إحباط في أربيل من تمديد غلق مطاري كردستان

«ساعات طويلة» وتكلفة مالية إضافية يتحملها آلاف المسافرين إلى خارج الإقليم

مدخل مطار أربيل شبه الخاوي من المسافرين («الشرق الأوسط»)
مدخل مطار أربيل شبه الخاوي من المسافرين («الشرق الأوسط»)
TT

إحباط في أربيل من تمديد غلق مطاري كردستان

مدخل مطار أربيل شبه الخاوي من المسافرين («الشرق الأوسط»)
مدخل مطار أربيل شبه الخاوي من المسافرين («الشرق الأوسط»)

منذ فرضت بغداد حظراً على الرحلات الجوية الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية في سبتمبر (أيلول) الماضي، رداً على استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق، أضيفت «ساعات طويلة» إلى الرحلة الشهرية لرجل الأعمال باريزر سرور (47 عاماً) من أربيل إلى بيروت.
وعلى غرار آلاف المسافرين من مطاري الإقليم، بات مطار بغداد محطة عبور إلزامية لسرور إلى أي مكان خارج العراق. ويقول الرجل الذي يشكو «شح الخدمات» في مطار العاصمة: «إذا كانت السلطات العراقية جادة حقاً في ادعائها بأن إقليم كردستان وشعبه جزء من العراق، وبأنها حريصة على مصالح الشعب الكردي، فعليها أن ترفع الحظر الجوي عن مطاري أربيل والسليمانية فوراً، لا أن تمعن في إيذاء شعب كردستان بهذه الأساليب». وأضاف: «أدعو حكومة (رئيس الوزراء حيدر) العبادي إلى إعادة النظر في قرارها، لأن المدنيين ليسوا طرفاً في الصراعات الدائرة بين القوى السياسية».
وبعد 4 أيام فقط من استفتاء الانفصال الذي جرى في إقليم كردستان العراق في 25 سبتمبر الماضي، فرضت السلطات الاتحادية في بغداد سلسلة عقوبات اقتصادية وإدارية على الإقليم، في مقدمتها حظر الرحلات الدولية من مطاري أربيل والسليمانية وإليهما.
وكانت الحركة في المطارين تمثل 37 في المائة من نشاط قطاع الطيران في العراق. ومنذ ذلك الحين يضطر المسافرون من الإقليم إلى التوجه نحو مطار بغداد على متن طائرات الخطوط الجوية العراقية حصراً، قبل المغادرة صوب الوجهات التي يقصدونها خارج البلاد، ودفع رسوم مضاعفة تصل إلى نحو مائة دولار للشخص الواحد تذهب مباشرة إلى خزينة الحكومة الاتحادية.
وتعدّ المحامية جوان عزيز (43 عاماً) التي كانت تستعد للسفر من مطار أربيل قرار تمديد حظر الطيران «عقوبة جماعية ضد شعب كردستان». وقالت: «نضطر في كل مرة إلى دفع نحو 60 دولاراً إضافية، للانتقال إلى مطار بغداد قبل المغادرة إلى خارج البلاد، بخلاف العناء الذي نتكبده من دون ذنب أو جريرة». ورأت أن «السلطات العراقية تتعمد إيذاء شعب كردستان... الحكومات المتحضرة تسعى لتأمين الراحة والرفاهية لشعوبها».
وتشكو الجهات الرسمية في إقليم كردستان من «تداعيات سلبية» لحظر الملاحة الجوية، خصوصاً على سفر المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج. ويضاف إلى هذا «انقطاع المساعدات الإغاثية التي كانت تقدمها منظمات دولية وأجنبية لنحو مليوني نازح ولاجئ عراقي وسوري تغص بهم مخيمات الإقليم»، بحسب مدير مخيمات «حسن الشامي» و«الخازر» شرق الموصل، رشيد درويش. ويؤكد درويش أن المساعدات الإنسانية، خصوصاً الأدوية والعلاجات الطبية الضرورية، «انقطعت تماماً عن المخيمات نتيجة حظر الطيران المفروض على الإقليم، مما يضاعف بطبيعة الحال من معاناة أولئك النازحين واللاجئين».
وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية، سعت سلطات إقليم كردستان عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية المحلية والإقليمية والدولية، إلى التوصل لصيغة تفاهم مع السلطات الاتحادية في بغداد بشأن الملفات والقضايا العالقة بينهما، على أن يكون رفع حظر الطيران أولى خطواتها.
