إسرائيل تعتقل مئة قيادي من حماس وتستعد لعملية «استعادة الإخوة»

أعلنت الخليل منطقة عسكرية وحاصرت جنوب الضفة

جندي إسرائيلي يفتش سيارة مواطن فلسطيني ضمن عمليات أمنية واسعة في الخليل أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يفتش سيارة مواطن فلسطيني ضمن عمليات أمنية واسعة في الخليل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تعتقل مئة قيادي من حماس وتستعد لعملية «استعادة الإخوة»

جندي إسرائيلي يفتش سيارة مواطن فلسطيني ضمن عمليات أمنية واسعة في الخليل أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يفتش سيارة مواطن فلسطيني ضمن عمليات أمنية واسعة في الخليل أمس (رويترز)

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حركة حماس الفلسطينية بالمسؤولية عما وصفه «عملية اختطاف» ثلاثة شبان إسرائيليين، اختفت آثارهم الخميس الماضي قرب منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية. وجاء ذلك بينما واصل الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة بحثا عنهم، معلنا اعتقال 80 فلسطينيا بينهم نواب في المجلس التشريعي وأسرى سابقون.
وفي غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري وجود «مؤشرات عدة» على أن حركة حماس ضالعة في خطف الفتية الإسرائيليين الثلاثة.. وقال في بيان: «لا نزال نبحث عن تفاصيل بشأن المسؤولين عن هذا العمل الإرهابي البشع رغم أن مؤشرات عدة تقود إلى ضلوع حركة حماس»، مذكرا بأن واشنطن لا تزال تعد هذه الحركة «منظمة إرهابية».
وقال نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس: «أستطيع اليوم أن أقول ما امتنعت عن قوله بالأمس قبل الاعتقالات الواسعة لعناصر حماس. أفراد حماس هم الذين اختطفوا شبابنا». ووجه تحذيرا مبطنا للرئيس الفلسطيني محمود عباس وسلطته، قائلا: «حماس، هذه هي الحركة التي شكل معها رئيس السلطة أبو مازن حكومة وفاق وطني وهذا الأمر سيكون له تداعيات خطيرة». واختتم بالقول: «لكن الآن سنركز جهودنا على إعادة المخطوفين».
وجاء اتهام نتنياهو فيما أطلق الجيش الإسرائيلي عملية واسعة في كل الضفة الغربية، أطلق عليها اسم «استعادة الإخوة»، وشملت استدعاء مزيد من النخب العسكرية إلى منطقة الخليل واستدعاء جنود احتياط، وفرض حصار محكم على جنوب الضفة الغربية، وإعلان الخليل منطقة عسكرية مغلقة، إضافة إلى إغلاق جميع معابر قطاع غزة، وتنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت نحو مائة حتى الآن من عناصر الصف الأول والثاني والثالث في حماس بالضفة. ومن بين الإجراءات التي أوصى بها الشاباك (جهاز الأمن العام)، ونفذت بالفعل، وقف الزيارات العائلية للأسرى الفلسطينيين، ومنع دخول عمال فلسطينيين إلى بعض المستوطنات، وتجميد مشروع القرار الذي كان سيطرح على مجلس الوزراء بشأن منح تصاريح عمل إضافية في إسرائيل لخمسة آلاف عامل بناء فلسطيني.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن «الجيش بدأ باستدعاء عدد محدود من قوات الاحتياط في إطار حشد قوات كبيرة في الضفة الغربية، كما تقرر زج كتيبة أخرى تابعة للقوات البرية النظامية في منطقة الخليل من كتيبتي (شمشون) ولواء (كفير)».
وبلغ عدد الجنود الإسرائيليين في منطقة الخليل ومحيطها أكثر من 2500 عنصر يشاركون في عمليات بحث واعتقالات واستجوابات من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع في حارات وبلدات ومناطق مستهدفه في الخليل. وتركز البحث في مناطق نائية وفق معلومات استخباراتية لكن دون الوصول إلى طرف خيط.
ومنع الجيش الإسرائيلي، أمس، الفلسطينيين من مغادرة الخليل أو التوجه إليها، وشوهد مئات من الشرطة الإسرائيلية ينتشرون على طول الشوارع الالتفافية الواصلة بين جنوب الضفة وشمالها، ووضعوا مكعبات إسمنتية وحواجز متحركة، وأعادوا السيارات المتجهة إلى الخليل ومنعوا أي شخص من مغادرة المدينة في إطار الطوق الأمني الذي تقرر فرضه فجر أمس. وتحولت الخليل إلى ثكنة عسكرية، ودب القلق في أواسط السكان الذين بدت حركتهم محدودة للغاية داخل المدينة.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في بيان: «فرضت قوات جيش الدفاع طوقا أمنيا على منطقة الخليل بناء على تعليمات وزير الدفاع موشيه يعالون وذلك في إطار الجهود المبذولة للعثور على الشبان الثلاثة الذين اختطفوا مساء الخميس الماضي في هذه المنطقة. كما أغلقت قوات الجيش جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بحيث لن يسمح بالمرور إلا في الحالات الإنسانية والاستثنائية. وتواصل قوات الجيش أعمال البحث المكثفة عن الشبان المخطوفين وأجرت في هذا الإطار حملة اعتقالات في أنحاء الضفة الغربية شملت عشرات الفلسطينيين الذين أحيلوا إلى أجهزة الأمن للتحقيق معهم».
