ألمانيا تحكم بالمؤبد على منفذ عملية الطعن في هامبورغ

تحقيق برلماني حول تقصير أمني محتمل في {دهس برلين}

جانب من محاكمة أحمد الحو (أقصى اليسار) في هامبورغ أمس (أ.ب)
جانب من محاكمة أحمد الحو (أقصى اليسار) في هامبورغ أمس (أ.ب)
TT

ألمانيا تحكم بالمؤبد على منفذ عملية الطعن في هامبورغ

جانب من محاكمة أحمد الحو (أقصى اليسار) في هامبورغ أمس (أ.ب)
جانب من محاكمة أحمد الحو (أقصى اليسار) في هامبورغ أمس (أ.ب)

أصدرت محكمة هامبورغ العليا حكماً بالسجن المؤبد على الفلسطيني أحمد الحو (27 سنة)، منفذ عملية الطعن الإرهابية في هامبورغ.
وأدانت المحكمة، أمس (الخميس)، الفلسطيني المولود في دولة الإمارات بالقتل العمد مع سبق الإصرار. وقد أسفرت العملية الإرهابية التي ارتكبها الحو، في 28 يوليو (تموز) الماضي، عن مقتل رجل عمره 50 سنة، وإصابة 6 آخرين.
وبرّر القاضي نوربرت ساكوت الحكم بثقل الجريمة التي نفذها المتهم، وقال إن الحكم بالسجن المؤبد يسمح بالإفراج عن القاتل بعد انقضاء 15 سنة في السجن، إلا أن هذا الاحتمال غير ممكن عملياً في حالة أحمد الحو بسبب ثقل الجريمة، واعترافه بالقتل في حالة واحدة، ومحاولة القتل وإلحاق الأضرار الجسدية بـ6 آخرين.
وكانت ياسمين توز، ممثلة النيابة العامة في القضية أمام محكمة مدينة هامبورغ، قد طالبت في جلسة يوم 18 فبراير (شباط) الماضي بأن يؤكد الحكم على جسامة الجرم الذي ارتكبه المتهم، وذكرت أن الحو مذنب بتهمة القتل والشروع في القتل، والتسبب في إصابات جسدية خطيرة في 6 حالات، مضيفة أن المتهم ارتكب الجريمة بدوافع متطرفة، وأكدت أنه تطرف في الفترة التي قضاها في ألمانيا، وأنه لم يكن على صلة بتنظيمات إرهابية، لكن دوافعه كانت إرهابية.
وأظهر الحو، لأول مرة في المحكمة، شيئاً من الأسف على ما ارتكبه، وقال في بداية الجلسة: «للأسف، لا أستطيع إعادة عجلة الزمن إلى الوراء»، وخاطب أهالي الضحايا بالقول: «ما أستطيع أن أفعله هو أن أعتذر عما فعلته، وأرجو الصفح»، وأضاف أنه تعلم في الفترة الأخيرة أنه لا يحقّ للإنسان أن ينهي حياة إنسان آخر، مهما كانت الظروف.
وكان المتهم، وهو طالب لجوء رفض طلبه في ألمانيا، قد اعترف، في بيان تلاه محاميه في بداية المحاكمة، بقتله طعناً ماتياس ب. (50 سنة) في فرع متجر «إديكا»، بحي بارمبيك في هامبورغ، وإصابة 6 أشخاص آخرين بطعنات خطيرة في المتجر، و5 آخرين في شارع التسوق الشهير «فوله».
وجرت حادثة الطعن في متجر «إديكا» في حي بارمبيك التجاري عند الساعة الثالثة و10 دقائق يوم 28 يوليو2017. وهاجم الجاني زبائن المتجر بسكين دون سابق إنذار، مصيباً أحد الرجال بطعنة قاتلة، وواصل الطعن بعد هروبه من المتجر، وأصاب 6 آخرين، قبل أن يطرحه عابرو سبيل أرضاً إلى حين وصول رجال الشرطة.
وقال ممثل عن شرطة هامبورغ، في الجلسة الأولى للمحكمة، إن أحمد الحو كان فخوراً بالجريمة التي نفذها، وأضاف أن المتهم طالب رجال التحقيق منذ البداية بمعاملته كـ«إرهابي». واحتفظ المتهم بالصمت طوال جلسات المحكمة. وقيم الخبير النفسي، نوربرت ليغراف، الحالة النفسية للمتهم بأنه يتحمل المسؤولية الجنائية بالكامل، موضحاً أن المتهم لم يكن وقت ارتكاب الجريمة يعاني من مرض نفسي أو واقعاً تحت تأثير مخدرات أو الكحول.
وعثر رجال الشرطة في خزانة غرفته على علم لتنظيم داعش الإرهابي، يبدو أنه صنعه بنفسه. وقال لاجئون سكنوا معه إنه كان يعتبر نفسه من «أتباع داعش»، وأضافوا أنه كان «مجنوناً» يكثر من تعاطي الكحول والمخدرات.
كما كشف المحققون بعد ذلك أن النرويج رفضت طلب لجوء أحمد الحو سنة 2015، وانتقل بعدها إلى السويد، ومنها إلى إسبانيا، ليصل إلى ألمانيا في السنة نفسها. ورفضت دائرة الهجرة واللجوء الألمانية في هامبورغ طلب لجوئه، وأدخلته في قائمة المرشحين للترحيل قسراً إلى البلد الذي وفد منه. وتعرقل قرار تسفيره من ألمانيا بسبب عدم توفر وثائق السفر اللازمة.
وذكر أقارب له في النرويج أنه كان ينوي إتمام دراسة طب الأسنان في أوروبا، بعد أن كان قد بدأها في مصر.
وقبل عملية الطعن، كانت دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العام) تصنّف أحمد الحو في قائمة متشددين تضم 800 اسم، إلا أنها لم تصنفه في خانة «الخطرين». ومعروف أن الدائرة تتعامل مع «الخطرين» كأشخاص مستعدين لتنفيذ العمليات الإرهابية أو المشاركة فيها بألمانيا.
وعلى صعيد آخر، لا يبدو أن التحقيقات حول تهاون الشرطة في قضية الدهس الإرهابية ببرلين قد انتهت، إذ قرر البرلمان الألماني (البوندستاغ)، أمس، تشكيل لجنة تحقيق خاصة للكشف عن إخفاقات الشرطة في قضية الإرهابي أنيس العامري (26 سنة). وكان برلمانا ولايتي الراين الشمالي - فيستفاليا وبرلين قد شكلا لجنتي تحقيق مماثلتين في السنة الماضية، إلا أن غالبية نواب البرلمان شككت بنتائج تحقيق اللجنتين في القضية.
ودهس العامري بشاحنة زواراً في سوق لأعياد الميلاد في العاصمة الألمانية يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وتسبب بقتل 12 شخصاً وإصابة العشرات. ونجح العامري بالهروب من ألمانيا عبر هولندا وفرنسا وصولاً إلى إيطاليا، لكن شرطيين إيطاليين تعرفا عليه في محطة قطارات ميلانو وأردياه قتيلاً.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