الفساد يحاصر ثلثي العالم مع غياب جهود لمحاربته

الغرب يحافظ على صدارة «مؤشر الشفافية»... لكن العين على أفريقيا

منظمة الشفافية الدولية أبرزت التحولات الإيجابية الجارية في عدد من البلدان الأفريقية (رويترز)
منظمة الشفافية الدولية أبرزت التحولات الإيجابية الجارية في عدد من البلدان الأفريقية (رويترز)
TT

الفساد يحاصر ثلثي العالم مع غياب جهود لمحاربته

منظمة الشفافية الدولية أبرزت التحولات الإيجابية الجارية في عدد من البلدان الأفريقية (رويترز)
منظمة الشفافية الدولية أبرزت التحولات الإيجابية الجارية في عدد من البلدان الأفريقية (رويترز)

تصدرت نيوزيلاندا قائمة البلدان الأكثر شفافية في مؤشر مدركات الفساد لعام 2017. التي تذيلها الصومال... وتلت نيوزيلاندا على رأس القائمة بلدان أوروبية هي الدنمارك وفنلندا والنرويج وسويسرا، لتستمر الهيمنة الأوروبية على المراكز الأولى في المؤشر الجديد، كما كان الحال في مؤشر العام الماضي... إلا أن التحليل الملحق بالمؤشر الصادر أمس عن منظمة الشفافية الدولية بدا أكثر حماسا في الحديث عن التقدم الجاري بالقارة الأفريقية، أكثر من أي منطقة أخرى.
وبحسب قراءات مؤشر مدركات الفساد، فإن دولتين من بين كل ثلاث دول في العالم سجلت قياسا متدنيا في مكافحة الفساد، ما يعني أن أكثر من ستة مليارات شخص يعيشون في دول مصنفة على أنها فاسدة. ويعتمد المؤشر على قياس حجم الفساد في القطاع العام في مجالات الاقتصاد والسياسة والإدارة، وذلك بناء على استطلاع بين الخبراء.
وأعربت منظمة الشفافية الدولية، التي تتخذ من برلين مقرا لها، أمس عن أسفها لغياب الجهود العالمية لمحاربة الفساد، مؤكدة عدم حدوث أي تقدم في هذا المجال خلال الأعوام الستة الماضية في العديد من الدول. وقالت إن «الدول التي توفر حماية أقل للصحافة والمنظمات غير الحكومية تميل إلى تسجيل أسوأ معدلات الفساد».
وبالقراءة المعمقة في التقرير، قالت المنظمة إن نتائج المؤشر تعكس جهود الاتحاد الأفريقي الذي يرفع شعار الانتصار في المعركة ضد الفساد كطريق مستدام للتحول الأفريقي، مشيرة إلى التحولات الإيجابية الجارية في بلدان مثل رواندا وكاب فيرد وكوت ديفوار والسنغال، وإن كانت مكافحة الفساد لا تزال مهمة شاقة أمام بلدان أخرى في القارة مثل جنوب السودان والصومال.
وقالت المنظمة إن بعض البلدان الأفريقية مثل بتسوانا وسيشل وكاب فيرد ورواندا وناميبيا تقدمت في درجات الشفافية على بعض بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مثل إيطاليا واليونان والمجر، وكانت بوتسوانا وسيشل، اللتان سجلتا درجات في الشفافية بـ61 و60 نقطة على التوالي، أفضل من إسبانيا التي سجلت 57 درجة فقط.
وكلما اقتربت درجات المؤشر من 100 درجة تكون الدولة أكثر شفافية، وكلما انخفضت نحو الصفر تكون أكثر فسادا، وفقا لمنهجية المؤشر.
وأشادت المنظمة بجهود بعض القيادات الأفريقية، مثل الرئيس باول كاغامي في رواندا، وكذلك الرئيس جورج فونسيكا الذي عمل على تعزيز الشفافية المؤسسية في كاب فيرد، والرئيس إيان خاما الذي تبنى طرقا إبداعية في مكافحة الفساد بالوزارات في بتسوانا.
ويستهدف رئيس وزراء موريشيوس، برافيند غوغنوث، تطبيق برنامج لزيادة درجات الشفافية في بلاده 16 درجة خلال السنوات العشر المقبلة، بينما تسجل بلاده حاليا 50 درجة على المؤشر.
وحققت كوت ديفوار تقدما في درجات الشفافية بين 2013 و2017، من 27 درجة إلى 36 درجة، وخلال فترته الرئاسية الأولى عمل الحسن واتارا على تطبيق أهداف حملته الانتخابية لتمرير قانون لمكافحة الفساد وتأسيس سلطة لمكافحة الفساد والالتزام بمبادرات دولية في هذا المجال.
