15 قتيلاً وعشرات الجرحى في تصادم قطارين شمال القاهرة

TT

15 قتيلاً وعشرات الجرحى في تصادم قطارين شمال القاهرة

أطلت حوادث القطارات برأسها المروع أمس على مصر، بعد أن قتل ما لا يقل عن 15 شخصاً، وأصيب 40 آخرون، في حادث تصادم قطارين بمحافظة البحيرة، شمال القاهرة.
وتشهد مصر أعلى معدلات حوادث القطارات في العالم بسبب سوء حالة كثير منها. وقد جدد الحادث المروع مطالبات برلمانية وشعبية بسرعة تطوير مرفق السكك الحديدية، الذي لم يتطور منذ فترة طويلة، ما جعل كثيرا من القطارات يسير بلا صيانة، فضلا عن عدم توفير الإمكانيات المادية لذلك. فيما يؤكد مسؤولون في مصر أن «مرفق السكك الحديدية يحتاج بشكل ملح إلى نحو 10 مليارات جنيه لتطويره».
وأعلنت هيئة السكك الحديدية أن محافظة البحيرة عرفت اصطدام القطار رقم «678» ركاب (إيتاي البارود - القاهرة) بخط المناشي، بقطار بضائع مُحمل بـ«طَفلة» تستخدم في صناعة الطوب، كان متوقفا في محطة الطيرية التابعة لمركز كوم حمادة، ما أدى إلى وقوع إصابات وقتلى بين الركاب.
وأوضحت الهيئة في بيان لها أمس أن سبب حادث التصادم يرجع إلى سقوط عجلة البوجي (عبارة عن 4 عجلات تسير عليها العربة وتزن نحو 17 طنا) من العربة الثالثة للقطار رقم «678»، أثناء سيره بمحطة أبو الخاوي، ما أدى إلى احتكاكها مع عربة قطار طفلة المخزن على السكة، مبرزة أنه تم الدفع بآلات لرفع عجلة البوجي بعد سقوطها بحوش (أرض) المحطة.
وسجلت حوادث القطارات في مصر مؤشراً مفزعاً يفوق المعدلات العالمية، حيث تقدر بـ1400 حادث سنويا، وفق إحصائيات رسمية سابقة، في مشهد متكرر من حوادث تصادم القطارات.
وأعلنت وزارة الصحة أمس أنه «تم نقل المصابين للمستشفيات، وما زالوا يخضعون للعلاج والملاحظة، فيما تنوعت الإصابات ما بين جروح بالرأس وكسور، وكدمات شديدة بالصدر والرأس». ووصل إلى مكان الحادث هشام عرفات وزير النقل، وسيد سالم رئيس هيئة السكة الحديد، ونادية عبده محافظ البحيرة. واعتاد المصريون على سماع أنباء عن وقوع حوادث تصادم قطارات بين الحين والآخر، وتعتبر تلك الحوادث من أهم الظواهر التي تواجه مصر، وقد زاد من خطورتها عدم توافر المواصفات الفنية في بعض جرارات القطارات.
ويرى مراقبون أن تصادم القطارات يرجع إلى عدة عوامل، منها «سوء حالة قطاع السكة الحديدية، وتهالك العربات والقطارات، ورعونة القيادة». ويوجد في مصر قرابة 1332 مزلقاناً (مناطق لعبور المواطنين والسيارات على شريط السكة الحديدية) معترفاً به، إلى جانب مناطق عبور يقيمها المواطنون بشكل غير شرعي، وهي أحد أسباب حوادث القطارات.
وكان آخر حادثة من هذا النوع شهدتها مصر في أغسطس (آب) الماضي، حيث اصطدم قطار «رقم 13» إكسبريس (القاهرة - الإسكندرية) بمؤخرة قطار «رقم 571» (بورسعيد - الإسكندرية) قرب محطة خورشيد على خط (القاهرة - الإسكندرية)، ما أدى إلى إصابة 88 ومقتل 29 شخصا. وفي فبراير (شباط) 2002 وقع أسوأ حادث قطارات، حينما اندلعت النيران بعربات القطار رقم ‏832‏ المتوجه من القاهرة لأسوان، عشية ليلة عيد الأضحى في منطقة العياط، وراح ضحيته عشرات المسافرين، بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه، ما اضطر المسافرين للقفز من النوافذ.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 اصطدمت قرب مركز منفلوط بمحافظة أسيوط، حافلة مدرسية كانت تستقل العشرات من الأطفال بأحد القطارات، أثناء مرورها بـ«المزلقان» وراح ضحية الحادث سائق الحافلة، والمشرفة التي كانت ترافق الطلاب و50 تلميذا.
من جانبه، وجه شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، باتخاذ الإجراءات اللازمة في ضوء ما يتم معرفته من أسباب وقوع الحادث. كما وجه بحشد جميع الإمكانات اللازمة لنقل الوفيات وعلاج المصابين، والتأكد من توفير جميع سبل الرعاية الطبية لهم، ورفع تقارير عن الحادث.
في غضون ذلك، كلف النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، فريقاً موسعاً بإجراء المعاينات اللازمة لموقع الحادث، للوقوف على أسبابه، والمسؤول عنه. كما دخل مجلس النواب (البرلمان) على خط الأزمة، إذ قال أعضاء في لجنة «النقل والمواصلات» بمجلس النواب إن البرلمان سيستدعي وزير النقل، ورئيس هيئة السكك الحديدية للوقوف على ملابسات الحادث، مطالبين الحكومة بتبني مشروع قومي للسكة الحديدية على غرار مشروع قومي للطرق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».