مدير «المنظمة الدولية للهجرة»: 3 آلاف مهاجر فُقدوا في المتوسط العام الماضي

قال لـ«الشرق الأوسط» إن المهاجرين يساهمون بـ9 % من الناتج الإجمالي العالمي

ويليام لاسي سوينغ خلال المقابلة (تصوير: بشير صالح)
ويليام لاسي سوينغ خلال المقابلة (تصوير: بشير صالح)
TT

مدير «المنظمة الدولية للهجرة»: 3 آلاف مهاجر فُقدوا في المتوسط العام الماضي

ويليام لاسي سوينغ خلال المقابلة (تصوير: بشير صالح)
ويليام لاسي سوينغ خلال المقابلة (تصوير: بشير صالح)

كشف المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة ويليام لاسي سوينغ، عن أن نحو 3 آلاف مهاجر فُقدوا في البحر المتوسط العام الماضي، في حين تم إنقاذ نحو 21 ألف مهاجر، في الوقت الذي تمكن فيه نحو 120 ألف مهاجر من عبور البحر المتوسط إلى إيطاليا.
وقال ويليام في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن هناك على الأقل 9 صراعات مسلحة في غرب آسيا وشمال وغرب أفريقيا، والمقلق أن الملايين منهم يحتاجون إلى المساعدة؛ الأمر الذي ينعكس على الهجرة. وتابع: «الإحصائيات تمتلكها السلطات الحكومية، لكن المنظمة الدولية للهجرة لديها طرق جيدة لمتابعة الهجرة غير الشرعية، وعلى سبيل المثال خلال عام 2017 هناك نحو 119.310 مهاجرين عبروا البحر المتوسط إلى إيطاليا، وهو أقل من الذين عبروا خلال عام 2016 بنسبة 34 في المائة، وهنالك 2.832 من المفقودين في البحر في العام نفسه و20.385 تم إنقاذ حياتهم. بينما 29.000 نازح تم حصرهم في شواطئ إسبانيا ونحو 20.000 في شواطئ اليونان. كل هذا فقط خلال عام 2017».
وبيّن ويليام، أن مسألة الهجرة يفترض ألا تمثل مشكلة للحكومات، وأنها طبيعة إنسانية تحتاج إلى حسن إدارة، وخلق تشريعات تجنّب الناس المعاناة، مبيناً أن المهاجرين الذين يشكلون 3.5 في المائة من سكان العالم ينتجون 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وانتقد المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، في حديث مع «الشرق الأوسط» على هامش منتدى الرياض الإنساني الأول، الدول التي فرضت قيوداً على المهاجرين ودخولهم، معبراً عن أسفه لهذه الإجراءات.
ولفت سوينغ إلى أن المنظمة أنشئت في عام 1951 لتعالج مشكلات الهجرة التي نتجت بسبب الحرب العالمية الثانية، وهي الآن المنظمة الرائدة للهجرة لدى الأمم المتحدة، وتابع: «نعمل لدعم توظيف الإمكانات لمجابهة التحديات المتنامية التي تنتج النزوح والهجرة، كما تدعم المنظمة تشجيع الاقتصاد المجتمعي عبر الهجرة، وتهتم بالحفاظ على كرامة المهاجرين الإنسانية وصحتهم، أيضاً نقوم بدعم المهاجرين والحكومات لجعل الهجرة خياراً، وعملية الهجرة تتم بسهولة، ونحاول الترويج لحقوق المهاجرين وتسهيل الطرق لهم بحيث توجد الفرص الوظيفية، وتتم الاستفادة من مهارات المهاجرين من دون خسارة حياتهم.
ووصف المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة علاقة المنظمة مع السعودية بـ«المميزة» وهي في نمو متزايد، وقال: «نحن ممتنّون للحكومة السعودية ولمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ للدعم الإنساني الذي نتلقاه، حصلنا على 49 مليون دولار لدعم أنشطتنا في كل من سوريا، العراق، اليمن، الصومال والروهينغا، ونأمل أن يستمر التعاون في مختلف القطاعات، ليس فقط في المجال الإنساني، لكن أيضاً في الهجرة، ومتفائلون حول المستقبل ونحن هنا اليوم لدعم الجهود السعودية».
