يوم حداد في كييف واستياء في موسكو من وزير خارجيتها

يوم حداد في كييف واستياء في موسكو من وزير خارجيتها
TT

يوم حداد في كييف واستياء في موسكو من وزير خارجيتها

يوم حداد في كييف واستياء في موسكو من وزير خارجيتها

استؤنفت في كييف أمس مفاوضات حاسمة بين الروس والأوكرانيين حول الغاز تفاديا لانقطاعه، ما يثير مخاوف في أوروبا، في حين أُعلن يوم حداد وطني في أوكرانيا غداة إسقاط حربية أوكرانية، ونكست الأعلام فوق المباني الرسمية، ورسمت قنوات التلفزيون على شاشاتها صورة شمعة ترحما على 49 عسكريا قتلوا في أشد هجمات الانفصاليين في شرق أوكرانيا منذ شن سلطات كييف العملية العسكرية الأوكرانية في أبريل (نيسان) الماضي.
وعلى جبهة الطاقة تحولت المفاوضات إلى سباق ضد الساعة، إذ إن شركة «غازبروم» الروسية العملاقة أمهلت كييف حتى صباح اليوم لتسديد ديون الغاز التي تقدر بنحو 1,95 مليار دولار. وفي حالة عدم تسديد الدين حذرت الشركة من أنها ستعتمد نظام الدفع المسبق الذي يمكن أن يتحول إلى قطع إمدادات الغاز. وإذا حصل ذلك فإن إمدادات أوروبا من الغاز التي يعبر نصفها أراضي أوكرانيا قد تتضرر كما وقع في النزاعات السابقة حول الغاز بين عامي 2006 و2009. وتدور المباحثات في أجواء متوترة جدا بعد أن أسقط الانفصاليون الموالون لروسيا الطائرة العسكرية الأوكرانية.
وفي كييف تظاهر 300 شخص الليلة قبل الماضية رافعين لافتات كتب عليها «روسيا قاتلة». وأصابت زجاجة حارقة جدار السفارة الروسية لكن تمكن رجال الإطفاء من احتواء الحريق بسرعة، في حين انتزع أحد المتظاهرين العلم الروسي من مبنى السفارة بينما ألقى آخرون بيضا وحجارة عليها. وتوجه وزيرا الداخلية والخارجية الأوكرانيان إلى المكان لتهدئة المتظاهرين. ونددت روسيا مساء السبت بعدم تحرك قوات الأمن التي قالت إنها «لم تفعل شيئا لحماية السفارة (...) ما يشكل انتهاكا فجا لالتزامات أوكرانيا الدولية». كذلك نددت الولايات المتحدة بهذا الهجوم ودعت كييف إلى احترام معاهدة فيينا التي تجبرها على ضمان أمن المباني الدبلوماسية. وتوعد الرئيس الأوكراني المؤيد للغرب بترو بوروشنكو بـ«رد ملائم» على الانفصاليين.
من جهته اتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره الأميركي جون كيري ودعاه إلى «استخدام نفوذه» على كييف لإنهاء العملية العسكرية في شرق أوكرانيا التي أوقعت أكثر من 300 قتيل منذ أبريل. ومن جهة أخرى، أثار شريط فيديو بدا فيه وزير الخارجية الأوكراني يشتم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام متظاهرين يهاجمون السفارة الروسية في كييف، صدمة لدى كبار المسؤولين الروس. وفي مشهد صوره أول من أمس التلفزيون المحلي قال الوزير أندري ديشتسيتسا أمام حشد من المتظاهرين الغاضبين «بوتين وغد حقير»، وذلك لتهدئتهم ومنعهم من الاستمرار في مهاجمة السفارة الروسية في كييف. وأدان مسؤولون كبار بشدة سلوك وزير الخارجية الأوكراني، وكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما ألكسي بوشكوف على حسابه على «تويتر»: «على (الرئيس الأوكراني بترو) بوروشنكو تغيير وزير خارجيته، فهو عاجز عن السيطرة على نفسه».
من جهته رأى نائب وزير الخارجية الروسي قسطنطين دولغوف أن ذلك يدل على الطبيعة الحقيقية للأشخاص الذين يتولون السلطة في أوكرانيا. وصرح للإذاعة: «هذا يدل مرة أخرى على الثقافة السياسية أو بالأحرى على قلة ثقافة الأفراد الموجودين في السلطة في كييف». وبرر الوزير الأوكراني سلوكه بالقول إنه فعل ذلك لخفض حدة التوتر. وصرح لإذاعة «صدى موسكو» قائلا: «كانت تصريحاتي ترمي إلى التعبير عن استيائي سلميا. في تلك اللحظة كان الأهم ضبط المتظاهرين ووقف العنف، ونجحنا في تحقيق ذلك».



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».