الشوفان يعيش عصره الذهبي في لبنان

بعد أن دخل إلى الخبز وصل اليوم للحليب

الشوفان يعيش عصره الذهبي في لبنان
TT

الشوفان يعيش عصره الذهبي في لبنان

الشوفان يعيش عصره الذهبي في لبنان

نوعية الخبز التي يتناولها اللبناني باتت تشكل عنصراً غذائياً مهماً لديه بعد أن صار يختارها بدقة دون أن يهمل الميزات التي تحتويها. ولعل حملات التوعية التي يشاهدها باستمرار على شاشات التلفزيون ضمن برامج صباحية تخصص باباً أو فقرة للتحدث عن فوائد الطعام الذي نتناوله، ساهمت في اطلاعه على خصائص مكونات الأطباق التي يأكلها، بما في ذلك نوع الخبز الذي يشتريه.
وغالبا ما تستضيف تلك البرامج اختصاصيين غذائيين يقدمون النصائح للمشاهد حول أنواع الغذاء الصحي. هذا الأمر إضافة إلى أقسام خاصة استحدثت في مراكز السوبر ماركت وفي بعض المطاعم تحت عنوان «Bio» ساهمت في تعريف اللبناني بشكل أوسع على أنواع الطعام التي يجب أن يتناولها ليحتفظ بصحة جيدة.
ويعد خبز الشوفان (oat bread) أحدث ظاهرة تكتسح المائدة اللبنانية، بعد أن صار يتم تناوله من الصغار والكبار وتقدمه ربة المنزل على المائدة بأشكال مختلفة (خبز غربي أو عربي) لما يحتوي من عناصر صحية تبعد عمن يتناوله من أفراد عائلتها أمراضا عدة. فيما يعد من ناحية أخرى الخيار الأفضل من أجل الحفاظ على الوزن أو تخفيضه.
ولا يتوانى اللبناني اليوم عن شراء المنتجات التي يدخلها الشوفان إنْ في البسكويت والكعك، وإن في الفطائر والحلويات.

ظهور خبز الشوفان في العالم الحديث
ظهر خبز الشوفان بعد فترة طويلة من اعتماد الناس خبز القمح، ويحمل عام 1970 الانطلاقة الحقيقية له في العالم بعدما كان استعماله محصورا بطعام الجياد. وتعد البلدان الأنغلوسكسونية وتلك الواقعة في أوروبا الشمالية أول من استخدمه على المائدة من خلال صناعة البسكويت وفي الحلويات، ومشروبا ساخنا وباردا كالشاي تماما.
أما أحدث المنتجات التي تعتمد على هذه النبتة، فهو «حليب الشوفان» ويمتاز عن حليب البقر بخلوه التام من السكر والكولسترول ويعرف بمذاقه الطيب. وعادة ما ينصح به للذين يعانون من شهية مفتوحة والمدمنين على تناول الأكل، والذي يرافق الأشخاص في أماكن عملهم أو في منازلهم، لا سيما عندما يفتحون باب الثلاجة في مطبخهم.
وفي لبنان بدأت منتجات الشوفان تتسلل إلى المطابخ منذ نحو 10 سنوات، ولكنها حاليا تشهد عصرها الذهبي، لا سيما أن غالبية المخابز صارت تعتمد صنعه وتوفيره لزبائنها موضبا في أكياس بلاستيكية (على شكل رغيف خبز التنور) أو كقوالب على الطريقة الغربية والمعروفة بـ«الخبز الإفرنجي».
وتعد الإعلامية مريم نور أول من سوّق لنبتة الشوفان ولضرورة تناولها حبوبا أو شرابا، في برامج إذاعية كانت تقدمها في أوائل الثمانينات. فيما يتردد أن الزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط كان يثابر على زراعة نبتتي الشوفان والقمح ويتناولهما يوميا لفوائدهما الجمة في مجال التغذية.

خصائص خبز الشوفان
بحسب وزارة الزراعة الأميركية، فإن 165 غراما من الشوفان تحتوي على المعلومات الغذائية التالية: 300 سعرة حرارية، إضافة إلى 10.76 وحدة من الدهون، و1.89 من المشبعة منها؛ وكذلك 103.38 من الكربوهيدرات، و16.5 من الألياف، و26.35 من البروتينات، وعلى صفر من الكولسترول.
كما يمكن لنبتة الشوفان أن تؤلف وجبة فطور كاملة من خلال رقائق الذرة (corn flakes) المصنوعة منها. كما ينصح بتناوله على طريقة الشاي، بحيث يتم سكب ملعقة من الشوفان منقوعة في 250 مليلتر (كوب) من الماء المغلي، وبعد التبريد والتصفية، يمكن شرب الماء عدة مرات في اليوم وقبل النوم بمدة قصيرة مما يساهم في تنظيف المعدة من السموم وتليينها.

فوائد خبز الشوفان
فوائد كثيرة في خبز الشوفان؛ لعل أهمها تكمن في تزويده بشعور بالشبع لمدة أطول من تلك التي تحدثها أنواع خبز أخرى. كما أنه يساعد في حرق الدهون لاحتوائه على كميات كبيرة من الألياف. ويكمن مفعوله المباشر في تسريع عملية إنقاص الوزن وتخفيض نسبة الكولسترول في الدم، مما يعزز فوائده الغذائية.
عادة ما ينصح هواة ممارسة الرياضة بتناول خبز الشوفان كونه يساهم في تقوية بنيتهم الجسدية وعضلاتهم، وهو يسهل عمليّة الهضم ويقي من أمراض القلب. ومن فوائده الصحية العامة ينظم السكر عند المصابين بمرض السكري، وهو يدخل في برنامج الحميات الغذائيّة للتخلص من الوزن الزائد. كما يمدّ المرأة الحامل بالطاقة اللازمة لاحتوائه على النشويات المعقدة. ويحتوي خبز الشوفان على الألياف الذائبة التي تساعد على تنظيم وظيفة الجهاز الهضمي، إضافة إلى حمض الفوليك الذي يحمي الجنين من العيوب الخلقيّة. وهو يعدّ أيضا غنيا بكثير من الفيتامينات والبروتينات، فتناول وجبة الشوفان يساعد على تحسين الذاكرة. ويحتوي دقيق الشوفان على فيتامين «أ» وعلى المواد المعدنية مثل الحديد والفسفور، وفيه طاقة تزيد على ما في القمح، وكذلك يحتوي على النشا.
وتعد روسيا في مقدمة الدول المنتجة له، تليها الولايات المتحدة الأميركية، ثم كندا، وأستراليا، وتقدر المساحة المزروعة منه في العالم بـ26.5 مليون هكتار.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.