مستقبل البشرية في أعين الأدباء

دراسة بريطانية عن المدن الفاضلة

مستقبل البشرية في أعين الأدباء
TT

مستقبل البشرية في أعين الأدباء

مستقبل البشرية في أعين الأدباء

ها نحن أولاء نستقبل عاما جديدا تدخل به الألفية الثالثة إلى نهاية عقدها الثاني. وكل عام جديد مناسبة لإعادة النظر في الماضي واستيعاب دروسه إيجابا وسلبا. وهو أيضا مدعاة للتفكير في المستقبل وما يخبئه في جوفه من احتمالات. لا عجب أنه قد ظهر خلال القرن الماضي علم قائم برأسه يعرف باسم «علم المستقبل» Futurologyوكتابه الأكبر هو كتاب توفلر المسمى «صدمة المستقبل». إنه علم يسعى إلى التنبؤ بمسار الأحداث المقبلة على أساس من معطيات الحاضر وما يحفل به من تيارات واتجاهات.
واليوم يصدر كتاب جديد عنوانه «تاريخ للمستقبل: أنبياء التقدم من هـ. ج. ويلز إلى إسحق أزيموف» من تأليف بيترج. باولر وهو أستاذ لتاريخ العلم بجامعة الملكة في مدينة بلفاست عاصمة آيرلندا الشمالية (الناشر: مطبعة كمبردج 2017، 286 صفحة)
A History of the Future: Prophets of Progress from H G Wells to Isaac Asimov، by Peter J. Bowler، Cambridge University Press، 286 pp.
يتناول الكتاب صورة المستقبل كما بدت لعدد من الأدباء والمفكرين ويناقش فكرة التقدم التي شاعت في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وشجع عليها التقدم الباهر في حقول الطب والصيدلة والفلك والطبيعة والكيمياء. الكتاب، بعبارة أخرى، دراسة لليوتوبيات أو المدن الفاضلة كما تصورها روائيان من القرن العشرين هما هـ. ج. ويلز البريطاني (1866 - 1946) وإسحق أزيموف روسي المولد أميركي الجنسية (1920 - 1992).
وفي خلفية الكتاب تكمن فكرة اليوتوبيا أو حلم البشر الدائم بعالم متخيل ذي نظام اجتماعي أمثل تزول فيه الشرور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ويؤدي كل امرؤ دوره الذي تؤهله له قدراته ومؤهلاته وينتفي المرض والعوز. إنها المدينة الفاضلة التي حدثنا عنها أفلاطون في جمهوريته، والفارابي في مدينته الفاضلة، والفيلسوف الإيطالي كامبانيللا في كتابه «مدينة الشمس»، والفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون في كتابه «أطلانطيس الجديدة»، والمفكر الهيوماني الإنجليزي السير توماس مور في كتابه «يوتوبيا» وغيرهم من الفلاسفة والأدباء عبر العصور.
يتوقف مؤلف الكتاب عند رواية هـ. ج. ويلز المسماة «آلة الزمان» (لها ترجمة عربية كاملة بقلم إبراهيم عبد القادر المازني، وترجمة أخرى ملخصة في سلسلة «أولادنا»، التي كانت تصدرها دار المعارف بالقاهرة). أصدر ويلز هذه الرواية في 1895 وجعل أحداثها تدور في عام 802701 حيث يتخيل مجتمعا ينقسم إلى طبقتين: عمال يعملون تحت الأرض، وأناس يعيشون عيشة الرفاهية فوقها. ويسطو العمال على هذه الطبقة المرفهة بعد أن دب إليها الارتخاء والوهن بما يعكس نظريات داروين عن تنازع الكائنات على البقاء وكون النصر للأصلح والأقدر على التكيف والغلبة. هكذا يصوب ويلز سهمه إلى فكرة التقدم، مبينا أنها ليست بالضرورة نتيجة للتطور، كما يحسب المتفائلون، وإنما قد يكون التطور باتجاه منطق القوة والقدرة على إفناء الآخر أو على الأقل إخضاعه.
ومن هـ. ج. ويلز ينتقل مؤلف الكتاب إلى إسحق أزيموف الذي يرجع إليه الفضل في نحت كلمة «علم الروبوت» (الإنسان الآلي) Roboticsوذلك في سلسلة من القصص نشرها في أربعينات القرن الماضي. كان أزيموف إلى جانب كونه كاتبا لقصص الخيال العلمي أستاذا جامعيا متخصصا في الكيمياء الحيوية وحامل درجة دكتوراه من جامعة كولومبيا الأميركية. ومساهمته الكبرى في حقل الرواية هي ثلاثيته الصادرة في 1963 تحت عنوان «ثلاثية المؤسسة» وتتألف من: المؤسسة (1951) المؤسسة والإمبراطورية (1952) المؤسسة الثانية (1953). شرع أزيموف في كتابة هذه الثلاثية حين كان شابا في الواحدة والعشرين من عمره وسرعان ما أرسى بها قواعد جنس أدبي يجمع بين حقائق العلم وخيال الأديب.
تدور أحداث «المؤسسة» في المستقبل بعد أن استعمر البشر المجرة. بطل الرواية يدعى هاري سلدون وهو عالم موهوب يستخدم الرياضيات وحساب الاحتمالات في محاولة للتنبؤ بالمستقبل. وإذ يجد نفسه عاجزا عن الوقوف في وجه تدهور البشرية المرتقب يعمد إلى جمع نخبة من العلماء والدارسين والمفكرين في كوكب مهجور خارج عن مجرتنا ساعيا إلى أن يحفظ بهم من الدمار علوم الإنسانية وخبراتها المتراكمة عبر السنين وإلى إنشاء حضارة جديدة قائمة على الفن والعلم والتكنولوجيا. إنه يطلق على هذه المنظمة اسم «المؤسسة» ويرمي بها إلى مواجهة العصور المظلمة التي يتنبأ بأنها ستدوم ثلاثين ألف سنة: عصور الجهل والبربرية والحروب. لكنه لا يستطيع أن يدرك أن قوى الظلام واقفة له بالمرصاد وأنها هي التي ستكتب لها الغلبة في نهاية الأمر.
وفي عرض لكتابنا هذا كتبه جون جراي في مجلة «نيوستتسمان» البريطانية (10 - 16 نوفمبر (تشرين الثاني)2017) يذهب جراي إلى أن الانطباع الذي يخرج به قارئ الكتاب هو أن التعجيل بالاختراعات العلمية لا يكفل بالضرورة أن يصير البشر أميل إلى الخير أو إلى الاحتكام للعقل وإنما هو يعني، ببساطة، زيادة قدرة الإنسان على بلوغ أهدافه سواء كانت هذه الأهداف خيرة أو شريرة. وعلى الإنسان أن يختار بين أن يكون العلم سبيلا للرقي والتقدم أو أن يكون سلاحا مخربا من أسلحة الدمار.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.