تركيا: موسكو وطهران تريدان منا التفاوض مباشرة مع الأسد

أعلنت تمسكها بانسحاب «الوحدات» الكردية من منبج

صور تم تداولها على مواقع التواصل لموالين لـ{وحدات حماية الشعب} الكردية يرحبون بدخول قوات موالية للنظام إلى عفرين أمس
صور تم تداولها على مواقع التواصل لموالين لـ{وحدات حماية الشعب} الكردية يرحبون بدخول قوات موالية للنظام إلى عفرين أمس
TT

تركيا: موسكو وطهران تريدان منا التفاوض مباشرة مع الأسد

صور تم تداولها على مواقع التواصل لموالين لـ{وحدات حماية الشعب} الكردية يرحبون بدخول قوات موالية للنظام إلى عفرين أمس
صور تم تداولها على مواقع التواصل لموالين لـ{وحدات حماية الشعب} الكردية يرحبون بدخول قوات موالية للنظام إلى عفرين أمس

قالت تركيا إن روسيا وإيران تريدان منها إجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، مؤكدة في الوقت نفسه أنها ستستهدف أي قوات تدخل إلى عفرين في إطار دعم «وحدات حماية الشعب» الكردية بمواجهة عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي، لافتة إلى أن هناك «مفاوضات قذرة» بين النظام و«الوحدات» الكردية بشأن عفرين لم تتوصل إلى اتفاق، وأعلنت في الوقت ذاته إصرارها على خروج «الوحدات» الكردية من منبج إلى شرق الفرات.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ، إن روسيا وإيران أعربتا عن رغبة قوية في أن تجري بلاده مفاوضات مباشرة مع النظام السوري في دمشق، في الوقت الذي تتقدم فيه القوات التركية في عفرين.
وأضاف في مقابلة مع وكالة أنباء «الأناضول» التركية أمس: «روسيا ترغب بشدة في أن تجلس تركيا إلى طاولة المفاوضات مع النظام السوري، كما ترغب إيران بشدة في ذلك أيضاً»، مضيفاً أن تركيا ليست على اتصال رسمي بدمشق، مكررا ما نشر أول من أمس حول أنه «من الممكن أن تحتفظ تركيا بقنوات عبر جهاز استخباراتها عند الحاجة لذلك».
وترتبط تركيا، وهي مؤيد قوي للمعارضة السورية، مع روسيا وإيران بتفاهمات في محادثات آستانة، التي تهدف إلى المساعدة في حل الأزمة السورية.
وقال بوزداغ إن المخابرات السورية والتركية يمكنهما إجراء اتصالات مباشرة عند الضرورة.
وفى السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن تركيا ليست ضد من يقاتلون تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني و«وحدات حماية الشعب» الكردية. وأضاف في مؤتمر صحافي، أمس، مع نظيره الجزائري عبد القادر مساهل بالعاصمة أنقرة: «هناك بعض التقارير بأن قوات مدعومة من النظام السوري وصلت إلى عفرين. موقفنا واضح. نحن لسنا ضد من يقاتلون (داعش) وحزب العمال الكردستاني و(الوحدات) الكردية. الإرهاب هو عدونا المشترك».
في الوقت ذاته، حذر بوزداغ من أن أي قوات مؤيدة للنظام وتدعم «وحدات حماية الشعب» الكردية، ستعد «أهدافاً» للقوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» في عفرين.
وقال إن هناك معلومات استخباراتية مفادها بأن هناك «مفاوضات قذرة» بين النظام السوري و«وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين، لكن هناك أيضا معلومات تفيد بأنهم لم يتمكنوا من الاتفاق وأنه لم يتم التحقق من أن النظام سيضع قواته الرسمية في منطقة عفرين.
