استقالة قياديين من «النهضة» تؤشر لخلافات داخلية

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
TT

استقالة قياديين من «النهضة» تؤشر لخلافات داخلية

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي

قدم قياديان من حركة النهضة، الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم في تونس، استقالتهما أمس إلى رئيس الحزب راشد الغنوشي، الذي قبلها وعين خلفا لهما. وأعلنت الحركة في بيان مقتضب قبول «استقالة محمد القلوي من الإشراف على مكتب الهياكل وشؤون العضوية بالحزب، وتكليف بدر الدين عبد الكافي خلفا له». كما أعلنت قبول تخلي جمال العوي من الإشراف على مكتب الإعلام والاتصال، وتعيين عماد الخميري خلفا له.
وأوضحت الحركة أن استقالة هذين المسؤولين جاءت لـ«أسباب خاصة»، وأنه سيتم تكليفهما بمهام قيادية أخرى. لكن حسب متابعين للشأن السياسي، فإنه قد تكون لهذه الاستقالة علاقة بخلافات داخلية مرتبطة بالانتخابات البلدية، خاصة أنها جاءت قبل موعدها بمدة قصيرة، وأيضا في أوج الاستعدادات لخوض المحطة الانتخابية المحلية الهامة، التي ستشهدها البلاد في السادس من شهر مايو (أيار) المقبل.
وشهدت فترة تقديم الترشيحات المتعلقة بالانتخابات البلدية الكثير من الاستقالات، أو طلبات بالتخلي عن مناصب قيادية نتيجة ضغوط عاشتها الحركة من مؤيديها، والذين تنافسوا بشدة مع عدد كبير من المستقلين، بعد أن استعانت بهم الحركة لخوض الانتخابات البلدية المقبلة. وكانت حركة النهضة قد خصصت نصف الترشيحات للكفاءات المستقلة، وهو ما فوت الفرصة بالنسبة لعدد كبير من مؤيدي الحركة قصد دخول المعترك السياسي. وفي هذا الصدد أوضح جمال العرفاوي، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الاستقالة الجديدة «توحي بوجود مشاكل وخلافات داخلية في حركة النهضة، لكنها تعد طبيعية في ظل وجود منافسة داخلية قوية وخارجية كبيرة مع أحزاب يسارية وليبرالية». مشيرا إلى احتمال وجود عدم توافق داخلي حول السياسة الحالية للحركة، مثل مسألة استيعاب بعض رموز حزب التجمع المنحل (حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي) في القائمات الانتخابية، إضافة إلى مواصلة التحالف السياسي مع حزب النداء، الذي قطع العلاقة من طرف واحد، على حد تعبيره.
وعرفت حركة النهضة خلافات علنية بين قياداتها السياسية، خلال تجربة الحكم التي خاضتها بين 2011 و2013. والتي نتج عنها استقالة حمادي الجبالي، رئيس الحكومة السابق، من منصب الأمانة العامة لحركة النهضة، كما انشق القيادي رياض الشعيبي عن الحركة، وأسس حزب البناء الوطني إثر معارضته قرار خروج حركة النهضة من الحكم نهاية سنة 2013 تحت ضغط الشارع، بزعامة أحزاب ليبرالية ويسارية.
وبشأن قضية ترشح يهودي تونسي في إحدى بلديات المنستير (وسط شرق)، والتي أثارت ردود أفعال متباينة، قال عبد الحميد الجلاصي، القيادي في «النهضة»، إن «الحركة تفرق بين اليهودية والصهيونية، وهي تحاول من خلال ترشح أحد اليهود التونسيين في قائمتها إدماج اليهود في الحياة العامة، وقطع الطريق أمام تبنيهم أفكارا متطرفة على غرار الصهيونية». أما بخصوص استمرار هيمنة حزبي النداء والنهضة على المشهد السياسي، فقد انتقد الجلاصي تواصل ظاهرة الاستقطاب السياسي الثنائي بقوله: «هما تلميذان متوسطا المستوى في قسم كسول» على حد تعبيره.
وتصدرت حركة النهضة حتى يوم أمس قائمة الأحزاب، من حيث عدد القائمات الانتخابية المرشحة لخوض الانتخابات البلدية المقبلة بـ329 قائمة، تليها حركة نداء تونس بـ321 قائمة، فيما جاء حزب التيار الديمقراطي (معارض) في المرتبة الرابعة بـ42 قائمة، ثم حركة مشروع تونس بـ40 قائمة. بينما يتصدر تحالف الجبهة الشعبية اليساري الأحزاب الائتلافية بـ50 قائمة.
وقدر عدد طلبات الترشح للانتخابات البلدية، التي وردت على مراكز قبول الترشحات إلى غاية اليوم السابع من فترة قبول الترشيحات، بـ1480 طلبا، من بينها 850 قائمة حزبية، و64 قائمة ائتلافية، و566 قائمة مستقلة، وعرفت ثلاث بلديات تقدم قائمة انتخابية واحدة. ووفق لما أوردته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فقد بلغ عدد البلديات التي سجلت إيداع مطالب ترشح 350 بلدية، أي بنسبة تغطية تقدر بـ100 في المائة.
في غضون ذلك، شرعت الدوائر الابتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية بالجهات أمس في قبول كافة عرائض الطعون، وتزامن هذا الحدث مع إقفال باب الترشحات للانتخابات البلدية، حيث ستباشر الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بها وفق القانون الانتخابي التونسي.
وحددت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفق الروزنامة الانتخابية، يوم الثالث من مارس (آذار) المقبل كآخر أجل للإعلان عن القائمات المقبولة للمرشحين للانتخابات البلدية، وبعد هذا التاريخ يتم فتح مجال الطعن فيها لدى المحاكم الإدارية الجهوية، على أن يكون الرابع من أبريل (نيسان) المقبل هو الأجل الأقصى للإعلان عن القائمات النهائية بعد انقضاء آجال الطعون.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.