{حماس} ترفض موازنة الحكومة وتعدّها فساداً مالياً وسياسياً

طالبت بعرضها على المجلس التشريعي المعطل

TT

{حماس} ترفض موازنة الحكومة وتعدّها فساداً مالياً وسياسياً

رفضت حركة حماس الموازنة المالية التي أقرتها حكومة الوفاق الوطني، أول من أمس، معتبرة إقرارها بهذا الشكل «فسادا ماليا وسياسيا». وقال القيادي في حماس أحمد بحر، وهو نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، إن «إقرار موازنة 2018 يعد بمثابة فساد مالي وسياسي وانتهاك لأبسط القواعد القانونية والدستورية وأحكام القانون الأساسي»، مشددا على أن المجلس التشريعي هو «الجهة الوحيدة والحصرية لاعتماد موازنة الحكومة».
وأضاف بحر في مؤتمر صحافي من غزة: «إمعانا من حكومة الحمد الله في مخالفة أحكام القانون الأساسي والنظام الداخلي للتشريعي، واستمرارا لنهج التفرد الذي تمارسه حركة فتح ورئيسها محمود عباس، فقد أعلن الحمد الله أمس إقرار موازنة 2018 لإرسالها إلى الرئيس للمصادقة عليها، من دون أن تعرض على المجلس التشريعي، وهو الجهة الوحيدة والحصرية صاحبة الصلاحية في إقرار الموازنة والرقابة عليها، وهو الجهة الوحيدة التي تتمتع بالشرعية في حين فقدت جميع مؤسسات السلطة، بما فيها مؤسسة الرئاسة شرعيتها بسبب انتهاء مدة ولاية الرئيس في عام 2009». ووصف بحر إعلان الموازنة بسابقة خطيرة في تاريخ السلطة.
وقال إن «هذا الأسلوب اللاقانوني واللاأخلاقي لا يخدم المصالحة، وإنما يزيد من عمق حالة الانقسام القائمة ويستوجب المحاسبة والمساءلة، بل والملاحقة القضائية الجزائية للقائمين على هذا العمل».
وانتقد بحر إقرار الموازنة من دون الأخذ بالاعتبار «الحقوق الوظيفية لأكثر من أربعين ألف موظف يعملون في قطاع غزة، ومن دون وجود موازنات تشغيلية ورأسمالية للوزارات في قطاع غزة بحجة عدم التمكين».
وهاجم بحر السلطة الفلسطينية، وقال إنها تعتقد أن التمكين في غزة هو السيطرة على سلاح المقاومة، مؤكدا أن ذلك مجرد وهم.
واتهم بحر الحكومة بحرمان قطاع غزة من حصته المفترضة في الموازنة العامة «والمقدرة بنسبة 40 في المائة»، مؤكدا أن «ما صرفته على قطاع غزة في عام 2017 لم يتجاوز 19 في المائة فقط».
وهدد بحر بملاحقة الحكومة قضائيا، مطالبا الوفد الأمني المصري الموجود في قطاع غزة، بالتدخل العاجل لدى حكومة الحمد الله، من أجل عرض الموازنة للسنة المالية 2018 على المجلس التشريعي لإقرارها وفقا للقانون.
وعمليا لا يجتمع المجلس التشريعي منذ سنوات. وإنما تعقد كتلة حماس، في غزة، فقط جلسات لا تعرف بها السلطة أو الكتل البرلمانية الأخرى.
وتقول السلطة ومعها الفصائل، إن جلسات كتلة حماس غير قانونية.
وكانت الحكومة الفلسطينية أقرت مشروعين للموازنة المالية للعام الحالي 2018، الأول بـ5 مليارات دولار، والثاني مرتبط بالمصالحة وتزيد الموازنة فيه 800 مليون، وأحالت المشروع إلى الرئيس الفلسطيني للمصادقة عليه.
وقالت الحكومة، إن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2018 تم إعداده بشكل مرن «مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة، نتيجة استمرار حركة حماس في رفضها تمكين الحكومة تمكينا شاملا».
وبحسب بيان للحكومة «تبلغ قيمة الموازنة نحو 5 مليارات دولار، بحيث يبلغ إجمالي الإيرادات 3.8 مليار دولار، فيما يبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة وتمويل النفقات التطويرية 775 مليون دولار، وتبلغ النفقات الجارية وصافي الإقراض 4.5 مليار دولار، كما تبلغ النفقات التطويرية 530 مليون دولار، وتبلغ الفجوة التمويلية 498 مليون دولار بمعدل شهري يبلغ نحو 40 مليون دولار.
وأعلنت الحكومة عن إعداد موازنة موحدة في حال تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، بما يتضمن التمكين المالي الموحد من خلال وزارة المالية والتخطيط، الجهة المسؤولة الوحيدة عن الجباية وعن الصرف في آن واحد، بما فيها احتمال دمج 20 ألف موظف.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم