تصاعد العنف يعرقل محادثات السلام بين طالبان وكابل

يمكن لزيادة وتيرة العنف في أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية أن يقوض قدرة الدولة الباكستانية على العودة مرة أخرى إلى محاولة عقد محادثات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية بحسب ما يوضح خبراء ومسؤولون في إسلام آباد.
وشهد شهر يناير (كانون الثاني) تزايدا ملحوظاً معرقلا لأعمال العنف في أفغانستان، حيث أشاعت حركة طالبان جواً من الفوضى، ونفذت كل أنواع الهجمات على الحكومة والجيش الأفغاني. على الجانب الآخر، تنفذ القوات التابعة للحكومة الأفغانية والقوات الأميركية الموجودة في البلاد عمليات عسكرية ضد معاقل حركة طالبان في جنوب البلاد. في حال استمرار الوضع على هذا النحو، من المحتمل ألا تتمكن الحكومة الباكستانية من إعادة حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات على حد قول مسؤول بارز سابق في الاستخبارات الباكستانية الذي لا يزال يقدم استشارات إلى الحكومة الباكستانية بشأن السياسات الأفغانية.
أخطرت باكستان الحكومة الأفغانية والقوات الأميركية الموجودة في أفغانستان بأن سياسة البلاد المتمثلة في سحق حركة طالبان أفغانستان عسكرياً في ساحة المعركة لا تتوافق مع الرغبة، التي يتم التعبير عنها باستمرار، المتمثلة في التفاوض مع الحركة من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة الأفغانية. وقد أبلغ مسؤولون باكستانيون وزير الداخلية الأفغاني، ومسؤولين أميركيين في زيارة للبلاد، بنتيجة محادثاتهم مع ثلاثة من أعضاء وفد حركة طالبان الذي زار إسلام آباد في يناير الماضي.
وأوضح مسؤولون في الجيش الباكستاني، ومسؤولون في الجهاز المدني للدولة للحكومة الأفغانية أن سياسة الملاحقة العسكرية تتعارض مع الرغبة في الجلوس مع حركة طالبان على طاولة المفاوضات.
وأجرى كل من ويس أحمد برمك، وزير الداخلية الأفغاني، ومعصوم ستانزكاي، رئيس الاستخبارات الأفغاني، محادثات مع شهيد خاقان عباسي، رئيس الوزراء الباكستاني، الذي تلقى مساعدة من دبلوماسيين بارزين، والفريق نافيد مختار، المدير العام للاستخبارات العسكرية، خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير.
أعقب الجولة الأولى من المحادثات بين المسؤولين الباكستانيين وثلاثة من أعضاء وفد حركة طالبان في إسلام آباد، محادثات رسمية بين أفغانستان وباكستان أولا في مدينة إسلام آباد ثم في كابل. رغم عدم تركيز المحادثات الباكستانية - الأفغانية على التفاوض مع حركة طالبان، ناقش الجانبان إمكانية إعادة ممثلين لحركة طالبان إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية.
كذلك تم إخطار وفد أميركي زار البلاد في بداية شهر يناير بالموقف الباكستاني نفسه تجاه المحادثات مع حركة طالبان. وقد عرضت باكستان مراراً وتكراراً أن تحاول إعادة حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات، لكن من شأن تزايد وتيرة أعمال العنف، التي شهدتها أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية، تقويض قدرة الدولة الباكستانية على الترتيب لإجراء محادثات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية.
تم إضافة عنصر جديد إلى الوضع الحالي خلال هذا الشتاء في أفغانستان، فقد أجبر تزايد أعمال العنف في البلاد القوات التابعة للحكومة الأفغانية والقوات الأميركية الموجودة إلى التفكير في استخدام القوة العسكرية للقضاء على حركة طالبان. وكان من المعتاد في البداية النظر إلى الشتاء باعتباره موسماً هادئاً، وكان القتال يبدأ مع قدوم الربيع في أغلب الأحوال، لكن تغير هذا الأمر كثيراً مع تصاعد أعمال العنف في البلاد خلال موسم الشتاء الحالي. وهناك تناقض واضح في النهج الذي تتخذه الإدارة الأميركية تجاه المنطقة وحركة طالبان؛ فهم يريدون من جانب شنّ عملية عسكرية كبرى ضد حركة طالبان، ومن جانب آخر يطلبون من باكستان إقناع حركة طالبان بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
من جهة اخرى قال مسؤولون إن انفجاراً، في فندق بمدينة جلال آباد، شرق أفغانستان، قتل 3 على الأقل من شيوخ القبائل، وأصاب اثنين. ولم يتضح سبب الانفجار، ولم يرد إعلان عن المسؤولية.
وقال عطا الله خوجياني، المتحدث باسم حاكم إقليم ننكرهار، إن الانفجار وقع في الطابق الثاني بفندق كان شيوخ القبائل يقيمون فيه، في أثناء زيارة لجلال آباد لحضور اجتماع عن بطاقات الهوية الإلكترونية الجديدة التي ستطبقها الحكومة المركزية.
وجلال آباد عاصمة إقليم ننكرهار، وتقع على الحدود مع باكستان، حيث أسس فصيل تابع لتنظيم داعش معقلاً له في السنوات الأخيرة، وأعلن مسؤوليته عن عدد من الهجمات في المدينة، أحدثها الشهر الماضي؛ عندما استهدف مكتباً لهيئة إنقاذ الطفولة في المدينة.