عدوى الاغتيالات تنتقل إلى تريم وبن دغر يتوعد بـ {ملاحقة الإرهاب»

مقتل داعية برصاص مجهولين يرجح صلتهما بـ«القاعدة»

TT

عدوى الاغتيالات تنتقل إلى تريم وبن دغر يتوعد بـ {ملاحقة الإرهاب»

انتقلت أمس عدوى مسلسل الاغتيالات التي شهدتها أخيرا العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، إلى مدينة «تريم» وسط محافظة حضرموت (شرق)، حيث المدينة الأكثر هدوءا لجهة ما تحظى به من «رمزية دينية» وتقاليد نابذة للعنف.
إذ أقدم مجهولان يعتقد أنهما على صلة بتنظيم «القاعدة» على اغتيال الداعية عيدروس بن عبد الله بن سميط، وسط منزله، ولاذا بالفرار، وهو أحد أبرز أقطاب العلم والدعوة الإسلامية في مدينة تريم ومن أشهر خطبائها، الذين يحظون بتقدير عال لدى مختلف الأطياف اليمنية. ودان رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر الحادث، في برقية عزاء، وقال إن «اغتيال بن سميط يعد استهدافا للفكر الديني الوسطي المعتدل»، كما توعد الإرهابيين بالملاحقة، وشدد على أجهزة الأمن لضبط القتلة وتقديمهم للمحاكمة.
وفي هذا السياق، أفاد مقربون من أسرة القتيل في مدينة «تريم» لـ«الشرق الأوسط» بأن شخصين مجهولي الهوية، طرقا صباحا باب منزل الداعية بن سميط، الواقع قرب مسجد المحضار وسط المدينة، وطلبا منه أن يتلو على أحدهما شيئا من القرآن لغرض الاستشفاء. وأضافوا «أن الداعية بن سميط رحب بهما وطلب منهما أن ينتظراه داخل المنزل، ريثما ينتهي من أداء «نافلة صلاة الضحى»، إلا أنهما انتظراه فقط ليتخذ وضعية الركوع في الركعة الأولى قبل أن يطلقا عليه الرصاص في رأسه ليخر مضرجا بدمائه فوق سجادة الصلاة».
وأكدت المصادر نفسها أن مطلقي النار على إمام وخطيب مسجد «المحضار» الشهير بنمط بنائه الطيني ومئذنته، لاذا بالفرار، ولم يتم التعرف على هويتهما، في حين أفاد مصدر أمني في حضرموت لـ«الشرق الأوسط» بأن الحادثة تحمل بصمات متطرفي تنظيم «القاعدة». ولم يعرف عن الداعية بن «سميط» أي مواقف سياسية إلى جانب أي من الأطراف اليمنية الحزبية المتصارعة، ويرى فيه أبناء «تريم» وسكان حضرموت واليمن عامة، قطبا للفكر الديني الإسلامي المعتدل، ومرجعية فقهية ضمن المدرسة الصوفية التي تشتهر بها حضرموت، والتي تعد مدينة «تريم» مركزها الديني الرئيسي.
ويعرف عن سكان «تريم» أنهم أكثر اليمنيين ميلا للسلام، ونبذا للعادات الاجتماعية السيئة، إذ قلما تشهد المدينة حوادث عنف، أو إطلاقا للنار أو حملا للسلاح.
وسبق أن أعلنت المدينة من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010». بفضل حضورها الثقافي وموروثها الديني وطرازها المعماري التاريخي، ومكتباتها، وإسهامات علمائها. وقال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن دغر، في برقية العزاء، «إن الشهيد عيدروس بن سميط كان داعية جليلا وشيخا فاضلا، مشهودا له بين أهله وطلبة العلم في وادي حضرموت واليمن عموماً بمناداته للفكر الوسطي، ورفضه القاطع لكل أشكال الغلو والتطرف في الدين الإسلامي الحنيف، أو الانحراف عن قواعده السمحة».
وعد بن دغر اغتيال بن سميط «استهدافا للفكر المعتدل الوسطي الذي يرفض الأفكار المنحرفة، وينبذها مجتمعياً» ووصف قتلته بأنهم «دعاة تضليل وخارجون عن النظام والقانون». كما شدد رئيس الحكومة اليمنية على كافة الأجهزة الأمنية في وادي وصحراء حضرموت بضرورة ضبط وملاحقة الجناة، لأخذ جزائهم العادل، وأمر «بمضاعفة الجهود الأمنية ورفع مستوى اليقظة» لاجتثاث ما وصفها بـ«بؤر الإرهاب» وتطهير كل مديريات وقرى حضرموت وكافة المدن اليمنية ممن وصفهم بـ«قتلة الإنسانية وأعداء الحياة».
ويعرف عن متطرفي تنظيم «القاعدة» كراهيتهم للفكر الصوفي، وسبق أن قام مسلحو التنظيم بتدمير العشرات من القبور والأضرحة والمساجد، في حضرموت، بخاصة إبان سيطرته على كبرى مدنها «المكلا» وعدد من المدن الثانوية على الساحل الجنوبي الشرقي لليمن في 2015. وكانت مدينة عدن، شهدت منذ طرد الميليشيات الحوثية الانقلابية منها، قبل نحو عامين، سلسلة اغتيالات طالت دعاة وخطباء مساجد، ومسؤولين حكوميين، وضباطا وجنودا في الأمن والجيش.
كما تشهد مناطق حضرموت والمحافظات الجنوبية الأخرى حوادث مماثلة من وقت لآخر، لكن وصولها أمس، إلى مدينة «تريم» يعد سابقة في تاريخ المدينة الوديعة والمسالمة. ويتحدر عدد من الدعاة الإسلاميين المعروفين عربيا من «تريم»، كما أنها هي مسقط رأس المطرب الشهير ذائع الصيت الراحل «أبو بكر سالم بلفقيه». وكان الجيش اليمني أعلن أول من أمس رسميا نجاح عملية «الفيصل» التي أطلقها بدعم من التحالف العربي لتطهير وادي «المسيني» غرب مدينة المكلا من عناصر «القاعدة». وهي العملية التي أدت - بحسب ما ورد في بيان رسمي - إلى مقتل 31 مسلحا على الأقل، واستعادة كميات من الأسلحة والمتفجرات كانت بحوزة المتطرفين.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.