الحكومة الفلسطينية تقر مشروعين لموازنتها لعام 2018

الأولى بـ5 مليارات دولار والثانية للمصالحة بزيادة 800 مليون

TT

الحكومة الفلسطينية تقر مشروعين لموازنتها لعام 2018

أقرت الحكومة الفلسطينية الموازنة المالية للعام الحالي 2018، بقيمة نحو 5 مليارات دولار، وأحالت المشروع إلى الرئيس الفلسطيني للمصادقة عليه.
وقالت الحكومة إنه جرى إعداد مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2018 بشكل مرن، «مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة، نتيجة استمرار حركة حماس في رفضها تمكين الحكومة تمكيناً شاملاً».
وبحسب بيان للحكومة: «تبلغ قيمة الموازنة نحو 5 مليارات دولار، بحيث يبلغ إجمالي الإيرادات 3.8 مليار دولار، فيما يبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة وتمويل النفقات التطويرية 775 مليون دولار، وتبلغ النفقات الجارية وصافي الإقراض 4.5 مليار دولار، كما تبلغ النفقات التطويرية 530 مليون دولار، وتبلغ الفجوة التمويلية 498 مليون دولار، بمعدل شهري يبلغ نحو 40 مليون دولار».
وأعلنت الحكومة أنه تم إعداد موازنة موحدة في حال تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، بما يتضمن التمكين المالي الموحد، من خلال وزارة المالية والتخطيط، المسؤولة الوحيدة عن الجباية وعن الصرف في آن واحد، بما في ذلك احتمال دمج 20 ألف موظف.
وقالت الحكومة إن الموازنة الموحدة تبلغ 5.8 مليار دولار، منها 5.2 مليار دولار للنفقات الجارية وصافي الإقراض، و830 مليون دولار للنفقات التطويرية، فيما تبلغ الإيرادات نحو 4 مليارات دولار، ويبلغ التمويل الخارجي لدعم الموازنة وتمويل النفقات التطويرية 775 مليون دولار، بفجوة تمويلية تقدر بنحو مليار دولار، أي أن النمو في النفقات سيفوق نسبة النمو في الإيرادات بنحو 11 في المائة.
وأكدت الحكومة أنه «رغم نمو نسبة الفجوة التمويلية التي ستنتج عن عملية الدمج، إلا أن إنهاء الانقسام البغيض وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، يفوق أي اعتبار، وهي تمثل فرصة وعاملاً مساعداً للمضي قدماً بالإسراع في تنفيذ الإصلاح المالي، والتغلب على مقاومة التغيير».
وكانت مصر قد استأنفت جهودها لتحقيق مصالحة فلسطينية، حيث التقى وفد مصري موجود في قطاع غزة مسؤولين من «حماس» ووزراء في الحكومة الفلسطينية؛ لإنهاء مشكلات تسلم الوزارات وعودة الموظفين القدامى إلى وزاراتهم، وتمكين الحكومة من الجباية المالية بالكامل.
وقالت الحكومة إن المصالحة الحقيقية ستتيح المجال «لتبني إقامة مشروعات تنموية جديدة في قطاع غزة، كمشروعات البنية التحتية، والكهرباء، والمياه، وتوحيد الطاقات والموارد، وترشيد النفقات، والعمل على إصلاح القطاع الصحي، وتصويب نظام التحويلات الطبية، من أجل الخروج من الأعباء المالية غير المبررة التي تراكمت في ظل تدني الدعم الخارجي، والتوقعات بتراجع هذا الدعم نتيجة الأوضاع السياسية الراهنة».
وتعهدت الحكومة ببذل كل الجهود لتنمية وتطوير المقدرة الذاتية، لتقليل الاعتماد على الدعم المالي الخارجي، والاستمرار في المطالبة بإنهاء كافة الملفات المالية والاقتصادية العالقة مع الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى تعزيز العلاقة مع الجهات المانحة، وذلك بتوحيد قنوات الاتصال، وتوحيد المعلومات والتمويل من خلال القنوات الحكومية الرسمية، وتوجيه الدعم الدولي لينسجم مع أجندة السياسات الوطنية، وحث المانحين على تعزيز التنسيق فيما بينهم، لضمان عدم التقاطع والتضارب بين برامجهم المختلفة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.