية عبد الرزاق المهدي في منشور على قناته «تليغرام» تفاصيل ما حدث أثناء لقاء قادة «زنكي» و«الهيئة». ومما جاء في المنشور أنه حضر الجلسات الشيخ عبد الله المحيسني، والشيخ مصلح العلياني، والشيخ أبو محمد الصادق. وأكد المنشور أنه «قياماً بالواجب الشرعي على طلاب العلم والمصلحين، انطلقنا لنستمع للأطراف المتنازعة أي هيئة تحرير الشام وحركة نور الدين الزنكي، وكنا قد اتفقنا أن نسعى لزيارة الطرفين حقناً للدماء وحفظاً للساحة من الضياع».
الجدير بالإشارة، أن الخلاف بين حركة «نور الدين زنكي» و«هيئة تحرير الشام» ليس الخلاف الوحيد الذي تشهده الساحة الراديكالية السورية، وتحديداً في شمال غربي سوريا. ولقد عزا نشطاء ومعارضون الخسائر الملحقة إلى انسحاب مسلحي «الهيئة» من المنطقة وتخليها عنها لصالح نظام الأسد، فوفق الناشط إبراهيم إدلبي: «بدلاً من القتال، سلِّمت هيئة تحرير الشام الأراضي للقوات الموالية لنظام الرئيس (بشار) الأسد». أما الخبير حايد حايد، من مركز تشاتام هاوس البريطاني للأبحاث، فيرى أن «تراجع الهيئة يصب ضمن استراتيجية أوسع لحماية المناطق الواقعة غربي خطة سكة الحديد (سكة حديد حلب - دمشق)، ومن أجل توطيد السلطة في المناطق الأخرى التي تعتبرها أكثر حساسية».
ومن الواضح، أن الخسائر العسكرية ساهمت في تفاقم المشكلات الداخلية ضمن «هيئة تحرير الشام» بعد انفصالها عن تنظيمها الأم - أي تنظيم القاعدة، الذي أعقبه حلقات متتالية من إعادة التسمية ومن اعتقال طال حركيين بارزين في صفوفها. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) أوقفت «الهيئة» بتوقيف الشيخ الدكتور سامي العريدي و«أبو جليبيب الأردني» اللذين كانا من أبرز الشخصيات الحركية في «الهيئة»، قبل أن يجري إطلاقهما لاحقا. وبالإضافة إلى الدكتور سامي العريدي و«أبو جليبيب»، جرى اعتقال أعضاء بارزين آخرين هم «أبو خديجة الأردني» و«أبو مصعب الليبي»، وفق الشيخ حسن دغيم. وجاءت هذه الاعتقالات بعد حملة طويلة من الاغتيالات الغامضة استهدفت أعضاء «هيئة تحرير الشام».

تحوّل براغماتي؟
وفي هذا الصدد يوثق حايد حايد 35 اغتيالاً ضد أعضاء المنظمة، بينما يقول حسن أبو هنية، الخبير في شؤون «القاعدة» إن «هذه الاغتيالات استهدفت أشد المعارضين الذين تصدّوا للتحوّل البراغماتي الذي سعى إليه أبو محمد الجولاني». وللتذكير، فإن «جبهة النصرة» كانت قد أعلنت في يوليو (تموز) 2016 انفصالها عن تنظيمها الأم، أي تنظيم «القاعدة»، وبدأت العمل تحت مسمى «جبهة فتح الشام»، قبل أن تتخذ تسميتها الجديدة في يناير (كانون الثاني) 2017.
أما جهود الجولاني الساعية لإضفاء صبغة براغماتية على «الهيئة» فلم تتوقف عند الانفصال عن تنظيم القاعدة فحسب، بل أدت أيضا إلى تقارب مع تركيا. ففي أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، عبرت قوات الاستطلاع التركية محافظة إدلب ضمن المرحلة الأولى من عملية «تهدئة» الانتشار مع مرافقة وحراسة مسلحة من «هيئة تحرير الشام». وفي فبراير (شباط) الماضي تناقل مؤيدون لـ«الهيئة» شريط فيديو لأحد رجال الدين وهو يشرح قواعد تعاون «الهيئة» مع تركيا، غير أن هذا الفيديو ما لبث أن حُذف.

