أولوية «المستقبل» في انتخابات 2018 تثبيت زعامته السنية

علوش: ظروف الفُرقة الحالية مناسبة لـ{حزب الله}

TT

أولوية «المستقبل» في انتخابات 2018 تثبيت زعامته السنية

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في 6 مايو (أيار) المقبل، وبدء تبلور مشهد التحالفات والاصطفافات، يتبين حجم التحديات التي يواجهها تيار «المستقبل»، خصوصاً بعدما فُرضت عليه معركة تثبيت زعامته السنية، وهو الذي كان يخوض في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها البلاد في 2009 معركة بوجه مشروع حزب الله، من خلال اصطفاف «14 آذار» الذي كان في مواجهة فريق «8 آذار» بقيادة الحزب.
وسيكون على تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الشهرين المقبلين خوض أكثر من معركة على محاور متعددة، باعتبار أن المواجهة التي كانت محصورة في السنوات الماضية بين أخصامه السياسيين التاريخيين، وبالتحديد في مدينة طرابلس الشمالية، توسعت لتطال هذه المرة شخصيات كانت تنضوي تحت مظلته، وأبرزها مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي. وإن كان الحريري قد أعلن وبوضوح في ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في 14 آذار أن «المواجهة السياسية والانتخابية الحقيقية لتياره هي مع حزب الله»، فإنه خصص جزءا كبيرا من خطابه لانتقاد من قال إنهم «أصدقاء سابقون في الداخل اللبناني يقومون بالعمل لمصلحة الحزب والمراهنة على فتات الموائد» في تياره.
ويرجح خبراء انتخابيون أن تتقلص كتلة «المستقبل» من 34 نائبا لتبلغ نحو 22 أو 20 نائبا. ويشير رئيس مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد إلى أن موقع رئيس «المستقبل» والحكومة سعد الحريري في الإحصاءات «تحسن كثيرا بعد الأزمة الأخيرة التي أدت لتقديم استقالته والعودة عنها في وقت لاحق، لكن لا شك فإن وضعه لا يزال صعبا جدا ولا مجال لمقارنته بما كان عليه في عام 2009»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «في أكثر من منطقة فقد ربع أو ثلث قوته لمصلحة شخصيات سنية أخرى». وأضاف: «هو يواجه في البقاع الغربي رئيس حزب (الاتحاد اللبناني) الوزير السابق عبد الرحيم مراد، أما في بيروت فيواجه الأحباش ورئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي». أما في طرابلس، فتبدو معركة الحريري محتدمة على أكثر من محور إذ يخوض مواجهات مفتوحة مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي، وبخاصة مع اللواء أشرف ريفي.
وبحسب سعد، فإن «أخصام (المستقبل) يتوزعون أيضا في الضنية وهم بشكل أساسي جهاد الصمد وكمال الخير، وفي عكار وجيه البعريني وآخرين وفي صيدا في الجنوب الأمين العام لـ(التنظيم الشعبي الناصري) أسامة سعد».
ويعتبر أكثر من خبير انتخابي أن خسارة «المستقبل» المتوقعة ليس سببها القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد النسبية، بل تراجع شعبيته نتيجة خياراته السياسية الأخيرة. وفي هذا السياق يقول سعد: «النسبية حمت المستقبل الذي كانت خسائره ستكون مضاعفة في حال جرت الانتخابات المقبلة على النظام الأكثري، ولكن وبرغم كل ذلك فهو كان وسيبقى في المدى المنظور القوة السنية الأولى في لبنان التي لا بديل عنها».
من جهته، يرد تيار «المستقبل» خسائره المتوقعة لـ«نجاح أعداء كما حلفاء حزب الله، على حد سواء، بنقل المعركة إلى داخل الشارع السني»، هذا ما يقوله القيادي في التيار، النائب السابق مصطفى علوش، مشدداً في الوقت عينه على أن «الشعارات التي رفعها الرئيس الحريري في عام 2009 بمواجهة مشروع حزب الله لا يزال يرفعها في المرحلة الراهنة». ويضيف علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الظروف الحالية مناسبة أكثر لحزب الله، نظرا للفرقة المسيطرة في الشارع السني، وهو يسعى جاهداً لدعم أتباعه من طوائف ومذاهب مختلفة، وبخاصة السنة منهم، كي يكونوا جزءا من الكتلة الداعمة له في البرلمان الجديد».
ويرجح علوش أن يخوض تيار «المستقبل» المعركة في مدينة طرابلس وحيدا، وأن تكون اللائحة التي سيشكلها بمواجهة 3 أو 4 لوائح أخرى. ويضيف: «الوزير الأسبق محمد الصفدي لم يحسم حتى الساعة ما إذا كان سيترشح، ولكن في حال قرر ذلك فالأرجح سيكون جزءا من لائحتنا، أما الجماعة الإسلامية، فلم تحسم أمرها حتى اللحظة، كما أن أي تحالف معها سيكون على مستوى البلد ككل»، لافتا إلى أنه في حال أصرت على ترشيح شخصيات في كل المناطق فذلك قد يؤدي لخوضنا وإياهم المعركة على لوائح منفصلة.
ويشدد النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت على أن «كل القوى مرتبكة ولم تحسم تحالفاتها وليس الجماعة فقط، باعتبار أن القانون الجديد الذي اعتمد صوتا تفضيليا واحدا عقّد الأمور على أكثر من مستوى»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التواصل مع كل القوى السياسية مستمر، على أن نحسم تحالفاتنا في النصف الثاني من الشهر الجاري». ويضيف الحوت: «ما نسعى إليها هو رص الصفوف في الساحة السنية، وآخر ما نريده أو نسعى إليه أن نخوض الانتخابات لزعزعة الصفوف وتشتيتها. لا شك أن هناك ملفات نختلف عليها مع «المستقبل»، لكن لا يمكن أبداً الحديث عن طروحات متناقضة لأن نقاط الالتقاء بيننا متعددة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.