ولأول مرة منذ فترة طويلة يبدد الإسرائيليون الليل الهادئ لمعظم سكان الضفة الغربية الذين يعيشون في مناطق السلطة، إذ اقتحموا جميع المدن تقريبا مرة واحدة وشرعوا في الاعتقالات. وتتحدث الأرقام التي نشرها نادي الأسير الفلسطيني عن اعتقال 113 فلسطينيا على الأقل، بينهم أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني وأسرى محررون وطلاب جامعات وناشطون من حماس.
ومن بين المعتقلين سبعة نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، هم حسن يوسف وحسني البوريني وعبد الرحمن زيدان ومحمد طوطح وإبراهيم أبو سالم وفضل حمدان وأحمد الحاج علي، إضافة إلى الوزيرين السابقين، لشؤون الأسرى وصفي قبها وشؤون القدس، خالد أبو عرفه. وردت حماس على اتهامات نتنياهو لها، باتهامه بمحاولة جرها للكشف عما إذا كانت مسؤولة عن اختفاء الإسرائيليين الثلاثة أو لا.
ووصف الناطق باسم حماس سامي أبو زهري تصريحات نتنياهو بالغبية، وقال إنها «ذات طابع استخباراتي». وعد أبو زهري اعتقال النواب والقيادات في الضفة بأنه يمثل عدوانا صهيونيا يعكس حالة التخبط لدى الاحتلال. ودعا، في تصريح مقتضب، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوقف هذه الجرائم. وأصدرت حماس بيانا قالت فيها إنها تحمل الاحتلال مسؤولية «الاعتقالات المسعورة بحق قيادات ورموز الحركة في الضفة الغربية المحتلة».
وأضافت حماس: «هذه جريمة صهيونية لن تفلح في جلب الأمن المزعوم له ولقطعان مغتصبيه، وهي في الوقت نفسه محاولات يائسة خبرها شعبنا الفلسطيني ولم تفلح في كسر إرادته المقاومة وصموده المتواصل، حتى انتزاع حقوقه واسترداد أرضه وتحرير مقدساته».
ويتضح من حجم الأرتال العسكرية الموجودة جنوب الضفة الغربية، أن العملية الإسرائيلية ستستمر لعدة أيام. ويقدر الإسرائيليون أن الشبان الثلاثة ما زالوا موجودين في الضفة الغربية.
وقال مصدر عسكري في تصريح لوسائل الإعلام «لا نعمل بشكل متخبط، إن البنية التحتية لحماس وللتنظيمات الإرهابية الأخرى في منطقة الخليل معروفة للجهات الأمنية. الاعتقاد السائد هو أن المخطوفين لا يزالون موجودين في منطقة الخليل ولذلك تتركز جهود قوات الأمن في هذه المنطقة».
وكان ثمة تخوف إسرائيلي من محاولة نقل الشبان المختفين إلى قطاع غزة، وأصدر نتنياهو تعليماته بوضوح من أجل منع نقلهم إلى القطاع وطلب من القوات الاستعداد لأي سيناريو. وأكثر ما أثار قلق الإسرائيليين أن الخليل قريبة من منطقة بئر السبع (نحو 20 كيلو) على حدود قطاع غزة، ومن أجل ذلك أغلقت إسرائيل المعابر وأبقت الطائرات تحلق في المكان على مدار الساعة. وتبدو قدرة التنظيمات على إخفاء إسرائيليين في الضفة الغربية أمرا صعبا ومعقدا، إذ تسيطر إسرائيل على الضفة الغربية طولا وعرضا وتعمل على الأرض بشكل مباشر، بخلاف الوضع في قطاع غزة، كما أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تساعد عادة في العثور على إسرائيليين تائهين أو مختفين.
وكان الجيش الإسرائيلي صادر فورا جميع أشرطة الكاميرات القريبة من المكان الذي يعتقد أن الشبان اختفوا منه، وطلب جميع الصور المتاحة في الأقمار الصناعة كما أخضع جميع الخطوط الهاتفية بين غزة والخليل ومع باقي الضفة للمراقبة وراجع التسجيلات القديمة، فيما يمشط الجنود جبال وسهول وبيوت الخليل. وفي هذه الأثناء واصلت إسرائيل الضغط على السلطة الفلسطينية، وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي: «بدلا من إيفاء أبو مازن بتعهده بتجريد حماس من سلاحها، لقد اختار الرئيس عباس أن يحول حماس إلى شريكته. إسرائيل تحمل السلطة الفلسطينية والرئيس عباس المسؤولية عن أي اعتداء على إسرائيل ينطلق من الأراضي التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية».
وردت الخارجية الفلسطينية مدينة بشدة «الهجمة الشرسة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وقيادته». وقالت إن «نتنياهو مسؤول كامل المسؤولية عن تصرفات مستوطنيه العدوانية والإرهابية، وهو يتحمل مسؤولية وجودهم غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفقا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».