وتحسنت درجات السنغال في الشفافية خلال السنوات الست الأخيرة، من 36 درجة إلى 45 درجة، وتعززت مقاومة الفساد في البلاد مع قدوم الرئيس ماكي سال في 2012 وتأسيسه وزارة للحوكمة ومكتبا ضد النصب والفساد وإعادته لتأسيس محكمة لمواجهة الثراء غير المشروع.
وفي المنطقة العربية، قالت المنظمة إن بعض البلدان مثل الأردن ولبنان وتونس أخذت خطوات إيجابية ولكن صغيرة لمكافحة الفساد، لكن لا تزال 19 دولة من 21 دولة عربية درجات الشفافية فيها أقل من 50 درجة، مع انتشار ممارسات تقييد الحريات والمجتمع المدني في المنطقة.
وتعززت الشفافية في لبنان مع تمرير قانون للمعلومات وانضمام البلاد لمبادرة شفافية الصناعات الاستخراجية والتزامها بالمعايير الدولية في حوكمة قطاع الغاز والبترول والموارد الطبيعية، كما صدق البرلمان اللبناني العام الماضي على الموازنة العامة لأول مرة منذ 2005.
وانتقدت المنظمة قانونا صدر مؤخرا في تونس يضمن العفو لمسؤولين عملوا في نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، والذي غادر منصبه بعد انتفاضة شعبية في عام 2011.
وفي أوروبا وآسيا الوسطى، رصدت المنظمة إصدار إيطاليا 4 تشريعات جديدة تعزز الشفافية، بالإبلاغ عن المخالفات وغسل الأموال وعدم المساواة، وقد تحسنت درجات الشفافية في إيطاليا 8 درجات بين 2012 و2017، لكن لا تزال البلاد أقل 16 درجة من متوسط درجات الشفافية في أوروبا الغربية.
وقالت المنظمة إن إحدى أكثر القضايا المقلقة في غرب أوروبا تتصل بدولة فنلندا، والتي تقليديا كان يُنظر لها كنموذج جيد للحوكمة وواحدة من أعلى البلدان تصنيفا في المؤشر، وهذا العام انخفض تقييمها 4 درجات، من 89 إلى 85 درجة. وهو ما يعزى لعدة عوامل منها عدم رغبة رئيس الوزراء في الإفصاح للصحافيين عن أصول واستثمارات.
وشهدت منطقة آسيا المحيط الهادي القليل من التحسن خلال السنوات الستة الأخيرة، لكن أكثر من نصف بلدان هذه المنطقة تقديرهم أقل من 50 نقطة.
ورغم أن درجات الشفافية كانت منخفضة للغاية في أفغانستان، لكنها زادت سبعة درجات خلال السنوات الست الماضية، من 8 درجات في 2012 إلى 15 في 2016 و2017. وهذا قد يعزى لجهود لتشريعات تتعلق بالمشتريات العامة.
وفي إندونيسيا، ارتفعت درجات الشفافية خلال السنوات الخمس الأخيرة من 32 إلى 37 درجة، وأثنت المنظمة على جهود وكالة مكافحة الفساد الإندونيسية رغم المقاومة القوية التي تلاقيها من «جماعات المصالح».
واعتبرت المنظمة أن منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي قطعت شوطا كبيرا في مكافحة الفساد خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تم تشريع قوانين وآليات لمكافحة الفساد. لكن المنطقة لا تزال تسجل نقاطا ضعيفة. وخلال السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة زيادة في القوانين والمؤسسات الداعمة للشفافية وأنشطة المحاسبة للقطاع العام. ففي عام 2016 مررت تشيلي قانونا للملكية العامة يمنع التعارض في المصالح بالقطاع العام، ومررت جزر بهاماس مؤخرا قانونا للمعلومات العامة، وأنشأت جوانا آلية شفافة للمشتريات العامة، وجاميكا أسست وكالة لمكافحة الفساد. وفي غواتيمالا، قام كل من النائب العام واللجنة الدولية لمكافحة الهروب من العقاب بالتحقيق مع سياسيين ورجال أعمال في ملفات فساد تتضمن تمويلا غير مشروع من الرئيس الحالي جيمي موراليس. كما أجري تحقيق مع الرئيس السابق في بنما ريكاردو مارتينيلي.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.