ارتباك وشرذمة تنظيميين
في أي حال، يمكن القول إن تحوّل «هيئة تحرير الشام» من تنظيم راديكالي متشدّد إلى منظمة براغماتية بعيدة عن «القاعدة»، وتفاوضها مع قوى إقليمية مثل تركيا، أديا إلى شرذمة المشهد في إدلب. ذلك أن عدداً من المجموعات مثل «جند الملاحم» و«جيش البادية» انفصل عن «الهيئة»، ولو أنه «ليس لهذه التنظيمات أي ثقل حقيقي أو قبول اجتماعي، وهي في الحقيقة أقرب لمجموعات القاعدة، من دون أن تكون فعليا من «القاعدة» وفق الشيخ الدالاتي. وحول هذه النقطة، يشرح الشيخ دغيم فيقول إن العريدي و«أبو جليبيب» جدّدا بيعتهم لـ«القاعدة» وسميا جماعتهما بـ«أنصار الفرقان»، أما «شباب جند الأقصى» فسموا أنفسهم «جند الملاحم»، في حين اختار فريق ثالث لا يريد لا الجولاني ولا العريدي أن يسموا أنفسهم «جيش البادية». ومن جانبه، يفيد إدلبي أن جميع هذه المشكلات «أدت إلى تقليص إلى حد كبير قوى هيئة تحرير الشام إلى نحو 5 آلاف مقاتل»، و«هذه المجموعات المنشقة تدين كلها بولائها لتنظيم القاعدة» وفق أبو هنية.

خطر عودة «القاعدة»
عودة إلى الدالاتي، فإنه يقول إن مجموعة «أبو جليبيب الأردني» وسامي العريدي و«أبو القسام الأردني» انشقت وحاولت أن تعيد إنشاء «القاعدة» الأصلي بقيادة «أبو همام السوري» إلا أنها لم توفق بذلك. وكانت «الهيئة» حادة في منع قيام مشروع «القاعدة» مرة أخرى على الأراضي السورية، ولذا اعتقلت «أبو جليبيب» والعريدي وأفهمتهما رسالة حازمة قبل أن تطلق سراحهما. وبالتالي، منع نشوء تنظيم لـ«القاعدة» في الشمال السوري، وأتباع هذين الحركيين رغم أنهم موجدون في الشمال السوري فهم لا يحظون بقبول شعبي كبير، ولا سيما أن أفراد هذه المجموعات انقسموا على أنفسهم بنتيجة تباين مواقف «أبو همام» والعريدي.
إلا أنه ووفقاً لمصادر مطلعة في إدلب، ما زال بإمكان «القاعدة» الاستفادة من الارتباك والشرذمة ومحاولة توحيد هذه الجماعات تحت راية واحدة. ويُعتقَد أن التنظيم الأساسي لـ«القاعدة» أرسل بالفعل أن حمزة، أحد أبناء زعيم «القاعدة» السابق الراحل أسامة بن لادن، إلى سوريا. وثمة من يزعم أنه موجود الآن في درعا، بيد أن أبو هنية وحايد لم يتمكنا من تأكيد الخبر. وفي هذا الصدد، اعتبر أبو هنية «أن حمزة بن لادن مرتبط بإيران والقاعدة في سوريا، ويمكن أن يصبح في نهاية المطاف أداة في يد طهران، وأن يلعب ضد المصالح الأميركية في شمال سوريا». ويعتقد أن حمزة بن لادن عاش وتزوج في إيران قبل أن ينضم إلى والده في أفغانستان ومن ثم يعبر إلى الأراضي السورية مع سيف العدل.
وتعليقا على ذلك، ينفي الشيخ دالاتي تماماً وجود ابن لادن في سوريا، ويعتبر الأمر مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة. ومن ثم يشرح «أن المجموعة القاعدية التي انتشرت في سوريا لها علاقة بسيف العدل الموجود في إيران وهي على تواصل واضح معه. أما وجود حمزة بن لادن في سوريا فغير دقيق إطلاقاً».



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.