ليبيا: أعضاء مجلس النواب يرفضون الاعتراف بهيئة صياغة الدستور

إنقاذ مئات المهاجرين العرب والأفارقة قبالة سواحل طرابلس

مهاجرون عرب وأفارقة تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الإسباني بعد انطلاقهم من السواحل الليبية (أ.ب)
مهاجرون عرب وأفارقة تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الإسباني بعد انطلاقهم من السواحل الليبية (أ.ب)
TT

ليبيا: أعضاء مجلس النواب يرفضون الاعتراف بهيئة صياغة الدستور

مهاجرون عرب وأفارقة تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الإسباني بعد انطلاقهم من السواحل الليبية (أ.ب)
مهاجرون عرب وأفارقة تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الإسباني بعد انطلاقهم من السواحل الليبية (أ.ب)

طالبت الهيئة المكلفة بإعداد الدستور الجديد في ليبيا أمس، من بعثة الأمم المتحدة هناك بالمساعدة في إنهاء الاستحقاق الدستوري، واستكمال المسار التأسيسي، وفي غضون ذلك أعلن أعضاء بمجلس النواب الليبي، يمثلون شرق البلاد، عدم اعترافهم بهيئة صياغة الدستور، وطالبوا بتشكيل لجنة من الخبراء تجري تعديلا على دستور عام 1951.
واعتبر نوح عبد الله، رئيس هيئة الدستور، في رسالة وجهها أمس إلى غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، أن «أي محاولة لتعطيل أو عرقلة الدستور، أو السماح بالجهات الداخلية أو الخارجية للمساس بخطواته، هو مساس بإرادة الشعب الليبي».
ودعا نوح البعثة الأممية إلى «تقديم المساعدات اللازمة لإنهاء الاستحقاق الدستوري، والتأكيد على السلطات الليبية (مجلس النواب) للوفاء بالتزاماتها الواردة في الإعلان الدستوري والقوانين الليبية النافذة».
في المقابل، قال 18 نائبا يمثلون نواب مجلس النواب لمدن شرق ليبيا، في بيان مشترك، إن «الحكم الصادر من طرف المحكمة العليا في العاصمة طرابلس غير فاصل في موضوع هيئة الدستور، لذلك قررنا نحن النواب عدم الاعتراف بهيئة صياغة الدستور»، قبل أن يطالبوا زملاءهم في مجلس النواب بـ«سرعة تعديل الإعلان الدستوري لتشكيل لجنة من الخبراء قصد إجراء تعديل محدود على دستور الاستقلال». كما رفض النواب إصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور، إلى حين تشكيل لجنة من الخبراء، للتأكد من عدم تزوير الهوية الليبية.
وكانت المحكمة العليا في طرابلس قد قضت الأربعاء الماضي بعدم اختصاص القضاء الإداري بالنظر في قضايا مرفوعة ضد هيئة الدستور، علما بأن محكمة استئناف البيضاء (الدائرة الإدارية) كانت قد قضت في شهر أغسطس (آب) الماضي بإيقاف مشروع التصويت على الدستور، بدعوى عقد الهيئة جلسة التصويت في يوم يتصادف مع عطلة رسمية في البلاد.
وأبطلت المحكمة العليا الأسبوع الماضي طعونا قانونية من محاكم أدنى ضد مسودة الدستور، مما يمهد الطريق لتنظيم استفتاء محتمل عليها، والمضي نحو إجراء انتخابات.
وينظر على نطاق واسع إلى مسألة وضع إطار عمل دستوري على أنها خطوة أساسية في جهود بسط الاستقرار في ليبيا، حيث تأمل الأمم المتحدة في إجراء انتخابات بنهاية العام الجاري. لكن مسودة الدستور تواجه عراقيل أخرى محتملة، منها شروط نسبة الإقبال أو التأييد، التي يحددها مجلس النواب من أجل الاستفتاء، وأيضا مصاعب تنظيم تصويت على مستوى البلاد في وقت لا توجد فيه قوات أمن وطنية، بينما تقول بعض الأقليات في ليبيا إنهم استبعدوا من عملية صياغة الدستور.
وكان النظام الملكي السائد آنذاك يقوم بممارسة مهامه ضمن الدستور الليبي، الصادر عام 1951، الذي ينص صراحة على إدارة البلاد بطريقة الفيدرالية اللامركزية.
إلى ذلك، بدأ العميد عبد السلام عاشور مهامه الرسمية وزيرا للداخلية في حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، بعدما تسلم مقر الوزارة من سلفه المُقال العارف الخوجة.
وأصدر عاشور عددا من القرارات بشأن ترقية ضباط الصف والأفراد، وتسوية أوضاعهم الوظيفية، تزامنا مع الاحتفالات بالذكرى السابعة للثورة التي اندلعت ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وعقب مراسم التسليم والتسلم، التي تمت بمقر ديوان الوزارة بطرابلس بحضور مسؤولي الوزارة، أكد عاشور أنه سيعمل على تحقيق الأمن والاستقرار بالتعاون بين الإدارات والأجهزة الأمنية المختصة، وذلك في إطار خطة أمنية للرفع من مستوى الأداء الأمني.
من جهة ثانية، أعلنت البحرية الليبية إنقاذ 324 مهاجرا أفارقة وعربا بعد تعطل قاربين قبالة سواحل مدينة زوارة، الواقعة على بعد 120 كلم غرب العاصمة طرابلس.
وقال أيوب قاسم، المتحدث باسم البحرية، إن المهاجرين الذين جرى اعتراضهم على بعد 12 كلم تقريبا من ساحل مدينة زوارة، من بينهم 35 امرأة و16 طفلا، وأغلبهم ينتمون إلى أربع دول من أفريقيا جنوب الصحراء هي تشاد ونيجيريا ومالي وساحل العاج.
وأضاف قاسم موضحا: «كان هناك مهاجرون آخرون من تونس وباكستان والمغرب. وكان من بينهم أيضا 32 شخصا، منهم ثماني نساء وستة أطفال، من بينهم ثلاث عائلات»، مشيرا إلى أنه تم «جر القاربين ونقل المهاجرين إلى ميناء زوارة البحري، ومن ثم تسليمهم إلى مباحث الجوازات ومركز إيواء المهاجرين بزوارة».
وأشارت إحصاءات وزارة الداخلية الإيطالية إلى أن ما يزيد قليلا على 3500 مهاجر فقط وصلوا من ليبيا إلى إيطاليا هذا العام، وهو ما يقل عن 62 في المائة عن عددهم في الفترة نفسها من العام الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.