الأمم المتحدة تتحدث عن «جرائم الحرب» في الغوطة

عنصر روسي (يمين) وآخر سوري على معبر مخيم الوافدين في غوطة دمشق أمس (رويترز)
عنصر روسي (يمين) وآخر سوري على معبر مخيم الوافدين في غوطة دمشق أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتحدث عن «جرائم الحرب» في الغوطة

عنصر روسي (يمين) وآخر سوري على معبر مخيم الوافدين في غوطة دمشق أمس (رويترز)
عنصر روسي (يمين) وآخر سوري على معبر مخيم الوافدين في غوطة دمشق أمس (رويترز)

أكدت الأمم المتحدة، أمس، أن الضربات الجوية التي تستهدف الغوطة الشرقية المحاصرة في سوريا وقصف مقاتلي المعارضة «يشكلان على الأرجح جرائم حرب ينبغي إحالتها للمحكمة»، في ظل استمرار القصف والعمليات القتالية التي أسفرت عن تقدم النظام في المنطقة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، أمس (الجمعة): إنه «ينبغي لمرتكبي هذه الجرائم في سوريا أن يعلموا أنه يجري العمل على تحديد هوياتهم، وأن ملفات تعد بهدف محاكمتهم جنائياً في المستقبل». وفي واحدة من أعنف الهجمات في الحرب السورية، أسفر 12 يوماً من القصف والضربات الجوية الحكومية على الغوطة عن مقتل مئات. ويتألف جيب الغوطة الذي تحاصره الحكومة من بلدات وقرى عدة، ويقطنه نحو 400 ألف نسمة، وهو آخر منطقة كبيرة خاضعة للمعارضة قرب العاصمة. ودعا مجلس الأمن الدولي يوم 24 فبراير (شباط) إلى هدنة مدتها 30 يوماً في الغوطة.
وقال الأمير زيد أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف خلال مناقشة عاجلة بشأن الغوطة الشرقية بطلب من بريطانيا: «رغم هذا المثال النادر على الإجماع، فقد أبلغ المدنيون في الغوطة الشرقية عن استمرار الضربات الجوية والقصف». وتابع: «مرة أخرى، يجب أن أؤكد أن ما نراه في الغوطة الشرقية وأماكن أخرى في سوريا، هي جرائم حرب على الأرجح وربما جرائم ضد الإنسانية. يتم قصف المدنيين إما للخضوع أو الموت»، مشيراً إلى أنه «ينبغي أن تحال سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية»، معتبراً أن «محاولة عرقلة سير العدالة وحماية المجرمين أمر مشين». وقال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة في جنيف، حسام آلا: إن الأمير زيد انتقائي ومتحيز، وأضاف: إن المناقشة يتم استغلالها لأغراض سياسية. وأكد أن الجيش السوري «اتخذ كل الإجراءات الممكنة لحماية المدنيين وفتح ممرات إنسانية لمرور المدنيين من أجل فصلهم عن (الإرهابيين)» في إشارة إلى المسلحين في الغوطة الشرقية.
في هذا الوقت، قال قيادي موال للحكومة السورية، الجمعة: إن القوات الحكومية تسعى للتقدم في منطقة الغوطة الشرقية بالتدرج.
وهاجمت قوات النظام مسلحي المعارضة في منطقة المرج بالغوطة لأيام عدة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنها سيطرت على قريتي حوش زريقة وحوش الضواهرة، إضافة إلى تلال ومزارع.
وقال القيادي في التحالف العسكري الذي يدعم الأسد: إن قوات الحكومة سيطرت على قرى في منطقة المرج، مشيراً إلى أن «قوات الحكومة حققت أيضاً مكاسب ملحوظة على الطرف الغربي لجيب حرستا الخاضع لسيطرة المعارضة». وقال «المرصد»: إن قوات الحكومة سيطرت على مبانٍ في تلك المنطقة. وقال القيادي لـ«رويترز»: إن ما يحدث حالياً هو «استعادة الأراضي قطعة قطعة، إضافة إلى قرى من الجانب الشرقي».
لكن المعارضة نفت تلك الأنباء. أعلنت غرفة عمليات «بأنهم ظلموا» عن تمكنها من صد محاولة لقوات النظام التقدم على جبهة المشافي في الغوطة الشرقية، بعدما أعلن النظام شن هجوم على جبهة المشافي بالقرب من طريق دمشق حمص الدولي في محاولة منه للسيطرة على المنطقة.
ونقلت «الدرر الشامية» عن غرفة عمليات «بأنهم ظلموا»، إعلانها عبر قناتها على «تلغرام»: أن الثوار شنوا هجوماً معاكساً على نقاط قوات الأسد التي تحاول التقدم على جبهة المشافي بالقرب من طرق دمشق حمص الدولي. وتعرضت مدن وبلدات الغوطة الشرقية لقصف ومدفعي وصاروخي عنيف جداً، بينها صواريخ الفيل والبراميل المتفجرة، التي أدت إلى وقوع مجزرة في مدينة دوما راح ضحيتها 6 قتلى وعدد من الجرحى، كما سقط الكثير من الجرحى في حرستا زملكا وكفربطنا والشيفونية وعين ترما ومنطقة المرج.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».