هل «المجتمع المدني» قادر على المنافسة في الانتخابات اللبنانية؟

يسعى لاجتذاب الموجة الشبابية والناخبين الباحثين عن بديل

صورة وزعها «حزب سبعة» المعبر عن التيار المدني لورشته الانتخابية الأخيرة
صورة وزعها «حزب سبعة» المعبر عن التيار المدني لورشته الانتخابية الأخيرة
TT

هل «المجتمع المدني» قادر على المنافسة في الانتخابات اللبنانية؟

صورة وزعها «حزب سبعة» المعبر عن التيار المدني لورشته الانتخابية الأخيرة
صورة وزعها «حزب سبعة» المعبر عن التيار المدني لورشته الانتخابية الأخيرة

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، تشكو مجموعات المجتمع المدني من «حملة مبرمجة تشنها قوى السلطة» عليها، بموازاة عدم اتضاح الرؤية لقدرة هذه المجموعات على المنافسة الجدية في الانتخابات جراء عدم توحدها تحت مظلة واحدة، وكذلك بسبب الصعوبات التي يفرضها القانون النسبي الجديد.
وتحدث أمين عام حزب «سبعة»، جاد داغر، عن «منظومة مترابطة للسلطة تمتد من الوزارات إلى الإدارات ووسائل الإعلام ورجال الدين وحتى العسكريين، تمارس ضغوطا هائلة على مجموعات المجتمع المدني من خلال الترهيب والترغيب والتخويف الذي يُمارس بحق الناشطين في كل الدوائر الانتخابية»، لافتا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود «حملة ممنهجة ومنظمة وبشكل خاص على وسائل التواصل الاجتماعي»، معربا عن أسفه لكون «عدد كبير من وسائل الإعلام المرئية في لبنان، باتت خاضعة لقوى السلطة وتطلب أرقاماً خيالية لتغطية نشاطات مجموعات المجتمع المدني».
وتصوب القوى المشاركة في السلطة من خلال مؤيديها والمحازبين بشكل أساسي على التمويل الذي تؤمنه بعض الأحزاب والمجموعات الجديدة المرتبطة بالمجتمع المدني، متهمة إياها بـ«التبعية السياسية» وبـ«التمويل الخارجي». ويرجح عماد بزي، المرشح للانتخابات النيابية عن دائرة بنت جبيل، النبطية، مرجعيون - حاصبيا في الجنوب اللبناني، أن تتعاظم ضغوط قوى السلطة أكثر مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي، خاصة بعدما باتت هذه القوى على يقين بإمكانية خرق لوائحها في أكثر من دائرة، حيث الحاصل الانتخابي مثلا 8 أو 9 في المائة كما هي الحال في الدائرة التي أترشح عنها. ويشير بزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ما تعمل عليه مجموعته هو خوض المعركة على أساس برنامج انتخابي وليس ضد قوة أو حزب محدد، لافتا إلى أنها تسعى لاجتذاب «الموجة الشبابية كما الناخبين الذين لا يصوتون عادة لـ«المحادل» والذي تبلغ نسبتهم نحو 25 في المائة، كما نتواصل مع الشريحة التي قد تؤيد مثلا الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) أو غيره من قوى السلطة، سياسيا، لكنها تلمس سوء إدارة وفساد يجعلها تبحث عن بديل».
وتختلف توقعات ورؤية الخبراء الانتخابيين لقدرات مجموعات المجتمع المدني، ففيما يستبعد رئيس مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد (مقرب من 8 آذار)، تماما، تمكن هذه المجموعات من تحقيق أكثر من خرق واحد وبصعوبة كبيرة في دائرة بيروت الأولى، يرجح الخبير الانتخابي أنطوان مخيبر (قريب من المجتمع المدني)، أن تبلغ خروقات هذه المجموعات، في حده الأدنى، 6 خروقات. ويقول مخيبر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك توقع بخرق لائحة بيروت الأولى بمقعدين، وبيروت الثانية بمقعد على الأقل، علما بأن آخر الإحصاءات تظهر تقدم لائحة المجتمع المدني في بيروت الأولى على لوائح السلطة»، لافتا إلى أن هناك خروقات متوقعة أيضا في الشوف – عاليه والجنوب والمتن وعكار. أما سعد فيرد توقعاته لعدم تمكن مجموعات المجتمع المدني من توحيد صفوفها وتنظيم نفسها، إضافة لكون القانون الانتخابي لا يخدمها تماما، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لو تم اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النظام النسبي لكانت الخروقات أكثر بكثير.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.