«القاعدة» و«داعش»... توافق نادر على تسليح العمل الحزبي

شباب «الإخوان» هدف لدعوات الظواهري والبغدادي «المتطرفة»

عمر إبراهيم الديب نجل قيادي إخواني وهو يرتدي زي «داعش» خلال فيديو بثه التنظيم مؤخراً («الشرق الأوسط»)
عمر إبراهيم الديب نجل قيادي إخواني وهو يرتدي زي «داعش» خلال فيديو بثه التنظيم مؤخراً («الشرق الأوسط»)
TT

«القاعدة» و«داعش»... توافق نادر على تسليح العمل الحزبي

عمر إبراهيم الديب نجل قيادي إخواني وهو يرتدي زي «داعش» خلال فيديو بثه التنظيم مؤخراً («الشرق الأوسط»)
عمر إبراهيم الديب نجل قيادي إخواني وهو يرتدي زي «داعش» خلال فيديو بثه التنظيم مؤخراً («الشرق الأوسط»)

ما بين دعوة أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي لشباب الأحزاب الإسلامية في مصر بالتخلي عن السلمية، ومبايعة نجل أحد قيادات جماعة «الإخوان» لـ«داعش»
وبث فيديو مصور يوثق ذلك، بات هناك توافق نادر بين التنظيمين على تسليح العمل الحزبي والتنافس للفوز بشباب الأحزاب الإسلامية، خصوصاً «الإخوان».
خبراء في الحركات المتطرفة بمصر أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» يسعيان الآن لضخ دماء جديدة، حيث يتصور كل من التنظيمين أن جماعة «الإخوان» ما زال لديها قواعد لضخ شباب جدد. وقال الخبراء إن «حالة المتطرفين تتسم بقدر كبير من السيولة، وهي نتاج حالة الفشل المحيط بكل التنظيمات»، لكن توجه «القاعدة» و«داعش» لشباب الأحزاب الإسلامية يشير إلى هزائم داخل التنظيمين، بعد انسحاب أعداد كبيرة منهما.
لقد حاول أيمن الظواهري في كلمة مسجلة بعنوان: «بُشرى النصر لأهلنا في مصر»، استمالة شباب «الإخوان» والأحزاب الأصولية لتشجيعهم على الانضمام إلى التنظيم المتطرف والتظاهر والتخلي عن السلمية. ودعا الجميع إلى «بداية جديدة تتخلص من أخطاء الماضي، وإقامة حكم إسلامي يحكم بالشريعة»، على حد تعبيره.
وسبق هذه الكلمة فيديو مصور بثه «داعش» حمل اسم «حماة الشريعة»، هاجم فيه كل من شارك في العملية السياسية بمصر وشن هجوماً على الأحزاب الإسلامية، لكنه داعب شباب «الإخوان» ونشر مقطعا يُظهر انضمام عمر ابن القيادي الإخواني إبراهيم الديب، إلى التنظيم. وظهر عمر، الذي ادعى أعضاء بجماعة «الإخوان» المعتبرة في مصر تنظيماً إرهابياً اختفاءه قسراً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو يرتدي زياً مموهاً يشبه زى الجنود ويبايع أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش المزعوم، واعترف في التسجيل بأنه يقوم بتنفيذ عمليات ضد القوات المسلحة.
من جهته، قال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة، إن «حالة التشدد تتسم بقدر كبير من السيولة، وهي نتاج حالة الفشل المحيط بكل التنظيمات، بدءاً من (الإخوان) وعدم إيمانهم بتداول السلطة. وكان يحركهم خطاب مراوغ، وكان هناك شكل لتوزيع الأدوار، ونجحت الجماعة في الوصول إلى حكم مصر عام 2012، وحصلت على 70 في المائة من مقاعد الإسلاميين في البرلمان، وكُنا أمام توافق نادر بين تيار الإسلام السياسي والجماعة و(المتطرفين)، وتمثل ذلك في (الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح)، وكان هذا الكيان كاشفا لطبيعة العلاقة بين أطرافه» وأضاف: «لكن بدأت حالة من التصادم، والهجرة العكسية، وخروج مجموعات من (القاعدة) لـ(داعش) أو (الإخوان) والعكس»، لافتاً إلى أن «(القاعدة) و(داعش) يسعيان الآن لضخ دماء جديد، حيث يتصور كل من التنظيمين أن (الإخوان) ما زال لديها قواعد لضخ الشباب… وهما لا يدركان أن (الإخوان) لم تعد بناء قوياً؛ لا تنظيمياً ولا فكرياً، حتى لو نجحت (الجماعة) في ضم عناصر جديدة».
وأكد بأن قد توجد شراذم قليلة قد تنضم لـ«القاعدة» أو «داعش» من عناصر «الإخوان» التي تتوجه للعنف، مثل أعضاء حركتي «حسم» و«لواء الثورة»، اللتين نجحت السلطات المصرية في توجيه كثير من الضربات لهما. وأشار مراقبون إلى أن «هناك انتقالاً الآن من تنظيم داعش إلى (القاعدة)، ومن دخلوا (داعش) يقفزون من سفينته إلى سفينة (القاعدة)، وهناك مساع لنقل العناصر الإرهابية إلى ليبيا ومن آسيا إلى أفريقيا».
وقال أحمد بان، إن من طبيعة التيارات والجماعات المتشددة أن يحدث تشظٍ وخلافات وصراعات داخلية فيها تحت لافتات التكفير المتبادل، فـ«داعش» كان تطوراً طبيعياً لـ«القاعدة»، وحاول التهامه في مرحلة من المراحل، و«داعش» بدأت فكرة التكفير داخله بين «الحازمين».
