الجلبي يدعو لدخول القوى الوطنية إلى القوائم المذهبية لتحييدها

كشف بعض خفايا صراعه مع «سي آي إيه» والخارجية الأميركية

أحمد الجلبي
أحمد الجلبي
TT

الجلبي يدعو لدخول القوى الوطنية إلى القوائم المذهبية لتحييدها

أحمد الجلبي
أحمد الجلبي

كشف أحمد الجلبي، زعيم المؤتمر الوطني العراقي والشخصية السياسية المثيرة للجدل، عن أن قوى المعارضة العراقية لم تكن لديها حتى مؤتمر بيروت عام 1991 فكرة عن كيفية إسقاط نظام صدام حسين.
واستبعد الجلبي خلال لقاء محدود مع عدد من وسائل الإعلام العراقية و«الشرق الأوسط» إمكانية حصول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على «ولاية ثالثة بسبب الرفض المطلق من كتلتي الصدر والمجلس الأعلى»، مشيرا إلى أن «الصدريين أكثر وضوحا في التعبير عن رفضهم ولاية ثالثة للمالكي بينما المجلس الأعلى يأخذ بنظر الاعتبار بعض القضايا والتوازنات ولكن موقفه من حيث الجوهر لا يختلف عن موقف مقتدى الصدر».
وبشأن الأسباب التي دفعته للدخول مع كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى في الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2014، قال الجلبي إنه «يؤمن بدخول الشخصيات والتيارات الديمقراطية والمدنية في هذه القوائم الكبيرة وغيرها حتى يتم تعزيزها بمثل هذه التوجهات ما دامت لديها رغبة في تخطي البعد المذهبي وتحييدها»، مؤكدا أن «التيار المدني والليبرالي سبق أن جرب أكثر من مرة الدخول لوحده في الانتخابات ولكنه لم يحصل على النتائج المطلوبة».
وأشار الجلبي إلى أن «مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددا سيتغير خلال الانتخابات المقبلة طبقا لمنطق التحالفات الجديد، إذ إن هذه الكتلة يمكن أن لا تكون من طائفة واحدة بل ربما من الأحرار (التيار الصدري) والمواطن (المجلس الأعلى) و(متحدون) والأكراد، وهو ما سيقطع الطريق تماما أمام المالكي لولاية ثالثة».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كانت الإشكالية الكبرى الآن هي الولاية الثالثة وليس النظام السياسي في العراق الذي بني على أساس خاطئ وما إذا كان الهدف من قطع الطريق أمام المالكي هو عدم تكريس الديكتاتورية، قال الجلبي «إن الأمر لا يتعلق بتكريس الديكتاتورية، مثلما يقال، لأنه لا توجد ديكتاتورية لدى المالكي على غرار صدام حسين لسبب بسيط وهو أن صدام كان يسيطر على كل شيء بينما المالكي لا يسيطر على شيء الآن، لا توجد سوى الفوضى وبالتالي استمراره في ولاية ثالثة يعني استمرار الفوضى فقط».
وبشأن ما يقال من أن المالكي يسيطر على الجيش وهو معه لأسباب تتعلق بالامتيازات قال الجلبي «الجيش والقوات المسلحة ليست مع المالكي بل إن المناصب التي تعود لكبار القادة تشترى بالمال وبالتالي لا توجد ولاءات محسومة». وأكد الجلبي أنه «بغياب الرئيس جلال طالباني فإن عملية تشكيل الحكومة المقبلة ستكون في غاية الصعوبة لأن الرئيس طالباني كان يستمع لكل الأطراف بينما اليوم الأمر مختلف وبما أن لرئيس الجمهورية دورا هاما جدا فإن المشهد سيتعقد مع احتمال أن يكون إما مسعود بارزاني أو أسامة النجيفي رئيسا للجمهورية».
وبشأن الملابسات التي حصلت حول البنك المركزي ومسألة غسل الأموال وقضية إخراج المحافظ السابق سنان الشبيبي ومجيء عبد الباسط تركي، رئيس ديوان الرقابة المالية، محافظا للبنك المركزي بالوكالة، قال الجلبي إن «المالكي أراد الانتقام من سنان الشبيبي لأنه رفض إقراض الحكومة مبلغ خمسة مليارات دولار على غرار ما كان يفعل صدام حسين الذي حول البنك المركزي إلى دكان». وأما بشأن تعيين تركي بدلا منه، فقد قال الجلبي إن «العملية حصلت من خلال تواطؤ بين أسامة النجيفي والمالكي للمجيء بعبد الباسط تركي الذي يدير البنك ويراقبه مرة واحدة وهو مخالفة صريحة للدستور وللفصل بين السلطات».
وبشأن ما حسب عليه بتشكيل ما سمي بـ«البيت الشيعي» أوائل الاحتلال الأميركي للعراق، قال الجلبي إنه «لا يؤمن بالتوجهات الطائفية ولكن ما حصل أن الأميركيين كانوا يريدون أن تمسك القوى والأحزاب الطائفية الحكم في العراق لا سيما بعد وصول بول بريمر (الحاكم المدني الأميركي) لأن من كنا اتفقنا معهم في البداية على تسليم السيادة للعراقيين وتشكيل حكومة عراقية وطنية جرى استبعادهم وحل محلهم أناس لم يكونوا جزءا من خطة إسقاط صدام»، مبينا أن «تأسيسه للبيت الشيعي هو محاولة للخروج من خندق الطائفية وإن كان المسمى مذهبيا وأنه كان مجرد تكتيك للوقوف بوجه بريمر».
وبشأن الكيفية التي تمت بها خطة إطاحة صدام على يد الأميركيين، قال الجلبي إنه منذ عام 1986 تم استدعاؤه إلى الخارجية الأميركية لغرض الاستفهام منه بشأن العراق «إذ كان الأميركيون بصدد ترشيح السفيرة الأميركية أبريل غلاسبي آنذاك إلى العراق وحين قلت للأميركيين (لماذا لم تصطفوا مع المعارضة العراقية ؟) قالوا إن المعارضة العراقية لا تختلف في شيء عن صدام من حيث الشمولية والديكتاتورية وغيرها ولكن هناك فرق واضح وهو أن صدام ناجح وهم فاشلون ولذلك نصطف مع الناجح». ومضى الجلبي قائلا إن «فكرة إسقاط صدام ما كانت لتنجح لولا أن حصل تناحر داخل الإدارة الأميركية بهذا الصدد، إذ إن الأميركيين معروف عنهم أنهم لا يحترمون وعودهم حيال الآخرين ولكنهم في الداخل وفيما بينهم الأمر يختلف». وأشار إلى أن «الصراع احتدم بين الخارجية و(سي آي إيه)، من جهة، والبنتاغون، من جهة أخرى، لأن (سي آي إيه) والخارجية لم تكونا متحمستين لإسقاط صدام».
ووصف الجلبي حال المعارضة وهي تستنجد بالولايات المتحدة بأنها «كمن يدخل الدب إلى بيته، لكننا كنا مضطرين لذلك على أمل أن نشكل حكومة عراقية وهو ما لم يحصل وهو ما جعلهم يقولون إن الجلبي خدعنا وما إلى ذلك من كلام». وعن سلسلة الأخطاء التي ارتكبها الأميركيون في العراق، قال الجلبي إن «الأميركيين أصيبوا بالغرور واتجهوا نحو القوى الطائفية ومنعوا منذ التاريخ أي اتفاق يمكن أن يحصل بيني وبين الدكتور إياد علاوي لتشكيل تيار أو تكتل وطني ليبرالي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.