وعن جهود المنظمة الدولية للهجرة في اليمن الذي يشهد أزمة إنسانية صعبة، أكد ويليام سوينغ أن المنظمة تقوم في اليمن بما تقوم به دائماً في أي منطقة يحدث فيها صراع، وأردف «نحاول الحفاظ على حياة السكان، ونحن من اللاعبين الرئيسيين في مساعدة النازحين في اليمن، لدينا مشكلة هجرة بعض الإثيوبيين والصوماليين إلى اليمن رغم الحرب، يأتون في كل الأحوال، ونقوم بإرجاعهم عبر ميناءي الحديدة وعدن. وهناك مشروع مشترك بين مركز الملك سلمان والمنظمة والمفوضية في هذا الشأن».
وفي تعليقه على بعض الدول التي فرضت قيوداً على الهجرة ودخول المهاجرين مثل الولايات المتحدة، أشار ويليام بقوله «هذا أمر مؤسف حقاً؛ للأسف ظاهرة المناهضة للهجرة تنمو وبدلاً من بناء الجسور نضع الجدران، وهذه الإجراءات خاطئة؛ لأنها تعرّض حياة المهاجرين للخطر، وتحجب مساهمة المهاجرين في تنمية هذه الدول».
وأفاد سوينغ بأن المنظمة بدأت بالفعل في الحديث مع الحكومات لوضع حلول لمسألة الهجرة وتشريعات تساعد على قانونية المهاجرين، وأضاف: «بدأنا بالقول للحكومات إن الهجرة ليست مشكلة، هي طبيعة إنسانية يمكن إدارتها، يمكن أن تحدث في أي مكان والمطلوب هو كيف نديرها، وكيف نكون خلاّقين ونعدّل تشريعاتنا بحيث لا يعاني الناس، وجزء من المشكلة أن الكثير من النصف الشمالي يعتقدون أن الكثير من الجنوبيين يأتون للشمال وهذا غير صحيح، هناك هجرة جنوبية - جنوبية في أفريقيا أكثر أهمية من الهجرة من الجنوب للشمال، في أفريقيا طوّروا ما يسمى بروتوكول الحركة الحرة لا تأشيرات، وهو أمر مثير».
وشدد على أن المنظمة تعتبر اللاجئين مهاجرين أجبروا على الهجرة، ولا تفرق بين المهاجر واللاجئ، وقال: «هناك 2.4 مليون لاجئ وهذا الرقم يشكل نحو 9 في المائة من حجم اللاجئين البالغ عددهم 25 مليون لاجئ و44 مليون نازح ومشرد، ونعمل عن قرب مع المفوضية السامية للاجئين في الأمم المتحدة لمساعدتهم للحصول على اللجوء وإعادة ترحيل، ونساعد نحو 200 ألف في السنة من اللاجئين».
واستطرد «معظم الدول التي قامت أو تقوم بإجراءات للحد من تدفق المهاجرين أعضاء في الأمم المتحدة ونجري حواراً معهم، لسنا هناك لنخبرهم ما عليهم فعله، لكن لنتشارك الأفكار ونشرح لهم لماذا المهاجرون يمكن أن يشكلون قوة إيجابية، نتحدث معهم بشكل منفتح وبصراحة ونوفر لهم أفكاراً مختلفة».
وفيما يخص التحديات التي تواجه المنظمة في الوقت الراهن، أوضح سوينغ أن من أهم التحديات هو كيف يمكننا السيطرة على الحركة المناهضة للمهاجرين اليوم، وكيف نوظف القوة الإيجابية للمهاجرين، ونحدث نوعاً من التوازن الديموغرافي بين العالم الجنوبي والشمالي، وتابع: «جزء من العالم يقول علينا إعادة هؤلاء المهاجرين، والجزء الآخر يطلب القوة العاملة المؤهلة بطرق شرعية، وبلا شك جميعنا لدينا مشكلة في التمويل، وهذا ما نناقشه اليوم، كل هذه الصراعات تنافس بعضها، سوريا تحتاج إلى اهتمام كبير، لكن آخرين أيضاً لديهم الحاجة نفسها مثل اليمن وغيرها».
وفي نصيحته الأخيرة للمهاجرين، قال رئيس المنظمة الدولية للهجرة «عليهم محاولة إيجاد طرق شرعية بقدر الإمكان، وتجنب التهريب والمهربين، ومحاولة دمج أنفسهم في المجتمعات المحلية قدر استطاعتهم والتعلم، والبقاء في بلدانهم وتطوير مهاراتهم ولغتهم الإنجليزية».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.