البرامج الحوارية الفكاهية في أميركا... بين القهقهات والانتقادات

راجت أسواقها في عهد ترمب حتى تناقلت تصريحاتها الصحف

من أرشيف قناة «إن بي سي»  عام 1969 عندما استضاف جوني كارسون الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وزوجته نانسي
من أرشيف قناة «إن بي سي» عام 1969 عندما استضاف جوني كارسون الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وزوجته نانسي
TT

البرامج الحوارية الفكاهية في أميركا... بين القهقهات والانتقادات

من أرشيف قناة «إن بي سي»  عام 1969 عندما استضاف جوني كارسون الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وزوجته نانسي
من أرشيف قناة «إن بي سي» عام 1969 عندما استضاف جوني كارسون الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وزوجته نانسي

«ستيفن كولبيرت: ترمب عقلاني، لنؤيده هنا»، «ديفيد ليترمان: ترمب ليس أوباما»، «سيث مايارز: ليحاكم ترمب»، «تريفر نوح: ترمب يتلون مثل الحرباء».
هذه عناوين صحف ومجلات أميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية. المصرحون ليسوا أعضاء في الكونغرس، ولا قادة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أو خبراء أو اختصاصيين. يقدم هؤلاء، وغيرهم في قنوات تلفزيونية أميركية رئيسية، برامج مقابلات تلفزيونية ليلية تخلط بين الجد والمرح، خصوصاً بين أخبار السياسيين والتندر عليهم.
في عهد الرئيس دونالد ترمب، راجت أسواقهم. وقال واحد منهم: «يعيش ترمب، زاد مشاهدونا». وصارت الصحف الرئيسية تنقل تصريحاتهم عن ترمب، وعن غيره، وكأنها تصريحات عمالقة السياسة.
لا تُذكَر المقابلات التلفزيونية الليلية، إلا ويُذكر جوني كارسون، مؤسس هذا النوع من البرامج التلفزيونية قبل نصف قرن قريباً. قدم كارسون برنامج «ذا تونايت شو» لمدة 30 عاماً من عام 1962 إلى عام 1992، استضاف فيها أبرز الشخصيات وكوفئ عمله بـ6 جوائز «إيمي».
لكن، يعود تاريخ المقابلات الإعلامية إلى ما قبل ذلك بنصف قرن تقريباً، إلى زمن المقابلات الإذاعية. وكان نجمها الممثل الفكاهي بوب هوب؛ عمل هوب في خدمة الراديو واشتهر بلقاءاته وعُرِف بصداقته للرؤساء الأميركيين. وانتقل إلى التلفزيون بعد ظهوره.
زامل هؤلاء نجم آخر: إيد سالفيان. الذي اشتهر بأنه أول من قدم المغني ألفيس بريسلي، وأول من قدم فرقة «بيتلز» البريطانية عندما زارت الولايات المتحدة لأول مرة. وقدم أول فرقة غنائية نسائية لمغنيات سود البشرة: «سوبريمز» (من نجومها دايانا روس).
تغيرت الوجوه والبرامج، وأضحى اليوم عدد منها من الأشهر عالمياً. تطل على الشاشات ويترقبها المشاهدون. ومنها «دايلي شو» (العرض اليومي) من تقديم تريفور نوح على قناة «كوميدي سنترال». جاء تريفور من جنوب أفريقيا، ليخلف المقدم الشهير جون ستيوارت. ومع استمرار أكثر الكتاب والمخرجين، لم يتغير البرنامج كثيراً. غير أن نوح أضاف نكهة جنوب أفريقية.
وإلى جانب هذا البرنامج يأتي «ليت نايت شو» (العرض الليلي المتأخر) من تقديم سيث مايرز على قناة «إن بي سي» ليعرض الأخبار اليومية بطريقة فكاهية. ويقدم فقرة «كلوسر لوك» (نظرة أقرب)، يتهكم فيها على السياسيين. وهنالك أيضاً «تونايت شو» (عرض الليلة) من تقديم جيمي فالون على قناة «إن بي سي». فالون خلف الكوميدي الشهير جاي لينو. ويستمر في تقديم مقابلات ممتازة. لكن، تختلف نكهته عن نكهة لينو. فبدلاً عن المقابلات التقليدية مع ضيوف يجلسون على «كنبة» بالقرب منه، صار يحاول إشراك الضيوف في ألعاب وألغاز.