من جهته، قال عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، إن «الرسالة الأخيرة للظواهري ما هي إلا إعلان حالة إفلاس بشكل كامل، خصوصا بعد الضربات التي تلقاها من تنظيم داعش. ورسائل التنظيمين لشباب الأحزاب الإسلامية تشير إلى هزائم داخلية بعد انسحاب أعداد كبيرة من (القاعدة) لـ(داعش)»، لافتاً إلى أن الضربات التي تلقاها «داعش» في سوريا والعراق وفي مصر خلال العملية الشاملة «سيناء 2018» جعلت «القاعدة» يحاول أن يغنم الإرث الداعشي والإخواني، خصوصا أن هناك أكثر من إصدار مرئي للظواهري تحدث فيه عن فشل (الإخوان) وانهيار مشروعهم رغم أنه يعد (الإخوان) كبرى الجماعات».
وشن الظواهري في يناير (كانون الثاني) الماضي هجوماً شديداً على حزب «الحرية والعدالة» المنحل، ذراع جماعة «الإخوان» في مصر، واتهمه بأنه سبب فشل الحكم الإسلامي، كما شبه «الإخوان» في أغسطس (آب) عام 2016 بـ«حظيرة الدواجن التي تربي الدجاج لتسعد فقط بما يقدم لها؛ لكنها تتركها غافلة عما يحيط بها من أخطار محدقة».
وأضاف عبد المنعم أنه «بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به فصائل (القاعدة) في (الواحات) الغربية بمصر، أصبح أمام التنظيم الإرهابي توجيه الدعوة إلى شباب حزبي (النور)، و(البناء والتنمية) ذراع (الجماعة الإسلامية)، خصوصا مع دعوات مصرية تطالب بحل الحزبين، فضلاً عن مداعبة باقي شباب الأحزاب السياسية المحب للديمقراطية».
برز تنظيم «القاعدة» خصوصاً في الصحراء الغربية، حيث كشفت أجهزة الأمن المصرية أواخر العام الماضي أخطر خلاياه المُسلحة وهي جماعة «أنصار الإسلام» أو «المرابطون». واتضح أنها تتبع «القاعدة» ويقودها ضابط مفصول هو هشام عشماوي… فضلاً عن ظهور تنظيمات في شمال سيناء أواخر العام الماضي أيضاً تتبع «القاعدة» مثل جماعة «جند الإسلام» التي تبنت أفكارها، وكانت تنشط في سيناء قبل 4 أعوام، وتوعدت تنظيم «ولاية سيناء» الموالي لـ«داعش» مؤخرا في سيناء… كما كشف عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري، الإرهابي الليبي المتورط في هجوم «الواحات» في أكتوبر الماضي، أنه ورفاقه في المجموعة الإرهابية التي ينتمي إليها والتي تم ضبطها أخيراً «يعتنقون فكر (القاعدة)». وسبق أن أثنى الظواهري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في شريط فيديو بعنوان «العملاق الذي لم ينحنِ» على الدكتور عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية» في مصر، الذي توفي داخل محبسه الذي قضي فيه 24 عاماً بالولايات المتحدة في فبراير (شباط) 2017، في محاولة وصفها خبراء الحركات الإسلامية بأنها مغازلة لشباب الجماعة للانضمام للتنظيم.
لكن عمرو عبد المنعم حذر من الدعوات التي تطالب بحل الأحزاب الإسلامية بمصر، لأن «حلها خطر، ولأن شبابها سوف يشعرون بفشل المشروع وينتقلون بعد ذلك إلى مربع العنف من جديد... وهذا المضمون هو ما يدعو إليه الظواهري»، موضحا «أننا أمام دعوة صريحة بعد فشل الأحزاب الإسلامية، سوف تؤدي لنزوح الباقين لـ(القاعدة)».
وتساءل عبد المنعم: «لماذا ينصت تيار (الجهاد) لما يطرحه الظواهري؟ ألا يُعد ذلك رجوعاً عن العقد الاجتماعي الذي عقده تيار الإسلام السياسي مع الدولة المصرية عبر 20 عاماً ويزيد من وقف العنف؟». ويلفت إلى أن دعوات الظواهري لشباب الأحزاب السياسية وجدت طريقها في الأحزاب السياسية وأثمرت، «بدليل انضمام قيادات من (الجماعة الإسلامية) لـ(القاعدة)، فضلاً عن أن هناك انسحابات من شباب من جماعة (الإخوان)، وانضموا لـ(داعش) مثل عمر إبراهيم الديب».
ويقول عبد المنعم إن «انسحابات شباب (الإخوان) مؤشر على وجود عناصر أخرى لديها قابلية للمزاوجة بين (الجماعة) و(داعش)... لديهم فكر (الإخوان) ويريدون السير على خطى (داعش) في العنف، خصوصا أن شباب (الجماعة) الآن غير راضين عن الأوضاع في مصر بدرجة كبيرة، ويتم شحنهم إلى درجة كبيرة من وسائل الإعلام التابعة لـ(الجماعة)، والظواهري سعى أيضاً إلى استغلال تلك الحالة»، مؤكداً أن «(داعش) و(القاعدة) لديهما اتفاق ضمني على تسليح العمل الحزبي».
من جهته، أكد الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة، أن «داعش» و«القاعدة» يحاولان إثبات وجودهما «في ظل الفشل الكبير الذي تعرض له (داعش) على يد قوات الجيش والشرطة في سيناء، و(القاعدة) في الصحراء الغربية»، لافتاً إلى أن «التنظيمين يحاولان تعويض ما فقداه من الشباب في العراق وسوريا وليبيا ومصر أخيراً».


مقالات ذات صلة

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
أفريقيا رئيس تشاد يتحدث مع السكان المحليين (رئاسة تشاد)

الرئيس التشادي: سنلاحق إرهابيي «بوكو حرام» أينما ذهبوا

قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».