جهود دبلوماسية غربية لتحريك المفاوضات اليمنية

يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة أمس (ا.ف.ب)
يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة أمس (ا.ف.ب)
TT

جهود دبلوماسية غربية لتحريك المفاوضات اليمنية

يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة أمس (ا.ف.ب)
يمنيون يتلقون مساعدات غذائية في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة أمس (ا.ف.ب)

أكدت مصادر يمنية مطلعة وجود تحركات حثيثة للدبلوماسيين الغربيين في الأيام الأخيرة لدى قيادات ومسؤولي الشرعية اليمنية، في سياق مساع لتحريك ملف مفاوضات السلام المتوقفة منذ أكثر من عام بين الحكومة والانقلابيين الحوثيين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه التحركات الغربية لدى الشرعية اليمنية تأتي في سياق «التهيئة لبدء المساعي الحميدة المرتقبة لمبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن مارتن غريفثتس»، الذي يتوقع أن يباشر عمله مطلع الشهر المقبل، بعد أن ضمن موافقة مجلس الأمن الدولي على تعيينه في المنصب، خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ.
وفي هذا السياق، جدّد عدد من الدبلوماسيين الغربيين والمسؤولين، أمس، التأكيد على مساندة حكوماتهم للشرعية اليمنية، لجهة التوصل إلى سلام دائم ينهي انقلاب ميليشيات جماعة الحوثيين الموالية لإيران، إلى جانب استمرار الدعم لمكافحة أنشطة الجماعات الإرهابية، وتثبيت الأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية المستدامة في اليمن.
جاء ذلك خلال لقاءات منفصلة أجراها كل من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، أمس، في العاصمة السعودية الرياض، مع كل من وزيرة التجارة الخارجية الهولندية، والقائمة بأعمال السفارة البريطانية لدى اليمن، والقائمة بأعمال السفارة الأميركية.
وأكد الرئيس اليمني خلال لقائه القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى اليمن أسكرو هيما، أهمية تعزيز التعاون المثمر بين بلاده وواشنطن، في مواجهة قوى التمرد والإرهاب، المتمثلة في الميليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية المتطرفة الأخرى. وأشار هادي - بحسب ما ذكرته وكالة (سبأ) الرسمية - إلى «عمق العلاقات اليمنية – الأميركية، وإلى مواقف واشنطن الداعمة لليمن وقيادتها الشرعية في مختلف المواقف والظروف»، في حين جدّدت القائمة بأعمال سفارة واشنطن «موقف بلادها الدائم لدعم اليمن وشرعيته الدستورية بقيادة الرئيس هادي».
وفي لقاء آخر جمع الرئيس اليمني مع وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندية سيخريد كاخ، أشار الرئيس هادي إلى «أهمية تفعيل جوانب التعاون مع هولندا، في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها اليمن نتيجة الحرب التي تشنها ميليشيات الحوثي الإيرانية، وما خلفته من تداعيات ومآسٍ طالت معيشة المواطن وخدماته واحتياجاته اليومية». وجدّد هادي الترحيب بالمبعوث الأممي الجديد مارتن غريفثتس، وقال إن الشرعية اليمنية التي يقودها تتمسك بإنجاز السلام وفق المرجعيات الثلاث التي انقلب عليها الحوثيون، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والقرارات الأممية ذات الصلة، وفِي مقدمتها القرار رقم 2216.
وعبّرت الوزيرة الهولندية عن ارتياحها للقاء مع الرئيس اليمني «في إطار التشاور وتأكيد دعم هولندا لليمن وقيادته الشرعية، وصولاً لتحقيق السلام العادل الذي يستحقه الشعب اليمني»، حسبما نقلته وكالة (سبأ) الرسمية. وأكدت كاخ أن بلادها ستولي اليمن كل اهتمام، وستواصل دعمه «من خلال عضوية هولندا الراهنة في مجلس الأمن الدولي، كما ثمّنت تعاون الحكومة الشرعية في المجال الحقوقي والإنساني».
من جهته، استقبل رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، القائمة بأعمال السفير البريطاني لدى اليمن فيونا والكر، وبحث معها طبقا لما نقلته المصادر الرسمية «جوانب الدعم التي تقدمها المملكة المتحدة لليمن، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه وتعقب عناصره». وشدّد بن دغر على الموقف الرسمي للشرعية من المفاوضات المرتقبة التي ستستأنف مع الانقلابيين، وقال: «إن تحقيق الأمن والاستقرار، واستعادة الدولة، وبناء اليمن الاتحادي، يتطلب تضافر كافة القوى المحلية والإقليمية والدولية لتنفيذ القرار الأممي 2216، الذي وجد لدعم استكمال بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة، وكذلك تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي ضمنت التوزيع العادل والشامل للثروة والسلطة بين الأقاليم الستة».
وجدّد رئيس الحكومة اليمنية اتهام الميليشيات الحوثية بنهب الاحتياطي النقدي من البنك المركزي البالغ نحو 5.2 مليار دولار، إلى جانب ترليوني ريال من العملة المحلية، وهو ما تسبب، بحسب قوله: «في كارثة إنسانية، وبيئية، وصحية، ومجاعة، وتفشي الأمراض والأوبئة، في ظاهرة لم يشهدها اليمنيون على مر التاريخ».
واستعرض بن دغر خلال اللقاء إنجازات حكومته في الفترة الأخيرة، بما فيها نقل البنك المركزي إلى عدن، ودفع الرواتب، وتسهيل تدفق المساعدات الإغاثية والمشتقات النفطية لكافة المواطنين بمختلف المحافظات.
ودعا رئيس الوزراء اليمني المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤولياته لإنهاء كافة مظاهر العنف والانقلاب التي نشأت من ميليشيات متعددة، أو جماعات حملت السلاح ضد الدولة». كما أشار إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، من مواجهات دامية بين القوات الحكومية والقوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي». وقال إن تلك الأحداث «هدّدت أمن المواطن، وأرعبت السكان الآمنين، وتسببت في خسائر كبيرة وتدمير للمنشآت الحكوميّة التي أعادت بناءها الحكومة بعد هزيمة ميليشيات الحوثي في عدن».
وذكرت وكالة (سبأ) أن «القائمة بأعمال السفير البريطاني عبّرت عن ارتياحها للخطوات التي قامت بها الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، من ضبط للنفس، وإعادة تطبيع الأوضاع، والحفاظ على الأمن والاستقرار». وأكدت دعم حكومة بلادها للشرعية اليمنية.
وكان بن دغر قد غادر الجمعة الماضي مدينة عدن إلى الرياض، بناء على طلب من الرئيس هادي، لمناقشة المستجدات الأمنية والسياسية والاقتصادية، ولإجراء لقاءات مع عدد من السفراء المهتمين بالشأن اليمني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.