ويقدم جون أوليفر برنامجاً أسبوعياً تحت عنوان «لاست ويك تونايت» على قناة «إتش بي أو». يناقش موضوعاً سياسياً مهمّاً، ويبسطه في روح فكاهية، مثلما يفعل جون ستيوارت.
واستطاع الكوميدي البريطانية جيمس كوردين أن يقتحم البرامج الأميركية بـ«ليت ليت نايت شو» (العرض الليلي المتأخر جداً) على قناة «سي بي إس».
يقدم هذا الكوميدي واحداً من أكثر هذه البرامج تندراً. يميل أكثر نحو التندر عنه نحو السياسة والمواضيع الجادة. ويشتهر بفقرة «كاربول كاريوكي» التي شاركت بها سيدة أميركا الأولى سابقاً ميشيل أوباما.
وبدوره، يقوم آندي كوهين بتقديم برنامج «وات هابينز» (ما يحدث) على قناة «برافو» التي تشتهر ببرامج الواقع. وكطابع القناة، يحمل برنامجه طابع الفكاهة المتحررة.
ومن جيل بيل ماهر ومقدمين اشتهروا في تسعينات القرن الماضي، يبقى المذيع كونان أوبراين صامداً في برنامجه «كونان» على قناة «تي بي إس». هذا برنامج الكوميديا الصاخبة، والضحك بصوت عال، والفكاهة شبه الفوضوية، لكن يسيطر عليها مقدم البرنامج ويحرص استضافة أهم المشاهير فقط.
ويطل ستيفن كولبيرت على جمهوره من خلال برنامج «ليت شو» (العرض المتأخر) على قناة «سي بي إس». تحول كولبيرت من شخصيته الساخرة المحافظة عندما كان يقدم «تقرير كولبيرت» إلى شخصية تقليدية وسط مقدمي هذه المقابلات الليلية. جاء بعد ديفيد ليترمان، أكثرهم شهرة (تقاعد، ثم قال إنه لا يقدر على ذلك). جمع بين جدية برنامجه الأول وفكاهية هذا البرنامج. وقدم مقابلات مدهشة، كما فعل مع جو بايدن، نائب الرئيس السابق.
كما يعتبر المذيع جيمي كيميل الذي يطل ضمن برنامج «جيمي كيميل لايف» على قناة «إيه بي سي» النجم الأول وسط مقدمي المقابلات التلفزيونية الليلية. وُصِف بأنه جريء، ويمكن نقده، لولا فكاهته.
قالت صحيفة «بوليتكو» إن التندر على السياسيين، وبقية المشاهير، في الولايات المتحدة يدل على شيئين: أولا: توفر حرية ربما لا توجد مثلها في أي بلد آخر. وثانياً: وجود استعدادية للحوار العام وسط النقد والنقد المضاد.
وقالت الصحيفة إن الفكاهة السياسية الأميركية بدأت منذ قبل استقلال الولايات المتحدة. وذلك بالتندر على الاستعمار البريطاني. لهذا، كان أكثرها سرّاً، أو غير مكتوب. ولاحظت أن أكثر الرؤساء تعرضاً للتندر هم الذين يرتكبون أخطاء. وكلما زادت الأخطاء زاد التندر وأصبح الإعلاميون أكثر جرأة في انتقاد الرؤساء وحتى استضافتهم. حيث أطلقوا على الرئيس السابق جيمي كارتر لقب «المزارع الساذج» من ريف ولاية جورجيا، وانتقدوا فقدان ذاكرة رونالد ريغان، الذي بالفعل أصيب بألزهايمر في كبره. ولم يرحموا الرئيس السابق جيري فورد عندما سقط على سلم الطائرة الرئاسية. ولم يسلم جورج بوش الأب من الانتقادات حول البيئة الأرستقراطية التي انحدر منها حيث قالوا وقتها: «زار متجراً، ولم يعرف كيفية دفع قيمة المشتريات». وبعدها انتقدوا نجله عندما تسلم الرئاسة، واتهموه بشح الثقافة ومخاصمة القراءة الجادة. فضائح بيل كلينتون بالخيانة الزوجية جعلت منه مادة دسمة في البرامج الساخرة، وهدوء ترمب وشخصيته الانسحابية استغلها المحاورون في نكاتهم أيضاً، ليصبح ترمب اليوم أدسم مادة لهم بكل تحركاته.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.