الاتجاهات المقبلة للصحافة.. تقليدية أم رقمية؟

ارتفاع نسبة توزيع الصحف في منطقة الشرق الأوسط

الاتجاهات المقبلة للصحافة.. تقليدية أم رقمية؟
TT

الاتجاهات المقبلة للصحافة.. تقليدية أم رقمية؟

الاتجاهات المقبلة للصحافة.. تقليدية أم رقمية؟

كيف سيكون شكل غرف الأخبار في المستقبل؟ وهل تختفي تقاليد الصحافة الكلاسيكية تماما أم أنها ستظل موجودة بشكل متواز؟ متى ستموت الصحافة الورقية؟ وما علاقة ذلك بالطبقة المتوسطة وتمددها وانتشارها في أي مجتمع؟ تساؤلات عدة رفعها وأثارها حضور مؤتمر الصحافة العالمي (كونغرس صحف العالم) الذي أقامته منظمة الصحافة العالمية «وان أفرا» بتورينو (شمال إيطاليا) في الفترة من 8 - 11 يونيو (حزيران) الحالي.
وبين أوراق العمل المتعددة وعروض «باور بوينت» المتتالية، وقف أندرو باتس، رئيس معمل «فايننشيال تايمز» الرقمي على خشبة المسرح ليستعرض التسلسل التاريخي لمنتجات الصحيفة العريقة، لكن فيما يتعلق بالمنتجات الرقمية. وما إن انتهى حتى أعلن للحضور أنه لأول مرة في تاريخ الصحيفة، ومع تراكم التاريخ والخبرة والمحتوى - فإن اشتراكات النسخة الرقمية تجاوزت، لأول مرة في تاريخ المطبوعة، اشتراكات الورق، ويقول: «المحتوى في الأساس هو من يبيع، ولهذا يجب على أي مطبوعة إيجاد علاقة ولاء مع القارئ من خلال محتوى متميز ومنوع ورصين، ومن ثم الوجود في جميع المنصات الرقمية، وفي ذلك الوقت سيضطر القارئ للبحث عن تفاصيل الخبر والموضوع وسيضطر أن يدفع مبلغا من المال للحصول على التفاصيل غير المتاحة في النسخة المجانية، هذه مسألة تأخذ وقتا، لكن الصحف ذات المحتوى الرصين التي عرفت بذلك ستكون مهمتها أسهل إذا عرفت استغلال ذلك». باتس الذي تحدث في جلسة عن الابتكار في الصحافة ومدى إمكانية تطبيق الأفكار، قال إن الحضور المستمر للصحيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولة صناعة هوية محددة تعلق في ذهن القارئ، هما طريقة من طرق الوجود في جميع المنصات وعدم الغياب، بل وتدفع القارئ أحيانا للبحث عن لماذا لم تنشر الصحيفة محتواها اليوم على تلك المنصات الاجتماعية؟ وعلى هامش الجلسة، قال رئيس معامل «إف تي» لـ«الشرق الأوسط» إن الصحف يجب أن تفكر في المستقبل ولا تأبه لما يقال عن موت الصحافة الورقية أو بقائها، بل أن تفكر كيف تصنع محتوى مميزا يبقى ويكون هو الرهان الاستثماري الذي يجلب العوائد. ويضيف: «الآن اشتراكات (فايننشيال تايمز) أعلى من أي وقت مضى، لكن هذا لا يعني التراخي، بل يجب تطوير التطبيقات الإلكترونية وتنويعها وجعلها أكثر تخصصية، مما سينوع الشرائح المستهدفة تسويقيا».

