«مؤتمر روما» يجمع اليوم وزراء خارجية ودفاع 40 دولة لدعم الجيش اللبناني

سيبحث خطة لتسليحه وتعزيز قدراته لمكافحة الإرهاب في ظل تطورات سوريا والعراق

«مؤتمر روما» يجمع اليوم وزراء خارجية ودفاع 40 دولة لدعم الجيش اللبناني
TT

«مؤتمر روما» يجمع اليوم وزراء خارجية ودفاع 40 دولة لدعم الجيش اللبناني

«مؤتمر روما» يجمع اليوم وزراء خارجية ودفاع 40 دولة لدعم الجيش اللبناني

تستضيف العاصمة الإيطالية روما اليوم (الثلاثاء) مؤتمرا دوليا لدعم الجيش اللبناني، من المقرر أن يحضره وزراء خارجية ودفاع نحو 40 دولة، تتنوع بين دول متعاونة مع لبنان في إطار برامج عسكرية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ودول تشارك في قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» المنتشرة في جنوب لبنان، كإسبانيا وإيطاليا، إضافة إلى دول قدمت مساعدات مادية لتسليح الجيش، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية.
يأتي انعقاد هذا المؤتمر الدولي، الذي يحضره عن الجانب اللبناني وزيرا الخارجية جبران باسيل، والدفاع سمير مقبل، إضافة إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي ووفد عسكري، في إطار تنفيذ مقررات مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية»، الذي استضافته فرنسا مطلع مارس (آذار) الماضي، برعاية الأمم المتحدة وحضور الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، إضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والسعودية وعدد من المؤسسات الدولية (البنك الدولي، المفوضية العليا للاجئين، برنامج الأمم المتحدة للتنمية).
ومن المقرر أن يبحث المجتمعون في روما اليوم خطة تسليح الجيش اللبناني وسبل دعمه عسكريا ولوجستيا ورفع قدرات ضباطه لمكافحة الإرهاب، على ضوء الأحداث الأمنية المحلية الأخيرة، وتداعيات أزمات المنطقة إقليميا لا سيما في سوريا والعراق، والخشية من ارتدادات محلية لها.
ويقول الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدول الغربية بإزاء التدهور المتواصل في المنطقة تدرك مدى حاجة لبنان إلى الدعم العسكري من أجل تأمين الاستقرار والحفاظ على السيادة، وحماية حدوده تحديدا، من كل الاعتداءات، سواء السورية أم الإرهابية».
ويوضح عبد القادر أن «مؤتمر روما يأتي في سياق سلسلة مؤتمرات تهدف لوضع برنامج مساعدات لتقديم الدعم المالي واللوجستي للجيش اللبناني من أجل تقويته وتعزيز قدراته على القيام بمهامه في السيطرة على الأوضاع اللبنانية في خضم فترة صعبة تمر بها المنطقة». ويشير إلى أن البحث «في تسليح الجيش بدأ منذ ما يقارب السنوات الثلاث، خصوصا بعد أن أظهرت مجموعة من الدول جدية في هذا السياق، من خلال برامج تعاون وتقديم مساعدات مالية ولوجستية ومعدات ودورات تدريبية، إضافة إلى مساعدة تقنية لصيانة معدات الجيش».
ويثني عبد القادر على «الدور الذي اضطلعت به بعض الدول الأوروبية المشاركة في إطار قوات (يونيفيل) في جنوب لبنان، من أجل تعزيز قدرات الجيش اللبناني»، لافتا إلى أن «تبني الأمم المتحدة هذه المهمة دفع إلى زيادة عدد الدول الراغبة بالمساعدة، من رقم لا يتخطى أصابع اليد الواحدة إلى 40 دولة ستشارك في مؤتمر روما غدا (اليوم)».
ويعاني الجيش اللبناني من نقص في عديد أفراده، خصوصا بعد إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية قبل سنوات، التي كانت ترفد المؤسسة بمجندين يتراوح عددهم بين خمسة وثمانية آلاف مجند سنويا، إضافة إلى نقص فادح في التسليح. وكان الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، الذي لعب دورا بارزا في عقد مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية»، ومن ثم الإعداد لمؤتمر روما، أعلن نهاية العام الماضي عن هبة سعودية لتسليح الجيش اللبناني بالتنسيق مع فرنسا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتعد هذه الهبة الأكبر في تاريخ الجيش اللبناني.
ويضم الجيش اللبناني، الذي يحتفل مطلع أغسطس (آب) المقبل، بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسه، نحو 40 ألف ضابط وعنصر، يتوزعون على ألوية وأفواج مقاتلة، ووحدات لوجستية. وتترأس مراكزه القيادية، شخصيات عسكرية تأخذ بعين الاعتبار المحاصصة الطائفية. وفي حين يأخذ الجيش بعين الاعتبار التوزيع الطائفي في ضم الضباط إليه، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، كسرت هذه القاعدة في ضم الأفراد والرتباء. وتبلغ النسبة التقديرية للمسلمين داخل المؤسسة العسكرية نحو 65 في المائة من عديده، يتوزعون بين السنة والشيعة والدروز، في حين تبلغ نسبة المسيحيين نحو 35 في المائة.
ويشدد عبد القادر، وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني، على «حاجة الجيش إلى مساعدات في المجالات كافة من دون تمييز؛ إنْ لناحية السلاح والمعدات، أو التدريب والمساعدات الفنية، أو تعزيز قدراته التقنية لصيانة آلياته ومعداته وتعزيز قدرته على الحركة والاضطلاع بمهامه». ويرجح أن «يؤدي برنامج دعم الجيش، في نهاية المطاف إلى توسيع مهامه تدريجيا وصولا إلى أن يتولى بعض المهام الموكلة إلى قوات (يونيفيل) العاملة في جنوب لبنان».
وتحولت مهام الجيش اللبناني، خلال الأعوام الأخيرة، إلى مهام أمنية داخل الشارع اللبناني، بحيث بات «ضابط الأمن»، وانصرفت وحداته إلى إطفاء نار النزاعات المحلية، خصوصا في مدينة طرابلس شمال لبنان، التي شهدت أكثر من 20 جولة قتال منذ عام 2008. كما واجه الجيش تحديدات كبرى، مع تمدد نار الأزمة السورية إلى لبنان، كان أبرزها قتال المتشددين في بلدة عرسال الحدودية ومحاولة شل انتقال المسلحين عبر الحدود. كما تعرضت نقاط تابعة له لتفجيرات واعتداءات عدة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.