بري يعلن مرشحيه ويفتح ثغرة «تحالف المصالح» مع عون

يخوض الانتخابات النيابية بأربعة وجوه جديدة إلى جانب «حزب الله»

نبيه بري خلال مؤتمر صحافي في بيروت (إ.ب.أ)
نبيه بري خلال مؤتمر صحافي في بيروت (إ.ب.أ)
TT

بري يعلن مرشحيه ويفتح ثغرة «تحالف المصالح» مع عون

نبيه بري خلال مؤتمر صحافي في بيروت (إ.ب.أ)
نبيه بري خلال مؤتمر صحافي في بيروت (إ.ب.أ)

فتح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس، باباً لتحالف غير مباشر مع «التيار الوطني الحر»، يندرج ضمن إطار «تحالف المصالح»، حين تجنّب تسمية مرشح مسيحي عنه في دائرة جزين، خلافاً لما درج عليه في الانتخابات السابقة، مكتفياً بتسمية 16 مرشحا في لائحته، ينقسمون إلى 13 من الشيعة، ومرشح من كل من الطوائف السنية والكاثوليكية والدرزية، علما بأن هؤلاء الثلاثة هم أعضاء في كتلته.
ويخوض الثنائي الشيعي المتمثل بـ«حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«حزب الله» اللبناني، الانتخابات النيابية المقبلة جنباً إلى جنب، استكمالاً لتحالفهما منذ العام 1992. وسط توقعات بأن لا تتمكن اللوائح المنافسة في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة من اختراق لوائح الثنائي الشيعي.
ورغم التوتر السياسي الذي أحاط بعلاقة بري مع «الوطني الحر» الذي يترأسه وزير الخارجية جبران باسيل، يعتبر «حزب الله»، حليف الطرفين، صلة وصل غير مباشرة بينهما. وبدا تجنب بري لتسمية مرشح في دائرة جزين، (وهي أكثر الدوائر التي تثير حساسية بين الطرفين منذ انتخابات العام 2009)، مسعى لفتح ثغرة لتحالف غير مباشر، يتولى «حزب الله» هندسته، ويندرج ضمن إطار «تبادل المصالح»، كما قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، ويفتح الباب لتسويات انتخابية بين الطرفين في أكثر من دائرة، بينها دائرة «بعبدا» التي تضم 3 مرشحين مسيحيين، وشيعيين اثنين، ومرشحا درزيا، إضافة إلى احتمال «تبادل المصالح» في دائرة جبيل حيث يرشح «حزب الله» مرشحاً شيعياً عن المقعد الشيعي فيها.
وأعلن بري أمس برنامجه الانتخابي وتسمية مرشحيه الـ16. وأكد أن «التزام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني هو خيارنا الأول وما نحتكم إليه»، مشددا على «حفظ وحدة لبنان وسيادته وحدوده الوطنية في مواجهة الأطماع العدوانية الإسرائيلية ووجهها الآخر المتمثل بالإرهاب التكفيري».
وجدد بري التشديد على التمسك بمعادلة «الشعب والجيش والمقاومة» و«بمشروع المقاومة التي أسسها الإمام السيد موسى الصدر». وأعلن الاستمرار في السعي لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الدستور.
وتعهد بري بتخصيص جهد كبير من المهام البرلمانية من أجل متابعة موضوع استخراج موارد لبنان من نفط وغاز في البر والبحر، وإنشاء الصندوق السيادي وشركة البترول الوطنية وقانون النفط البري. كما تضمن البرنامج الانتخابي إعادة إنشاء وزارة المغتربين «لكي تتحقق المشاركة السياسية الكاملة لكل المواطنين الذين يحملون الجنسية اللبنانية».
ودعا بري «إلى التزام لائحتنا التي سيعلن عنها فيما بعد» مع «حزب الله»، و«انتخاب مكوناتها ومنح أعضاء منها صوتكم التفضيلي، لنستكمل سويا مسيرتنا وحركتنا نحو الأفضل، ولنتابع معا تنفيذ التزاماتنا التي تحفظ لبنان وتصون وحدته وصيغ التعايش المشترك فيه والحوار وساحة مفتوحة لحوار الحضارات، وحفظ التاريخ والتراث الإنساني».
