غارات تركية على قافلة كردية قرب عفرين وإردوغان يتوعد بـ«صيف ساخن»

أنقرة تدعو موسكو وطهران لوقف هجوم النظام في غوطة دمشق

TT

غارات تركية على قافلة كردية قرب عفرين وإردوغان يتوعد بـ«صيف ساخن»

قصف الجيش التركي قافلة قال إنها لأسلحة ومقاتلين كانوا في طريقهم إلى عفرين، في وقت توعد فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحدات حماية الشعب الكردية وداعميها بـ«صيف ساخن» قائلاً إن عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي بمساندة فصائل من الجيش السوري الحر في المدينة السورية ستستمر باستراتيجية جديدة بعد أن يتم حصار المدينة.
واتهم إردوغان واشنطن بتشغيل ما سماه «ماكينة كذب» بشأن دعم «الوحدات» الكردية ودعت أنقرة كلا من موسكو وطهران للضغط على النظام السوري لوقف قصفه في الغوطة الشرقية.
وقال إردوغان إننا «سنواصل عملية غصن الزيتون باستراتيجية جديدة بعد محاصرة مركز عفرين في أقرب وقت». وأضاف، في كلمة أمام اجتماع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الولايات التركية، بمقر الحزب بالعاصمة أنقرة، أمس (الجمعة)، أنه تم تحييد ألف و873 مسلحاً، والسيطرة على مساحة تقرب من 415 كلم في إطار عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي والجيش السوري الحر في عفرين شمال سوريا في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتابع إردوغان: «سنواصل عملية غصن الزيتون باستراتيجية جديدة بعد محاصرة مركز مدينة عفرين في أقرب وقت، وقطع ارتباط (الإرهابيين) بالخارج». وعبر عن اعتقاده بحصول تقدم أسرع في العملية خلال المرحلة المقبلة، بعد أن تم تطهير معظم التلال الاستراتيجية في المنطقة من المسلحين قائلاً: «سيمر هذا الصيف ساخناً على الوحدات الكردية وداعميها، وسنطهر منبج من (الإرهابيين) أولاً، وبعدها سنواصل طريقنا دون توقف إلى حين تأمين أمن شرقي الفرات بالكامل».
وانتقد الرئيس التركي الولايات المتحدة جراء دعمها للميليشيات الكردية في سوريا وندد، مجددا، خطط واشنطن منح مئات الملايين من الدولارات لمن سماهم «جماعات إرهابية» (في إشارة إلى الوحدات الكردية). وقال مخاطباً واشنطن: «إذا أعطيتم دعماً بـ500 أو550 مليون دولار لميزانية الإرهابيين فهل علينا أن نقول إنه أمر صائب، وإنكم تسيرون في الطريق الصحيح؟».
وأثار إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن تقديم دعم مالي لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية مكونها الرئيسي، ولقوة أمن الحدود التي سيتم تشكيلها من هذه القوات في شمال سوريا، يصل إلى 550 مليون دولار غضب أنقرة التي تطالب واشنطن بقطع صلتها مع الميليشيات الكردية التي تحالفت معها في الحرب على «داعش».
وخلال زيارة لأنقرة أخيراً، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن بلاده ستنظر في تنفيذ تعهدات سابقة بانسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، التي توجَد بها أيضاً بعض القوات الأميركية، إلى شرق الفرات وتم الاتفاق على تشكيل آلية للنظر في المسائل الخلافية بين الجانبين الأميركي والتركي تجتمع قبل 15 مارس (آذار) المقبل.
وعاد إردوغان للهجوم على واشنطن أمس بسبب دعمها لتحالف «قسد»، قائلاً إنها تدير «ماكينة كذب».
وأضاف: «حاولنا أن نغير من توجهاتهم بشأن محاولة إضفاء الشرعية على حزب العمال الكردستاني (تصنفه تركيا وأميركا كتنظيم إرهابي وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً له في سوريا) وقدمنا مئات الوثائق، شاملة تعهدات الإدارة الأميركية السابقة بشأن منبج، وفي كل مرة نتحدث في هذا الموضوع يقولون إننا على حق، هم (ماكينة كذب)، وتركيا لا تقبل هذه الألاعيب».
في غضون ذلك، أعلن الجيش التركي، أنه قصف بالمدفعية قافلة أثناء اتجاهها إلى منطقة عفرين السورية الخاضعة لسيطرة الأكراد قال إنها كانت تقل مقاتلين وأسلحة. وأضاف الجيش التركي، في بيان أن قافلة تضم ما بين 30 و40 سيارة لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية اقتربت من البلدة الرئيسية في منطقة عفرين بشمال غربي سوريا، وأن المدفعية استهدفت القافلة التي «تحمل إرهابيين (مقاتلين) وأسلحة وذخائر».
من جانبها، قالت وحدات حماية الشعب الكردية إن القافلة التي وصلت إلى عفرين في وقت متأخر، أول من أمس، كانت تنقل مدنيين من منطقة الجزيرة الواقعة إلى الشرق ومن بلدات أخرى تحت سيطرة القوات الكردية.
وقال بروسك حسكة الناطق الرسمي لـ«الوحدات» في عفرين إن القافلة كانت تضم المئات. وأدى القصف لاشتعال النار في بعض السيارات ومقتل شخص وإصابة ما لا يقل عن عشرة آخرين.
وأضاف حسكة لـ«رويترز»: «القافلة كانت متجهة للتضامن مع أهالي عفرين وكانت تحمل مساعدات مكونة من أغذية ومواد طبية». وقال الجيش التركي: «كما جرت العادة أبدينا كل اهتمام وحساسية حتى لا يتعرض المدنيون للأذى». وعرض مقطع فيديو التقط من الجو تظهر فيه سلسلة انفجارات وتصاعد للدخان من طريق ريفي.
وقال إردوغان إن الجيش يبذل كل جهد ممكن لتجنب إلحاق الأذى بأي مدنيين مما يطيل أمد العملية. ووصف وزير الدفاع نور الدين جانيكلي ومسؤولين آخرين تقارير تحدثت عن إصابة مدنيين بأنها كاذبة، فيما قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس إنها حققت في 3 هجمات في عفرين الشهر الماضي لم تتمكن فيها القوات التركية من منع سقوط ضحايا مدنيين.. «يبدو أن المدنيين يواجهون التشريد والموت بسبب طريقة تنفيذ الهجوم التركي الأخير في عفرين».
وقال الجيش التركي في بيان ثان أمس إن هناك محاولات مكثفة لتشويه عملية غصن الزيتون ونشر أخبار وصور «مفبركة» عن العملية في محاولة للتأثير على الرأي العام العالمي مشدداً على التزامه بمعايير القانون الدولي الذي يكفل لتركيا الحق في الدفاع عن أمنها القومي.
من جهة أخرى، دعت تركيا روسيا وإيران للضغط على النظام السوري لوقف ضرباته الجوية في الغوطة الشرقية.
ووصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الضربات الجوية التي تشنها الحكومة السورية في الغوطة الشرقية بأنها «غير مقبولة»، داعياً روسيا وإيران للضغط على السلطات في دمشق.
وقال جاويش أوغلو في تصريحات في مدينة أنطاليا (جنوب) أمس إن «على روسيا وإيران وقف الحكومة السورية»، مضيفاً أن الهجوم الذي تنفذه قوات مؤيدة للحكومة السورية في محافظة إدلب بشمال سوريا ينتهك أيضاً الاتفاق بين تركيا وإيران وروسيا بشأن مناطق خفض التصعيد الذي تم الوصل إليه في اجتماعات «آستانة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.