موسكو تستعد لرزمة عقوبات أميركية جديدة

نصحت رعاياها «المعاقَبين» بعدم مغادرة البلاد

TT

موسكو تستعد لرزمة عقوبات أميركية جديدة

لوحت موسكو بـ«رد متكافئ» على رزمة عقوبات أميركية جديدة يتوقع أن تعلن عنها واشنطن في غضون أسابيع. وقال مصدر برلماني روسي لـ«الشرق الأوسط» إن الكرملين يدرس عدة خيارات للرد «على الخطوات الأميركية المتلاحقة»، مشيرا إلى «تدابير» ينتظر أن تعلن عنها موسكو، بينها لائحة بأسماء شخصيات أميركية سيحظر عليها دخول الأراضي الروسية، لكنه نبه إلى أن «هذا واحد فقط من سيناريوهات الرد على التصعيد الأميركي المتواصل».
وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قد أعلن أمس أن الولايات المتحدة ستعلن عن عقوبات جديدة ضد روسيا خلال 30 يوما. ونقلت وكالة «بلومبيرغ» عنه أن واشنطن تعمل حاليا على تنفيذ العقوبات السابقة، و«يمكنكم توقع لائحة جديدة بأسماء شخصيات ومؤسسات روسية ستشملها عقوبات جديدة».
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناويرت، أن الخارجية الأميركية قد تنظر في إمكانية فرض عقوبات ضد 13 مواطنا روسيا مدرجين فيما تسمى «قائمة مولر»، نسبة إلى المدعي الأميركي الخاص روبرت مولر، وذلك على خلفية اتهامات التدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
وقال البرلماني الروسي إن موسكو «مارست طويلا سياسة ضبط النفس والبحث عن آليات لتسوية الملفات الخلافية، لكن التصعيد الأميركي المتواصل يظهر أن الجناح المتشدد ضد روسيا في الأوساط الأميركية نجح في تحريف مسار محاولات للتطبيع مع موسكو ولفترة طويلة مقبلة».
وفرضت الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة سلسلة عقوبات طالت شخصيات سياسية ومسؤولين ورجال أعمال مقربين من الكرملين، على خلفية الوضع في شبه جزيرة القرم واتهامات بـ«التدخل» في الانتخابات الأميركية؛ كان أبرزها اللائحة التي أطلقت عليها تسمية «لائحة الكرملين»، وشملت أسماء كبار الموظفين في الديوان الرئاسي الروسي وكل طاقم الحكومة، بما في ذلك رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف، بالإضافة إلى 96 من أبرز رجال الأعمال الروس الذين تتهمهم واشنطن بأنهم راكموا ثروات خرافية، بالاستفادة من صلاتهم بالرئيس فلاديمير بوتين.
وتجري في الكونغرس الأميركي تحقيقات مستقلة حول «التدخل الروسي» في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي فاز بها دونالد ترمب. كما يجري تحقيق مماثل من قبل المدعي الخاص روبرت مولر. وتظهر في وسائل الإعلام الأميركية، تقارير منتظمة تشير إلى مصادر لم يكشف عنها، حول اتصالات أعضاء حملة ترمب مع مسؤولين ورجال أعمال روس.
ووضع مولر لائحة بأسماء 13 شخصية روسية، بينهم الملياردير يفغيني بريغوجين المعروف باسم «طباخ بوتين» كونه راكم ثرواته في قطاع المطاعم وكان متعهدا لحفلات الكرملين، وتحول إلى واحد من أبرز الشخصيات المقربة إلى الرئيس الروسي، بالإضافة إلى أنه متهم بتمويل مجموعات مسلحة من «المرتزقة الروس» الذين يقاتلون في أوكرانيا وسوريا.
وبحسب المعطيات الأميركية، فإن بريغوجين أدار شبكة من العملاء تخصصت في بث معلومات تضليلية على شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في سير الانتخابات الأميركية، وكان مركزها سان بطرسبورغ.
ونفت روسيا أكثر من مرة صحة الاتهامات الأميركية ووصفها المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف بأنها «لا أساس لها»، بينما قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روغوزين، إن العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا «ستبقى إلى الأبد ولن ترفع إلا بعدما تعود روسيا ضعيفة».
وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قبل يومين إنه «لا يمكن استبعاد اتخاذ آليات عدة للرد» على واشنطن. ونبّه إلى أهمية عدم سفر الشخصيات الروسية التي وردت أسماؤها في اللوائح الأميركية، مشيرا إلى احتمال أن تتعقب واشنطن «المعاقَبين» وتحاول استصدار مذكرات اعتقال ضدهم. وزاد الدبلوماسي الروسي أن الولايات المتحدة «لديها سجل حافل باختطاف مواطنين من بلدان أخرى وتوجيه اتهامات إليهم».
وفي نصيحة نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، أشار إلى أن «البلدان التي تربطها بواشنطن اتفاقات تبادل مطلوبين مدرجة على موقع وزارة الخارجية الأميركية، لكن هذا لا يعني أن مواطنينا بإمكانهم السفر إلى بلدان أخرى لأن واشنطن قد تلاحقهم فيها».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.