* الطبقة المتوسطة والصحافة
لاري كيلمان، نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة الصحافة العالمية، ربط بين انتشار الطبقة المتوسطة والتقنية في أي مجتمع وقوة أو تقهقر وجود الصحافة الورقية، وقال في حديث له عن الاتجاهات الحديثة في الصحافة العالمية إن أكثر من 2.3 مليار شخص في العالم يقرأون الصحف الورقية بشكل شبه منتظم، في الوقت الذي لا يتجاوز عدد من يقرأون الصحف الإلكترونية 800 مليون شخص. وأضاف: «هذا لا يعني أن عدد مستخدمي الإنترنت 800 مليون، بل القراء المنتظمون للصحف الإلكترونية الرصينة والمعروفة.. الطبقة المتوسطة عامل مهم في بقاء وقوة الصحافة الورقية، وهي عامل مهم كذلك لاحقا في ارتفاع وزيادة نسبة الاشتراكات الرقمية وبهذه الطريقة ستكون الطبقة المتوسطة شبيهة بمقياس درجة الحرارة، بل وهي رمانة الأمان كذلك».
كيلمان ضرب مثالا عن تناقضات مهاجمي الصحافة، بقوله: «الآن، نجد أن كثيرا من غير المهتمين بتفاصيل المهنة أو من يجهلون حقيقتها يتحدثون عن تلاشي وانحدار الصناعة، لكن نجدهم في كل حدث سياسي أو اجتماعي يبحثون عن ما كتب في الصحف ويقرأون الأخبار والتحليلات ويحاولون الحصول على معلومات عن هذا الحدث أو ذاك، ومصدرهم من ذلك هو الصحف.. صناعة الصحافة ما تزال في وضع أكثر من جيد إذا ما عرفنا أن توزيع الصحافة الورقية عالميا ارتفع اثنين في المائة في 2013، لكن الإشكالية هي في تراجع الإعلان».
وقال كيلمان إن توزيع الصحف الورقية ارتفع في منطقة الشرق الأوسط بنسبة اثنين في المائة، مؤكدا أن القارئ لا يمانع إطلاقا شراء أو الاشتراك في صحيفة، عرف عنها أن أخبارها ومقالاتها حررت وروجعت بشكل مهني واحترافي، وأضاف: «مواقع الصحف على الإنترنت ارتفع الإعلان الرقمي فيها بنسبة 11 في المائة في 2013، وهذا يعني أن هذه النسبة سترتفع السنوات المقبلة وستشكل رافدا ماديا إضافيا، إلى جانب ما تحصده النسخ الورقية من تلك الصحف».
ويتحدث كيلمان عن التغيرات التقنية عالميا التي تسببت كذلك في خسارة بعض الشركات حصص الإعلان على الإنترنت، ومن بين تلك الشركات «غوغل»، التي انخفضت نسبة ما تملكه من إعلانات الإنترنت من 44 في المائة إلى 36 في المائة في السنوات القليلة الماضية.

* التحولات القادمة
جريم كولين، مستشار في الإعلام الرقمي من فرنسا، يتحدث عن أن الدمج بين المحتوى الرقمي والورقي هو الحل الوحيد للصحف، لكن التركيز على الاختصار والتنويع في المحتوى طريقة أخرى نحو الاستثمار بعد أن تبنى صورة ذهنية لدى القارئ عن هذا المنتج أو ذلك، ويضيف: «الآن، القارئ لم يعد جادا في البحث عن معلومة بسبب ما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي من معلومات، لا يتأكد المطلع على صحتها أحيانا، وهذا يدفع الصحف إلى ضرورة الوجود في تلك المنصات الاجتماعية بشكل دائم، والصحف القادرة على تنويع محتواها وتقديمه بطريقة تسويقية محترفة على مواقع التواصل الاجتماعي ستخلق ولاءات جديدة لقراء جدد وتضيف إلى حصيلتها رصيدا جديدا من الزيارات، التي بدورها ستكون الطريق نحو جلب المعلنين».
ويقول كولين إن التغير الجذري في سلوكيات القراء هو أن نسب قراء الصحف عبر الهواتف الذكية أصبحت أكثر من أي وقت مضى، وهذا يتعين على الصحف أقلمة تطبيقاتها وتصميماتها لتكون متوافرة بنسخ مختلفة لجميع أنواع الأجهزة اللوحية والمحمولة، وتحديدا الهواتف الذكية.
وخلص المتحدثون، طيلة يومين في مؤتمر الصحافة العالمية، إلى أن تنويع الاستثمارات بالنسبة للصحف يعد الطريقة الوحيدة للتعايش مع العالم التقني المتسارع، وتراجع معدلات توزيع الصحف الورقية يختلف حسب المناطق والقارات، ففي الوقت الذي تشهد قارة آسيا ومعها منطقة الشرق الأوسط ارتفاعات في نسبة توزيع الصحف الورقية، فإن هناك تراجعا ملحوظا في أميركا الشمالية، ويربط المختصون ذلك بالطبقة المتوسطة في تلك المناطق وكذلك مدى انتشار التقنية والفقر، وعوامل أخرى يرون أنها عامل أساس لمقياس بقاء أو تراجع الصحافة الورقية. كل أولئك أجمعوا بطريقة أو أخرى على أن القادر على امتلاك وتطوير المحتوى المميز سيكون قادرا على المنافسة، وأن وسائل التواصل الاجتماعي ليست عامل تهديد للصحف، بل أداة تكميلية لتوزيع المحتوى ونشره.



السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.