ورغم سلسلة من الاجتماعات واللقاءات المشتركة بين بغداد وأربيل وتبادلهما الوفود الفنية المختصة، وآخرها زيارة وفد من وزارة الأوقاف في الإقليم إلى بغداد قبل أسبوعين بهدف تسيير رحلات للمعتمرين من مطاري الإقليم إلى الديار المقدسة في السعودية، فإن الغموض لا يزال يكتنف كثيرا من هذه القضايا العالقة.
ولم تعط سلطات الطيران المدني صورة واضحة عن آلية تسيير رحلات المعتمرين، وما إذا كانت إيذاناً برفع الحظر عن مطاري الإقليم، رغم تأكيدات الناطق باسم وزارة الأوقاف في الإقليم مريوان النقشبندي عن توصل الوفد إلى اتفاق شبه نهائي مع بغداد بشأن رحلات المعتمرين وتقاسم الرسوم المالية التي تتم جبايتها من المسافرين. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الرحلات ستنطلق قريباً بمجرد وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق المشترك بهذا الشأن».
بيد أن سلطات الطيران المدني في بغداد قررت الاثنين الماضي تمديد فترة الحظر على مطاري أربيل والسليمانية، حتى نهاية مايو (أيار) المقبل. وعدّت مديرة مطار أربيل تلار فائق أن القرار «ذو أبعاد سياسية بحتة، لكنه قابل للتغيير بمجرد حدوث تطور في المفاوضات السياسية بين أربيل وبغداد».
وأوضحت فائق لـ«الشرق الأوسط» أنها كانت تتوقع تمديد فترة الحظر التي كان يفترض أن تنتهي أول من أمس،/ «لأنني لمست عدم جدية الجانب العراقي في حل هذه المشكلة خلال الاجتماعات واللقاءات المشتركة، رغم أنها سارت على نحو إيجابي، ولم تبق نقاط خلافية تستدعي مزيداً من الدراسة والتمحيص». وأضافت: «كان من المفترض حسب مخرجات الاجتماع الأخير بيننا أن تبعث السلطات العراقية بطواقم فنية مختصة، للمباشرة بتنفيذ آلية إعادة تشغيل المطارين، لكنها لم ترسل حتى الآن سوى بعض العناصر الأمنية».
ونفت مديرة مطار أربيل وجود موافقة واضحة من جانب بغداد على تسيير رحلات المعتمرين من مطاري الإقليم. وأوضحت: «تلقينا كتاباً من السلطات العراقية ينص على موافقة الحكومة الاتحادية على نقل المعتمرين من مطاري الإقليم إلى الديار المقدسة، من دون الجزم بوضوح بما إذا كانت الرحلات ستنطلق من الإقليم مباشرة أم ستمر عبر مطار بغداد، وما إذا كانت الخطوط الجوية العراقية ستنقل المسافرين، أم شركات النقل السعودية».
ولفتت إلى أن موقف بغداد «ما زال غامضاً» بخصوص إرسال مراقبين للإشراف على إدارة شؤون مطاري الإقليم، بعدما أبلغت سلطات الطيران الحكومة الاتحادية بعدم قدرتها على إرسال مراقبين إلى الإقليم بسبب العجز المالي في موازنتها.
وأرغم قرار الحظر إدارة مطار أربيل على تقليص عدد موظفي المطار، وألحق خسائر مادية جسيمة بأكثر من 20 شركة أجنبية من شركات النقل والخدمات الملاحية العاملة في المطار، ناهيك بخسائره البالغة 400 ألف دولار شهرياً. وتلفت الإدارة إلى أن ديونها المستحقة على بغداد منذ فرض الحظر الجوي على الإقليم، بلغت 37 مليون دولار تمثل إجمالي تكلفة تشغيل مطار أربيل وحده للأشهر الخمسة الماضية.
وبحسب مديرة المطار، فإن العجز المالي الذي تواجهه إدارتها جراء انعدام عائدات المطار، وتحكم سلطات الطيران العراقية بالعائدات الحالية، «سيتسبب في تعطيل عمل المطار على نحو تام قريباً لعدم قدرة الإدارة على دفع مستحقات منتسبي الشركات العاملة فيه».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.