وأعلن بري أمس أسماء مرشحيه البالغ عددهم 16 مرشحاً، بينهم امرأة لأول مرة في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها، هي الوزيرة عناية عز الدين. وحافظ في الترشيحات على التنوع الطائفي في لائحته حيث تتضمن مرشحا درزيا (أنور الخليل) وآخر كاثوليكيا (ميشال موسى) وآخر سنيا (قاسم هاشم)، بينما تفتقد ترشيحاته هذه المرة إلى مرشح ماروني اعتاد على ترشيحه في دائرة «جزين». ونقل ترشيح النائب هاني قبيسي من بيروت، إلى الجنوب الثالثة.
ويخوض الانتخابات هذه المرة بأربعة وجوه جديدة هم فادي علامة (مرشح عن دائرة بعبدا) ورئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل محمد نصر الله (عن دائرة البقاع الغربي) وعضو المكتب السياسي في «أمل» محمد خواجة «عن دائرة بيروت الثانية»، إضافة إلى الوزيرة عز الدين (عن دائرة الجنوب الثانية).
ويشكك الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين بإمكانية حدوث أي خرق للوائح الثنائي الشيعي في الجنوب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، بأن خرقه «يستوجب تحالف جميع المنافسين وحصوله على حاصل انتخابي». ويوضح: «في دائرة الجنوب الثانية، تستوجب محاولات الخرق تكتل جميع المنافسين مثل تكتل عائلات (آل الخليل) وأحزاب (الحزب الشيوعي وحزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر) وقوى معارضة أخرى (رياض الأسعد) في تكتل واحد». وأضاف: «من الصعب أن تتوحد كل تلك القوى، وفي حال توحدت، فإنه من الصعب أن تصل إلى الحاصل الانتخابي الذي يقدر بـ22 ألف صوت».
أما في دائرة الجنوب الثالثة، فتنسحب معضلة توحد جميع القوى المنافسة أيضاً، رغم أن توحدها يزيد احتمالات الخرق. ويشير إلى أن المنافسين في الدائرة الثالثة هم من «الحزب الشيوعي» والمجتمع المدني وتيار المستقبل والمرشحين المستقلين الشيعة، إضافة إلى أحمد كامل الأسعد، موضحاً أن جمع أربع أقضية في الدائرة (حاصبيا ومرجعيون والنبطية وبنت جبيل) حيث تتواجد للثنائي الشيعي كتلة ناخبة كبيرة، يصعّب إمكانية خرقها.
وخلافاً للوضع في الجنوب، فإن التحديات في البقاع أكبر، بحسب شمس الدين الذي أشار إلى وجود معارضة كبيرة لهما يمكن أن تخترق لائحة الثنائي، وقال: «يمكن أن يستوجب هذا الواقع العمل على تشتيت المعارضة عبر تشكيل أكثر من لائحة توزع الأصوات وتشتتها».
ويخوض الثنائي الشيعي الانتخابات أيضاً في دائرة بيروت الثانية بمرشحين شيعيين. ورأى شمس الدين أن إمكانية فوزهما محتملة بالنظر إلى أن الكتلة الشيعية الناخبة في بيروت تناهز الـ22 ألف مقترع، مشيراً أيضاً إلى أن الثنائي يحتاج إلى تحالف مع قوى سنية وازنة في بيروت حتى يستطيع الخرق. أما في دائرة بعبدا، حيث تنقسم المقاعد إلى ثلاثة مقاعد مارونية ودرزي وشيعيين، فإن القدرة على تأمين الفوز بالشيعيين «واردة» بحسب شمس الدين، وهو ما تحدده التحالفات الانتخابية.
وينافس الثنائي الشيعي بشكل أساسي «تيار المستقبل» في البقاع الغربي وزحلة والبقاع الشمالي وبيروت ودائرة الجنوب الثالثة، والتيار الوطني الحر في دائرة الجنوب الأولى وجبيل وبعبدا (في حال لم يتوصل حزب الله لتسوية بين الطرفين في تلك الدوائر)، إضافة إلى لوائح المجتمع المدني في كافة الدوائر الانتخابية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم