على مدى الأسبوع الماضي، في مصر، انشغلت مراكز بحثية ومؤسسات اقتصادية بنبأ توقيع شركة مصرية خاصة اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل. وهو نبأ أثار موجة من التساؤلات حول جدوى هذه الاتفاقية، في ظل بدء الإنتاج الفعلي من حقل «ظُهر» الذي يعدّ الأكبر في البحر المتوسط، وأفرز جدلاً ومناقشات انتهت إلى وجود «رابحين وخاسرين من هذه الاتفاقية». ولقد جاء الإعلان عن هذه الصفقة، من جانب مجموعة ديليك للحفر الإسرائيلية، وأشارت إلى أن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين «تمار» و«لوثيان» وقعوا اتفاقيات مدتها عشر سنوات لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز إلى شركة دولفينوس المصرية.
في البدء، امتنعت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية عن التعليق على تفاصيل الاتفاقية، من منطلق أنها «تخص شركات القطاع الخاص بشأن استيراد أو بيع الغاز الطبيعي». إلا أنها عادت في اليوم الثاني لتقول: إن «استراتيجية تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة يشمل استقبال الغاز من دول عدة في شرق البحر المتوسط، ومنها إسرائيل وقبرص».
يرى خبراء مصريون في قطاع الطاقة، تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن مصر تستهدف من وراء «صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي»، إعادة تشغيل محطتين لتسييل الغاز، وتسوية قضايا التحكيم الدولي، وتحويل البلاد إلى مركز إقليمي للطاقة. وفي المقابل، قال وزير الطاقة القبرصي جورجيوس لاكوتريبيس، إن «بلاده على وشك بيع الغاز الطبيعي لمحطات الغاز المسال في مصر».
مصر وقبرص وقّعتا اتفاقية مبدئية، أول من أمس، (الخميس)، لمد خط أنابيب يمتد بين البلدين. وتحدث طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية المصري، عقب التوقيع عن «الميزة التنافسية في ضوء وجود تسهيلات التخزين والمنتجات البترولية والبتروكيماوية، وخيارات نقلها شرق وغرب الخليج والبحر المتوسط؛ ما يجذب استثمارات أخرى ولاعبين من دول مجاورة في كل مجالات الصناعة البترولية». ويُذكر أن هذا التقارب المصري القبرصي يأتي وسط اعتراض تركي كبير، ورفض للاتفاقية الثنائية المُوقّعة بين مصر وقبرص اليونانية عام 2013، لترسيم الحدود البحرية.
وحول هذا الموضوع استبقت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية توقيع الاتفاق على مد خط الأنابيب، فذكرت منتصف الأسبوع الماضي، أن إبرام اتفاق بيع الغاز القبرصي خطوة «تعزّز موقع مصر بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة»، وزادت: «قبرص ستزود مصر من إنتاج حقل (أفروديتي) الذي اكتشفته شركة نوبل إنيرجي، ويحتوى على نحو 4.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز».
وراهناً، تجري دراسة خيارات عدة لنقل الغاز إلى مصر، من بينها استخدام «خط أنابيب غاز شرق المتوسط». وفي بيان لمجموعة ديليك الإسرائيلية، إنها وشريكتها نوبل إنيرجي (مقرها تكساس بالولايات المتحدة)، تنويان البدء في مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لاستخدام خط الأنابيب.
وتشمل الخيارات الأخرى لتصدير كمية الغاز البالغة 64 مليار متر مكعب، استخدام خط الأنابيب الأردني - الإسرائيلي الجاري بناؤه في إطار اتفاق لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل «لوثيان».
«البيزنس» والسياسة
المدافعون عن «الصفقة الجديدة» يرون أنها ستحقق لمصر قيمة اقتصادية مضافة، بجانب تشغيل ما تمتلكه البلاد من بنية أساسية جاهزة، تتمثل في خط الغاز الممتد مع إسرائيل. ويشيرون إلى أنه ما كان لهذه الاتفاقية أن تُعقد لولا قانون تحرير الغاز الذي أقره مجلس النواب ويسمح لغير الشركات الحكومية باستيراد الغاز. ويُذكر أنه في 7 أغسطس (آب) الماضي، أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قانون تنظيم أنشطة الغاز في البلاد، بعدما صادق عليه مجلس النواب في 5 يوليو (تموز) الماضي. وللعلم، يقدّر خبراء في قطاع البترول احتياطيات الغاز الطبيعي لدول شرق المتوسط – تحديداً، مصر وفلسطين وإسرائيل ولبنان وسوريا وتركيا وقبرص واليونان – بأكثر من 370 تريليون قدم مكعبة من الغاز؛ ما يعد ثاني أكبر احتياطيات عالمياً.
في هذا الشأن، ذهب خبير الطاقة محمد السيد بدوي، إلى ضرورة «فصل البيزنس عن السياسة أولاً»، مضيفاً: «مصر كانت قبل ست سنوات تقريباً تصدّر الغاز إلى إسرائيل من خلال شركة غاز شرق المتوسط، التي كان يمتلكها رجال الأعمال المصري حسين سالم، قبل أن يتوقف لأسباب مالية وقانونية». وتابع الخبير المصري - وهو رئيس لجنة الطاقة والبيئة بجمعية مستثمري القاهرة الجديدة - لـ«الشرق الأوسط»، شارحاً أن «العائد على مصر من وراء هذه الصفقة سيكون كبيراً، ويتمثل مبدئياً في إعادة مصانع تسييل الغاز المُعطلة إلى العمل مرة ثانية... وأن الفائدة الاقتصادية ستشمل المصريين والأجانب المستثمرين في مصانع التسييل، كما ستعُم الفائدة على المستثمرين في الجانب الآخر أيضاً... هذه حسبة تجارية، وإسرائيل تقول إنها ستربح كثيراً من هذه الصفقة».
مكاسب مصر وجيرانها
جدير بالذكر، أن مصر تمتلك بجانب بنية أساسية، محطتين لإسالة الغاز الطبيعي، تطلان على البحر المتوسط: المحطة الأولى في مدينة إدكو بمحافظة البحيرة (شمال غربي الدلتا) تملكها الشركة المصرية للغاز الطبيعي المُسال، وتضم وحدتين للإسالة. ويرجع تدشينهما إلى عام 2000 عندما وافقت الحكومة على تخصيص 390 فداناً للمشروع بنظام المناطق الحرة لمدة 50 سنة. أما المحطة الأخرى فتقع في محافظة دمياط (شمال شرقي الدلتا) وتتبع شركة أونيون فينوسا الإسبانية الإيطالية، وتضم وحدة إسالة واحدة فقط أسست في العام نفسه على بعد 60 كيلومتراً غرب بورسعيد، وخرجت منها أول شاحنة في عام 2003. ولقد تكلف بناء المحطتين، وفقاً لخبراء، 3.2 مليار دولار أميركي، وتقدر قيمتهما الحالية بنحو 16 مليار دولار. ويرى الدكتور جلال عثمان، عضو الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر ستحقق عوائد اقتصادية كبيرة من وراء هذه الاتفاقية، نظير عملية تسييل الغاز»، لكنه قلل من خطورة ذلك على «الأطراف أخرى»؛ إذ قال: «نحن نمتلك محطتين للتسييل، من إجمالي 634 محطة في العالم، وفقاً لتقرير دولي».
خريطة الحقول الغازية البحرية تمتد في شرق المتوسط لتضم 13 حقلاً، موزّعة بين 5 حقول أمام الشواطئ الإسرائيلية، واثنين أمام كل من لبنان وسوريا وفلسطين، وقبرص. يضاف إليها الحقول المصرية، فضلاً عن حقل «ظُهر» المصري الذي يعد أكبر اكتشافات الغاز في مصر والبحر المتوسط. وكانت شركة إيني الإيطالية قد اكتشفت حقل «ظُهر» عام 2015، ويحوي احتياطيات تقدر بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز، على مساحة 100 كيلومتر مربع. وحالياً تسعى مصر إلى تسريع الإنتاج من حقول الغاز المكتشفة في الآونة الأخيرة مع تطلعها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول العام المقبل.
مركز إقليمي للطاقة
ومع تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي حول أن مصر «أصبحت مركزاً إقليمياً للطاقة»، قال جورج عياد، الخبير في قطاع البترول: «هذه استراتيجية بدأت منذ سنوات، والآن البلاد تجني ثمار الحلم الذي سعت إلى تحقيقه». وأضاف عياد في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إنه «من الصعب الآن على إسرائيل واليونان وقبرص بناء محطات لتسييل الغاز أسوة بمصر؛ لأنها أصبحت مكلفة جداً»، ولفت إلى أن الغاز لا يجري تخزينه مثل البترول الخام: «بل إمّا أن يُضخ في أنابيب لطرف آخر أو يصار إلى تسييله». واستطرد «إسرائيل لا يمكنها ذلك في الوقت الحالي، فضلاً عن أن الخط الذي كانت تنوي تدشينه باتجاه قبرص وتركيا توقف، وهو ما كانت الأخيرة تعقد عليه آمالاً كبيرة».
ولفت عياد إلى أن «حجم الصفقة المقدّر بـ15 مليار دولار في 10 سنوات، سيتيح لمصر الحصول على ما يقرب من ملياري دولار سنوياً مقابل التسييل»، كما أنها «ستساعدها على ربط الغاز القبرصي اليوناني بمحطات الإسالة لتصديره إلى أوروبا». وأشار عياد إلى أن «لبنان سيبدأ في حفر آبار النفط اعتماداً على أنه سيتمكن من إعادة تسييله في مصر... وغزة أيضاً لديها بئر غازية، وهذه الاتفاقية ستدفعها للحفر مدفوعة بفرص تسييله». وانتهي عياد إلى القول: إن مصر «اشترطت قبل الموافقة على هذه الصفقة، أن يكون سعر المليون وحدة حرارية لا يزيد على 4 دولارات، بجانب التنازل عن قضايا التحكيم الدولي».
وأمام تسارع التساؤلات، بحثاً عن أسباب الدوافع وراء هذه الاتفاقية، التي وصفها الجانب الإسرائيلي بـ«التاريخية» واعتبرتها أطراف خارجية بأنها «أهم صفقات التصدير بين الجانبين منذ وقّعا معاهدة السلام التاريخية في عام 1979»، قال السيسي: «مصر تهدف من وراء هذه الاتفاقية، جذب الغاز الخام المكتشف في كل من قبرص وإسرائيل ولبنان ودول المنطقة الأخرى، ومعالجته في منشآتها قبل إعادة تصديره أو استغلاله في الصناعات المصرية... ونتيح للشركات أنها تستورد الغاز وتشتغل عليه ونحن كدولة يبقى التسهيلات التي عندنا والمنشآت التي عندنا نأخذ في مقابلها». وتابع الرئيس: «عندنا تسهيلات ولدينا منشآت للتعامل مع الغاز... الحقيقة غير موجودة في دول كثيرة في منطقة المتوسط أو على الأقل الدول التي نتكلم عنها».
في السياق ذاته، نقلت وكالة «بلومبيرغ» عن ريكاردو فابياني، الخبير في شؤون شمال أفريقيا بمجموعة «أوراسيا»، قوله: «هذه هي اللحظة التي يتحقق فيها أخيراً كل الحديث عن تحوّل مصر إلى مركز إقليمي للغاز». وهذا بينما تمسّك الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، بحق بلاده عن التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية، كما هو مخطط له رغم معارضة تركيا والقبارصة الأتراك ذلك.
في هذا الجانب، تدّعي تركيا أن الاتفاقية الثنائية التي وقعتها مصر وقبرص اليونانية عام 2013، لترسيم الحدود البحرية «تنتهك القانون وتغفل حقوق أنقرة والأتراك القبارصة». وأرجع المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو سبب الرفض إلى أن الاتفاق عقد بشكل ثنائي بعيداً عن بلاده، وحقوقها وحقوق الأتراك القبارصة. وأضاف كاتب أوغلو - وفقاً لتقارير إعلامية: إن لدى تركيا سواحل مطلة على شرق المتوسط، وهي صاحبة السيادة عليها وفق القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بعد عام 1923، كما لديها اتفاقيات مع بريطانيا (التي كانت تسيطر على قبرص) عام 1953.
