السراج يشدّد على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لضمان أمين الحدود

اشتباكات سبها تجبر السكان على النزوح... والبرلمان يتهم أجهزة مخابرات أجنبية

TT

السراج يشدّد على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لضمان أمين الحدود

اعتبر فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس، أن توحيد المؤسسة العسكرية ضرورة قصوى لضمان تأمين الحدود ومواجهة التحديات التي تواجه البلاد، في حين تجددت الاشتباكات المسلحة في مدينة سبها جنوب البلاد، بالتزامن مع إعلان الجيش الوطني، الذي يستعد على ما يبدو لعملية عسكرية كبيرة في المنطقة الجنوبية، أن عناصر تنظيم داعش تنشط هناك، وتأكيد مسؤول برلماني تواجد أجهزة مخابرات أجنبية بالمنطقة.
وقال السراج في بيان له عقب لقائه أمس مع أعضاء اللجنة التابعة له لحضور اجتماعات القاهرة الرامية إلى توحيد الجيش الليبي، إن مسألة توحيد المؤسسة العسكرية هو ما يجب أن تدركه الأطراف كافة لتعمل بجد ومسؤولية وطنية على إنجاح المسار السياسي التوافقي. وأوضح السراج، أنه التقى بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي بالعاصمة طرابلس، مع اللجنة التي أحاطته بنتائج مباحثاتها في القاهرة، والنقاط التي تم الاتفاق بشأنها. وما خلصت إليه المحادثات الأخيرة حول الهيكل التنظيمي للمؤسسة العسكرية.
ومن المقرر أن تستضيف القاهرة جولة جديدة قبل نهاية الشهر الحالي من الاجتماعات بين ضباط يمثلون مختلف مناطق ليبيا، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي على إعادة توحيد وهيكلة الجيش وتحديد علاقته بالسلطة التنفيذية، علما بأن العاصمة المصرية استضافت حتى الآن ست اجتماعات على مدى الشهور القليلة الماضية لكنها لم تسفر عن اتفاق معلن. ويرفض الجيش الوطني الليبي اعتبار السراج بمثابة القائد الأعلى للجيش، في حين أنه أعلن عن توافق على استمرار المشير خليفة حفتر في موقعه، قائداً عاماً للجيش الوطني في البلاد، في حال انتهاء مفاوضات القاهرة بتسوية نهائية.
وتواصل القاهرة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، استضافة اجتماعات لجنة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، حيث عقد الاجتماع الأخير منتصف الشهر الماضي، علماً بأن الجيش أعلن مؤخراً أن توقيع اتفاق توحيد المؤسسة العسكرية برعاية السلطات المصرية بات وشيكاً. وسبق للجنة المصرية الرسمية المعنية بليبيا، التي يترأسها اللواء محمد الكشكي، مساعد وزير الدفاع المصري، أن حثت نهاية العام الماضي، كافة الأطراف الليبية على دعم توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإعادة هيكلتها وتنظيمها.
في غضون ذلك، تجدّدت أمس الاشتباكات المسلحة بين الأطراف المتحاربة في مدينة سبها جنوب ليبيا، في حين نزحت 120 عائلة من المدينة، وفقاً لما أعلنته بلديتها. وحلقت أمس طائرات حربية تابعة للجيش الوطني الذي يقوده المشير حفتر في سماء المدينة، كما وزع الجيش لقطات مصورة لوصول غرفة عمليات القوات الجوية من مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي، إلى قاعدة براك الشاطئ الجوية القريبة بقيادة اللواء محمد المنفور.
وكشفت وحدة الإعلام الحربي التابعة للجيش عن أن الغرفة تضم تجهيزات عسكرية ضخمة، من بينها مقاتلات سلاح الجو؛ وذلك لمساندة وحدات الجيش في إعادة استتباب الأمن في مناطق الجنوب الليبي. وقال اللواء المنفور، قائد سلاح الجو، إن هدف الوصول هو تأمين الجنوب الكامل، وطمأن أهالي المنطقة إلى أن الجنوب سيكون في حماية قوات الجيش الوطني. وتابع: «نحن هنا بتعليمات من المشير حفتر، ونقول لأهلنا وللقبائل في الجنوب، إننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، ولن نسمح باعتداء أحدهم على الآخر، كما لن نسمح باقتراب أو عبور الميلشيات المسلحة من المنطقة».
وقالت بلدية سبها في بيان لها، إن الاشتباكات التي تشهدها المدينة منذ الأحد الماضي، وتردي الوضع الأمني الدائر الذي يشهده مدخل المدينة الجنوبي، أجبرا 120 عائلة من عائلات حي الطيوري على النزوح، مشيرة إلى أن عدد المدنيين النازحين 700 شخص، إضافة إلى 200 طفل. وطبقاً لما قاله المتحدث باسم مركز سبها الطبي، فإن الاشتباكات المسلحة أسفرت منذ مطلع الأسبوع الحالي عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 12 آخرين، حيث تشهد المدينة اشتباكات عنيفة بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو، بعدما هاجم مسلحو التبو مقر اللواء السادس بوسط سبها، بسبب مقتل أحد مسلحي التبو.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، العميد أحمد المسماري، إن تنظيم داعش ينشط في بعض المناطق الصحراوية بالجنوب الليبي، ويحظى بدعم غير معروف المصدر. في المقابل، تحدث المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي فتحي المريمي، عن أزمة كبيرة بسبب تواجد أجهزة استخبارات أجنبية في المنطقة الجنوبية، لكنه لم يكشف المزيد من التفاصيل.
من جهة أخرى، دشّنت السلطات المحلية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، حملة دعم وإعادة إعمار جامعة بنغازي، حيث أعلنت عن جمع 3.7 مليون دولار في الأسبوع الأول من الحملة التي تتبناها الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني. وجرى الإعلان عن انطلاق هذه الحملة خلال مؤتمر دعم جامعة بمشاركة الثني ورئيس أركان الجيش الفريق عبد الرزاق الناظوري، ومحافظ البنك المركزي المعين مؤخراً من البرلمان الليبي محمد الشكري، وعدد من النواب والمسؤولين المحللين. ودشن نخبة من موظفي جامعة بنغازي رسمياً حملة دعم الجامعة؛ بهدف إعادة إعمارها من الدمار الذي لحق بها جراء العمليات العسكرية التي شنها الجيش ضد الجماعات الإرهابية خلال الأعوام الماضية. وتعد جامعة بنغازي التي تأسست عام 1955 من أعرق الجامعات الليبية، وتعرضت إلى دمار كبير طالها نتيجة الأعمال العسكرية التي شنها الجيش ضد المجموعات الإرهابية.
في سياق منفصل، نقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية لحكومة الثني عن شهود عيان، أن الميلشيات المسلحة التابعة لكتيبة ثوار طرابلس بقيادة هيثم التاجوري أطلقت النار على جماهير النادي الأهلي بطرابلس، أثناء قيامهم بالاحتجاج أمام مقر الاتحاد الليبي لكرة القدم. وقالت، إنه تم تفريق المحتجين بقوة الرصاص؛ ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى، على خلفية اتهام الجماهير للاتحاد الليبي بأنه منحاز بشكل واضح لنادي الاتحاد ضد النادي الأهلي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.