500 «داعشية» ينتظرن تحديد مصيرهن في العراق

الإعدام لتركية والمؤبد لعشر أخريات... وإطلاق فرنسية

بوغدير تحمل أحد أطفالها وهي تدخل أمس قاعة محكمة في بغداد قضت بإطلاق سراحها (أ.ف.ب)
بوغدير تحمل أحد أطفالها وهي تدخل أمس قاعة محكمة في بغداد قضت بإطلاق سراحها (أ.ف.ب)
TT

500 «داعشية» ينتظرن تحديد مصيرهن في العراق

بوغدير تحمل أحد أطفالها وهي تدخل أمس قاعة محكمة في بغداد قضت بإطلاق سراحها (أ.ف.ب)
بوغدير تحمل أحد أطفالها وهي تدخل أمس قاعة محكمة في بغداد قضت بإطلاق سراحها (أ.ف.ب)

وسط مواقف داخلية ودولية متباينة، بدأ القضاء العراقي في إصدار أحكام بالسجن لمدد مختلفة بينها المؤبد، فضلا عن الإعدام، بحق ما اصطلح على تسميتهن «نساء داعش»، بعد الانتصار العسكري الذي حققه العراق على هذا التنظيم أواخر العام الماضي.
وقال الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار البيرقدار، في بيان أمس، إن «المحكمة الجنائية المركزية في استئناف بغداد – الرصافة، نظرت قضايا مجموعة نساء ينتمين إلى (داعش) الإرهابي من جنسيات مختلفة، بينها التركية والأذرية». وأضاف أن «المحكمة أصدرت عشرة أحكام بالسجن المؤبد بحق عشر نساء بعد إدانتهن بالإرهاب، فيما قضت بالإعدام شنقاً بحق إرهابية أخرى تحمل الجنسية التركية»، لافتا إلى أن «الأحكام ابتدائية قابلة للتمييز التلقائي في محكمة التمييز الاتحادية».
إلى ذلك، قالت الدكتورة عبير الجلبي، المديرة العامة لذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك نحو 500 امرأة داعشية أجنبية دخلن العراق بطريقة غير شرعية، ما زلن ينتظرن مصيرهن من قبل القضاء العراقي». وبشأن الأحكام الصادرة بحق هؤلاء النسوة، قالت عبير الجلبي، إن «مسؤوليتنا كوزارة عمل تتعلق بالبعد الإنساني، وما إذا كان لدى هؤلاء النسوة أطفال بصرف النظر عن كونهن (داعشيات)؛ لأن الطفل في كل الأحوال ضحية، بينما الأحكام خاضعة للقانون العراقي الذي يصدر حكما بالسجن لعدة سنوات لمن يدخل الحدود بطريقة غير قانونية حتى لو لم يكن (داعشياً)».
في السياق نفسه، أكدت الدكتورة إقبال عبد الحسين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»: «إننا في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، قمنا بمفاتحة بعض الدول ممن لديها رعايا انتموا إلى (داعش) من أجل أن تتسلمهم؛ لكنها رفضت تسلمهم، وبالتالي يخضعون لأحكام قانون العقوبات العراقي».
بدوره، عبر الخبير القانوني العراقي أمير الدعمي، عن استغرابه من بعض الأحكام التي أصدرها القضاء العراقي بحق الأجانب ممن حكم عليهم طبقاً للمادة «4 إرهاب» من قانون مكافحة الإرهاب في العراق. وفي إشارة إلى حكم بالسجن 6 سنوات صدر مؤخراً بحق ألمانية، قال الدعمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «حكم مستغرب؛ لأن هذه المادة ليس فيها حكم حتى لمدة 10 سنوات» مبينا أن «بالإمكان الحكم بنحو 15 عاما ضمن هذه المادة، أو الإعدام، أما 6 سنوات فهذا حكم يجب أن نسأل القضاء العراقي عن حيثياته؛ لأنه لا يوجد مواطن عراقي حُكم عليه بأقل من 10 سنوات بموجب هذه المادة». وردا على سؤال عما إذا كان القضاء العراقي راعى البعد السياسي في بعض هذه الأحكام، قال الدعمي، إن «مسؤولية القضاء هي الحكم وفق المواد القانونية، ولا دخل له بأي جوانب أخرى».
من ناحية ثانية، أمر القضاء العراقي أمس بترحيل متطرفة فرنسية أطلق سراحها بعدما حكم عليها بالسجن سبعة أشهر، لإدانتها بدخول العراق «بطريقة غير شرعية» وانقضاء مدة السجن خلال فترة توقيفها. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، دخلت ميلينا بوغدير قاعة المحكمة وهي ترتدي عباءة سوداء مع سترة رمادية وحجاباً بنفسجياً، حاملة طفلها ذا الشعر الأشقر الذي يرتدي ثيابا زهرية. وأوقفت بوغدير (27 عاماً) في مدينة الموصل بشمال العراق الصيف الماضي مع أطفالها الأربعة الذين أبعد ثلاثة منهم إلى فرنسا، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وخلال المداولات، ردت بوغدير على أسئلة رئيس المحكمة بلغة عربية ركيكة، عندما سألها عن جنسيتها فقالت إنها فرنسية، وإنها كانت ربة منزل في الموصل. وقالت إنها دخلت العراق في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، وأضافت: «دخلت إلى سوريا بجواز سفر فرنسي، لكن (داعش) أخذه مني. بقيت أربعة أيام في سوريا، ثم جئت إلى الموصل مع زوجي وأولادي الأربعة». وأكدت لرئيس المحكمة أن زوجها يدعى ماكسيمليان، وكان طباخاً لدى «داعش» وقتل.
وسأل القاضي بوغدير عما إذا كانت نادمة على فعلتها، فأجابت بالفرنسية، ثم بالعربية قائلة: «نعم»، ثم سألها إذا كان لديها محامٍ، فأجابت سلباً، فعينت لها المحكمة محامياً منتدباً، وقال المحامي المنتدب بعد الاستماع إلى المتهمة، إنها «صغيرة، ولم تشارك في عمليات القتل، وبقيت في المنزل». وقال رئيس المحكمة: «سنحاسبك بناء على قانون الأجانب الجديد لعام 2017، بتهمة قيامك بالدخول إلى الأراضي العراقية دون الحصول على تأشيرة السلطات وخلافاً للقوانين». وأضاف: «لذلك قررت المحكمة الحكم عليك بالحبس البسيط لسبعة أشهر. وبما أنك قضيت مدة الحكم، يفرج عنك فوراً ما لم تكوني مطلوبة في قضية أخرى». وليست بوغدير ملاحقة في قضايا أخرى. وبعد إعلان الحكم الذي ينص على ترحيلها من العراق، علت الابتسامة وجه بوغدير.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم