قانون «الأراضي المحتلة» يهدد باشتعال حرب جديدة في أوكرانيا

موسكو تحذر من «سيناريو كارثي» يقوض الاستقرار في كل أوروبا

الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو (أ.ب)
الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو (أ.ب)
TT

قانون «الأراضي المحتلة» يهدد باشتعال حرب جديدة في أوكرانيا

الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو (أ.ب)
الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو (أ.ب)

زادت سخونة الأوضاع في المناطق الشرقية من أوكرانيا، مع دخول قانون جديد وقعه الرئيس بيترو بوروشينكو حيز التنفيذ أمس. وحذرت روسيا من «سيناريو كارثي» تنزلق إليه أوكرانيا والمنطقة، بينما استعد إقليما لوغانسك ودونيتسك الانفصاليان لاحتمال اشتعال مواجهات مسلحة جديدة. وبعد مرور أيام على المصادقة على القانون الذي حمل عنوان «إعادة دمج أقاليم الشرق الأوكراني» في مجلس الرادا (البرلمان) وتوقيع بوروشينكو عليه بصياغته النهائية، دخل القانون أمس حيز التنفيذ بعد نشره في جريدة «صوت أوكرانيا» الرسمية وسط انتقادات حادة أطلقتها موسكو وممثلو الإقليمين الانفصاليون المدعومون من جانب روسيا.
وبعد المصادقة على القانون من قبل البرلمان الأوكراني، دان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأربعاء، القانون الذي يعني ضمناً استعادة المناطق الانفصالية بالقوة، ووصفه بأنه «غير مسموح به مطلقاً». وقال لافروف للصحافيين في سلوفينيا، وفقاً لتصريحات نقلتها وكالة أنباء «تاس»، إن القانون «الذي يسمح باستخدام القوة بل ويشجع على استخدامها لاستعادة وحدة الأراضي الأوكرانية، يشكل خروجاً على عملية السلام المتفق عليها دولياً».
وينص التشريع على وجه التحديد على استخدام القوة العسكرية ضد روسيا. وكتب بوروشينكو الثلاثاء الماضي على موقع «تويتر» يقول إن القانون يهدف إلى استعادة أوكرانيا إقليميها الشرقييين الانفصاليين دونيتسك ولوغانسك.
وتسيطر مجموعات انفصالية تدعمها روسيا على أجزاء من هذين الإقليمين على الحدود مع روسيا. ويسمح القانون للجيش الأوكراني «باستخدام القوة» من أجل «ردع العدوان المسلح للاتحاد الروسي في إقليمي دونيتسك ولوغانسك»، وفقاً للنص النهائي على الموقع الإلكتروني للبرلمان.
ووصفت وزارة الخارجية الروسية الشهر الماضي القانون بأنه «استعداد لحرب جديدة». وينص القانون على تدابير لإعادة سيطرة الحكومة الأوكرانية على أجزاء في جنوب شرقي البلاد؛ وصفها بأنها «أراض محتلة». ووصف القانون الجديد روسيا بأنها قوة احتلال و«عدو» لأوكرانيا. وكان إقليما لوغانسك ودونيتسك أعلنا انفصالاً من جانب واحد عن أوكرانيا في 2014، ما أشعل حرباً أهلية أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الأشخاص.
وتتهم كييف الروس بالتدخل مباشرة عبر قوات من المتطوعين وعبر تزويد الانفصاليين بالأسلحة والمعدات القتالية وتوفير غطاء سياسي وإعلامي لهم. لكن موسكو واظبت على نفي صحة الاتهامات، وأكدت أن موقفها ينطلق من دعم الإقليميين اللذين تقطنهما غالبية سكانية ناطقة بالروسية.
ويكلف القانون الجديد، الرئيس الأوكراني، بوضع حدود ولائحة بالمناطق والتجمعات السكنية التي وصفت بأنها «محتلة مؤقتاً» في جمهورتي دونيتسك ولوغانسك على أساس خرائط واقتراحات قدمتها وزارة الدفاع الأركان الأوكرانية، ويمنحه صلاحيات لاتخاذ تدابير مناسبة لإعادة دمج المناطق الانفصالية. وسارعت موسكو إلى وصف القانون بأنه يهدد بتدهور خطر للوضع. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن الجديد يعكس توجهاً لدى الحكومة الأوكرانية بالتملص من «اتفاقات مينسك للتهدئة» التي أعلنت وقفاً للنار في أوكرانيا بوساطة روسية وأوروبية.
يذكر أن الانفصاليين والجيش الأوكراني يتقاتلون منذ أربعة أعوام تقريباً. وقد تم الاتفاق في سبتمبر (أيلول) 2014 على اتفاقية أولى في مينسك لوقف إطلاق النار، لكنها لم تستمر لفترة طويلة. وفي فبراير (شباط) 2015، تم الاتفاق على اتفاقية ثانية في مينسك بين طرفي الصراع، لكن تطبيقها لم يحرز سوى نجاحات قليلة.
وحذرت الخارجية الروسية من أن التطور ينذر بـ«سيناريو كارثي» على أوكرانيا، ويسفر عن انزلاق الموقف إلى حال عدم استقرار في القارة الأوروبية كلها. لكن بوروشينكو قال إن الوثيقة لا تخالف «اتفاقات مينسك»، بل تعد أساساً لمواصلة تسوية النزاع بطرق سلمية. وبرغم أن كييف لم تعلن عن آليات لتنفيذ القانون الجديد لكن سلطات الإقليميين الانفصاليين اتهمت كييف بالإعداد لحرب جديدة، وقالت إن القانون «يضع أساساً لإشعال فتيل الحرب مجدداً، ويمنح بوروشينكو سنداً لاستخدام القوة العسكرية بهدف إعادة السيطرة على الإقليميين ما يعني تقويض اتفاقات مينسك». ورأت أن القانون «مؤشر إلى عدم رغبة كييف في الالتزام بمسار التسوية السياسية للأزمة».
وكانت الأزمة الأوكرانية التي اندلعت عام 2014 على خلفية تباين داخلي واسع حول مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والابتعاد عن روسيا، تحولت إلى نزاع مسلح بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم، وانطلاق الحركة الانفصالية في شرق البلاد.
وقبل أيام استدعت وزارة الخارجية الروسية، القائم بأعمال أوكرانيا، للاحتجاج على قيام متظاهرين قوميين برشق مبان روسية في كييف بالحجارة.
وأعلنت الخارجية الروسية، في بيان، أنها استدعت الدبلوماسي الأوكراني للاحتجاج على «مواصلة الاعتداءات التي تستهدف مصالح روسية من قبل قوميين أوكرانيين هاجموا بالتواطؤ مع السلطات في 17 و18 فبراير (شباط) المركز الروسي للعلوم والثقافة، ومكاتب لمصارف روسية، وممثلية روسو ترودنيتشيستفو» وهي وكالة روسية للتعاون الثقافي. وندد البيان بـ«عدم تحرك عناصر الشرطة الذين وقفوا مكتوفي الأيدي» وبـ«الكتابات التي هاجمت رموز الدولة الروسية». وأعرب عن القلق إزاء «تنامي قوة التيارات القومية والنازيين الجدد في أوكرانيا مستفيدة من حماية ودعم السلطات الرسمية لها». وكانت أحداث مشابهة وقعت أيضاً أمام المبنى نفسه، حيث قام متظاهرون بإحراق العلم الروسي، حسب ما نقلت وكالة «إنترفاكس أوكرانيا» للأنباء.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.