وشدد على أن تركيا «ستواصل كفاحها حتى تطهير المنطقة بالكامل من الإرهابيين، وإذا غير جيش النظام السوري زيه ودخل عفرين بهيئة (وحدات حماية الشعب) الكردية، فإنه سيكون هدفاً، وكذلك إذا دخلت الميليشيات الموالية له، لن يكون هناك تمييز على الإطلاق، وكل من يحاول مواجهة الجيش التركي هو في صف التنظيمات الإرهابية وسيكون هدفاً بالنسبة لنا».
ونفى بوزداغ تعرض أي من المدنيين لإصابات بسبب عملية «غصن الزيتون»، قائلا: «لم يقتل ولم يتضرر حتى مدني واحد لغاية اليوم بعمليات الجيش التركي في إطار (غصن الزيتون)». ويقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن هناك 112 مدنياً، بينهم 23 طفلاً، قتلوا في العملية التي تنفذها تركيا في عفرين منذ أكثر من شهر.
كما نفى بوزداغ ما تردد عن ربط الاتحاد الأوروبي مسألة إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول (شنغن) بإنهاء عملية «غصن الزيتون»، قائلا إن العملية ستستمر حتى تحقيق أهدافها.
في سياق مواز، قال بوزداغ إنه يجري الإعداد لاجتماع الآلية المشتركة التي اتفق عليها مع الولايات المتحدة لبحث المسائل الخلافية قبل منتصف مارس (آذار) المقبل. وفي هذا الشأن، أكدت تركيا أنها ما زالت مصممة على ضرورة انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من مدينة منبج السورية، وأنه «لا بديل عن هذا الخيار».
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أكصوي، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس: «نحن مصممون، فيما يتعلق بمسألة منبج، على انسحاب (الوحدات) الكردية؛ فإما أن تنسحب أو تنسحب، ولا يوجد خيار آخر لذلك». ولفت إلى أن بلاده تنتظر خطوات ملموسة من الولايات المتحدة بخصوص منبج، مضيفا أنّ «المباحثات جارية مع واشنطن بخصوص موعد بدء تشكيل آليات عمل مشتركة بين تركيا والولايات المتحدة».
وعدّ أنه من المفيد بدء أعمال فرق العمل المشتركة في أنقرة أو واشنطن، بمشاركة وزيري خارجية البلدين، لافتا إلى أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بهذا الشأن.
وبخصوص قمة رؤساء تركيا وروسيا وإيران في إسطنبول، مطلع أبريل (نيسان) المقبل، لفت أكصوي إلى أن وزراء خارجية الدول الثلاث، سيعقدون اجتماعاً في 16 مارس (آذار) المقبل في آستانة عاصمة كازاخستان.
وأشار إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى تركيا مؤخراً، تمخض عنها قرار الجانبين إنشاء 3 آليات عمل ثنائية، ستعنى إحداها بالملف السوري وقضايا التعاون لهزيمة تنظيم داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى، حيث سيقوم الفريق ببحث كيفية التزام واشنطن بتعهداتها التي قطعتها لتركيا حول منبج، وتوفير الأمن للمناطق المحررة من «داعش»، ومسألة الحل السياسي بسوريا.
وستعنى آلية أخرى بمسألة الحرب المشتركة ضد حزب العمال الكردستاني، وقال أكصوي: «نحن لا ننظر إلى فريق العمل هذا على أنه للمماطلة فقط، بل نريد الوصول إلى نتيجة خلال موعد محدد».
ميدانيا، وعلى صعيد عملية «غصن الزيتون» التي دخلت يومها الرابع والثلاثين أمس، سيطرت القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر على 3 قرى جديدة في محيط عفرين هي «مقداد» و«علي راجو» بناحية بلبل (شمال) و«تل ديلور»، التابعة لناحية جنديرس، وبذلك ارتفع عدد النقاط التي سيطرت عليها قوات «غصن الزيتون»، إلى 94؛ مركز ناحية، و66 قرية، و6 مزارع، و20 جبلا وتلة استراتيجية، وقاعدة عسكرية واحدة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.