من جهة ثانية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) عن اندرو نيف، المحلّل لدى «آي إتش إس ماركيت» قوله إنه «لا يعتقد أن تركيا تريد إثارة مواجهة، لكنه في الوقت نفسه لا يستبعد ذلك نهائياً»، ثم قوله: إنه «إذا توغلت إحدى سفن التنقيب بعيداً في إحدى المناطق البحرية المتنازع عليها فربما تلجأ تركيا مجدداً إلى، دبلوماسية البوارج الحربية، دفاعاً عن مصالحها».
التحكيم الدولي
من ناحية أخرى، أدى توقف تصدير الغاز إلى إسرائيل في أعقاب «ثورة 25 يناير 2011، لاتجاه أطراف دولية وإسرائيلية، إلى التحكيم الدولي، وطعنت مصر على حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية عام 2015 يقضي بدفع تعويض قدره 1.7 مليار دولار؛ ما دفع وزير البترول المصري طارق الملا، إلى القول قبيل الإعلان عن الصفقة «يتعين تسوية الخلافات المعلقة مع إسرائيل من أجل إنجاز الاتفاق». وحدد الملا، في مناسبات عدة، شروطاً قبل استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل. كما سبق له التأكيد على ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما قال: إن «أهم الشروط قبل استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، هو تسوية قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر، ومراعاة أبعاد الأمن القومي، وأن يحقق الاستيراد قيمة مضافة للاقتصاد».
وحول هذا الأمر، رأى الدكتور إبراهيم أحمد، الرئيس الأسبق لقسم القانون الدولي بجامعة عين شمس، في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «هذه الصفقة لا يمكن أن تكون قد تمت بعيداً عن نتائج التحكيم الدولي... ولا بد أنه قد حدثت تسوية بشأن الغرامات، أو اتخذ موقف بشأن الأحكام واجبة النفاذ، أو التي لا تزال محل نزاع». وأضاف الأكاديمي المصري: «لن يكون هناك استئناف للمعاملات المتعلقة بالغاز بين البلدين إلا بعد تسوية أحكام التحكيم الدولي، سواءً بسداد جزئي للغرامات، أو بإعفاء من السداد مقابل استيراد الغاز من إسرائيل مجدداً». وانتهي إلى أن «الحكومات تتعامل في مثل هذه الصفقات بشكل غير مباشر من خلال شركات؛ لأنهم يرون أن هذا هو الشكل الأنسب في الوقت الحالي».
كلام شريف إسماعيل
وفي أول حديث مصري رسمي حول قضايا التحكيم الدولي، قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، في مؤتمر صحافي أول من أمس، (الخميس): إن قضايا التحكيم التي تواجهها الحكومة المصرية مع الجانب الإسرائيلي تنقسم لقضيتين: الأولى مع شركة كهرباء إسرائيل، وتم التوصل لحلٍ لها جارٍ تنفيذه، والأخرى، مع شركة «إي إم جي» التي كانت تستورد الغاز المصري، ولا يزال النزاع مطروحاً. وأوضح رئيس الوزراء أن «استقبال الغاز الإسرائيلي في مصر عبر خطوط هذه الشركة يعد جزءاً من حل قضاياها مع مصر». وللتذكير، كانت مصر قد صدّرت الغاز إلى إسرائيل أثناء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أن الاتفاق انهار عام 2012 عقب هجمات متكرّرة شنّها متشدّدون على خط الأنابيب في شبه جزيرة سيناء، فلجأت إسرائيل إلى التحكيم الدولي.
الخاسرون من الصفقة
على صعيد ثانٍ، الرئيس السيسي لمح إلى أن مصر اقتنصت الفرصة من دول أخرى في المنطقة كانت تريد أن تصبح المركز الإقليمي للطاقة - في إشارة، على ما يبدو، إلى تركيا التي انتقدت في الآونة الأخيرة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص - وأن القاهرة «أحرزت هدفاً كبيراً جداً» في استيراد الغاز من إسرائيل. وتشير وزارة البترول المصرية، إلى «وجود دول عدة في المنطقة تسعى للقيام بهذا الدور المحوري بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة، وأن مصر لديها كل المقومات للقيام بهذا الدور الاستراتيجي في المنطقة»، قبل أن تنوه إلى أن الاتفاق الذي عُقد بين شركات قطاع خاص لاستيراد الغاز من إسرائيل واستقباله، سيخضع للقوانين المُنظمة. ولفتت الوزارة إلى أن «قانون تنظيم سوق الغاز الجديد يسمح للشركات بشراء الغاز واستيراده وإعادة بيعه سواء في السوق المحلية أو إعادة تصديره من خلال محطات الإسالة».
جورج عياد، الخبير في قطاع البترول، اعتبر أن توقيع هذه الاتفاقية «أضر بقطر وتركيا»، وقال: إن الأخيرة «لا بد أنها ستلجأ لاستيراد الغاز المُسال من شركة دولفينوس المصرية»، أما قطر، فرأى أنها «ستفقد جانباً من السوق الأوروبية» رغم ما تمتلكه من محطات تسييل عملاقة. ودلل الخبير المصري على حديثه قائلاً: «تركيا ستضطر إلى شراء الغاز من مصر مستقبلاً، كما أن أوروبا ستفعل الشيء نفسه؛ نظراً للتكلفة الاقتصادية المتمثلة في السعر الأرخص، بجانب سهولة النقل... فرنسا وإسبانيا ستتجهان أيضاً للأسباب نفسها».
وبما يخص قطر، قال عياد إنها «ربما تخسر جزءاً كبيراً يقدر 70 في المائة من السوق الأوروبية، وفي هذه الحالة لن يتبق أمامها غير أميركيا اللاتينية. هذه الاتفاقية وجهت لطمة شديدة إلى أنقرة والدوحة معاً»، مذكراً بأن السلطات التركية «تحاول استفزاز قبرص بكل السبل لوقف تنقيبها عن الغاز. و(الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان يريد السيطرة الأبدية على الثروات القبرصية، وبالتالي، فإن تحالف مصر مع قبرص واليونان أصابه بالفزع والخوف من المستقبل».
اتفاقيات تركية إسرائيلية
لكن، في الاتجاه المعاكس، لفت حديث عياد إلى اتفاقيات سابقة وقعها وزير الطاقة التركي بيرات البيرق، مع نظيره الإسرائيلي يوفال شتاينتس، على هامش مؤتمر الطاقة العالمي الذي انعقد في إسطنبول خلال يوليو الماضي: «لتسريع الإجراءات لدفع اتفاق مد أنبوب غاز طبيعي إسرائيلي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا». وأعقب ذلك إعلان نائبة القنصل العام الإسرائيلي في أنقرة، شاير بأن تسيون، أن «إسرائيل وتركيا ستوقعان اتفاقية للغاز الطبيعي قبل نهاية عام 2017». وتسعي إسرائيل إلى تطوير إنتاج الغاز من حقليها بعدما اكتشفتهما عامي 2009 و2010. وبدأ استغلال حقل «تمار» عام 2013، ويبلغ حجم احتياطه 238 مليار متر مكعب، وهو أحد أكبر حقول الغاز الواعدة التي اكتشفت في السنوات الأخيرة قبالة ساحل إسرائيل. ومن المقرّر أن يبدأ استغلال حقل «لوثيان» أيضاً عام 2019 عندما يبدأ احتياطي حقل «تمار» الذي يبعد مسافة 130 كيلومتراً عن شاطئ حيفا في الانحسار، وكانت إسرائيل وقعت في سبتمبر (أيلول) 2016 عقدا قيمته 10 مليارات دولار لتوريد الغاز من «لوثيان» إلى الأردن.
ختاماً، كانت إسرائيل مستورداً للغاز الطبيعي حتى سنوات قليلة مضت، وكانت تعتمد على مصر عبر خط الأنابيب الذي يمر بقلب سيناء. في حين بلغ حجم إنتاج الغاز في مصر، خلال العام الماضي، نحو 5.1 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً، ارتفاعاً من 4.45 مليار قدم مكعبة في 2016، وفقاً لبيانات وزارة البترول المصرية.