حفتر يعيد تنظيم «الصاعقة» وينفي طلب إقامة قاعدة روسية في ليبيا

نفى «الجيش الوطني الليبي»، أمس، أن يكون قائده العام المشير خليفة حفتر قد طلب إقامة قاعدة عسكرية روسية في المناطق التي يسيطر عليها في شرق ليبيا. واعتبر الناطق باسم الجيش العميد أحمد المسماري أن هناك «مغالطة في التصريحات الصحافية المنسوبة لرئيس مجموعة الاتصال الروسية المعنية بليبيا ليف دينغوف، في هذا الصدد».
وخلال العامين الماضيين أجرى حفتر زيارات عدة سرية ومعلنة إلى موسكو، لتعزيز التعاون العسكري بين الجانبين، لكن روسيا رفضت الموافقة على طلبه بشأن إعادة تسليح جيشه الذي يعاني من حظر على استيراد الأسلحة فرضه مجلس الأمن الدولي قبل نحو سبع سنوات. ويرتبط حفتر بعلاقات وطيدة مع السلطات الروسية، إذ اعتبر مراقبون أن زيارته لحاملة الطائرات الروسية أدميرال كوزنتسوف التي توقفت قبالة سواحل ليبيا في البحر المتوسط مطلع العام الماضي، بمثابة مؤشر على دعم موسكو الجيش الليبي في حربه على الإرهاب.
وكان حفتر اجتمع مساء أول من أمس بمقره في الرجمة، خارج بنغازي، مع عدد من ضباط وضباط صف القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش، في حضور قائدها اللواء ونيس بوخمادة، وعدد من القادة العسكريين. وقال حفتر في الاجتماع الذي يعتبر الأول من نوعه منذ إعلان الجيش أنه أجرى تحقيقات مع الرائد محمود الورفلي أحد قادة القوات الخاصة على خلفية الاتهامات الموجهة إليه من المحكمة الجنائية الدولية بقتل أسرى ومعتقلين على مدى العامين الماضيين، للتأكيد على «أنه يجب ألا يسمح منتسبو القوات الخاصة لأحد بأن يشوه صورتها أبداً».
وقال حفتر، في بيان وزعه مكتبه، إن الاجتماع ناقش أوضاع القوات الخاصة وعملها طيلة المدة الماضية، لافتاً إلى أنه «يريد من القوات الخاصة أن تضطلع بمهامها، خصوصا أن العدو لا يزال يتربص بالوطن عبر خلاياه النائمة».
وبعدما أثنى على كافة وحدات الجيش ومن بينها القوات الخاصة «على مجهوداتها طيلة المدة الماضية في الحرب على الإرهاب والقضاء عليه وإعادة كرامة الوطن والمواطن»، شدد حفتر على «ضرورة إعادة تنظيم قوات الصاعقة على الأسس العسكرية الصحيحة، وأن يتم تدريب عناصرها حتى يتم ضمان الضبط والربط العسكري».
ونقل البيان عن قائد قوات الصاعقة اللواء بوخمادة تأكيده، في المقابل، على أن «قواته ستكون في الموعد، وستنفذ المهام الموكلة إليها من القيادة العامة للجيش الوطني، بكل تفان».
وتزامن الاجتماع، مع إصدار الفريق عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش، تعليمات «بضرورة إنهاء ظاهرة الاعتقال العشوائي في كافة المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة قوات الجيش».
وقال بيان للجيش إن الناظوري أكد خلال ترؤسه لأول اجتماع لغرفة عمليات تأمين مدينة بنغازي بعد إعادة تشكيلها مؤخراً برئاسته، على «ضرورة إنهاء ظاهرة التجول بسيارة عسكرية مسلحة ومباشرة القبض على المطلوبين وتجار المخدرات وغيرهم» قبل أن يشدد على أن «مهمة الغرفة هي توفير الأمن بمدينة بنغازي على وجه الخصوص في أقرب وقت ممكن».
وكان حفتر قد أعاد تشكيل غرفة تأمين بنغازي برئاسة الناظوري، بعد تكليف قائد الصاعقة بوخمادة بمهمات جديدة في مدينة درنة التي تحاصرها قوات الجيش الوطني منذ العام الماضي استعداداً لتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية التي تسيطر عليها. وتعتبر درنة (المعقل الرئيسي للمتطرفين في شرق ليبيا) المدينة الساحلية الوحيدة في شرق ليبيا التي ما زالت بعيدة عن سيطرة قوات الجيش، والتي أنهت مؤخراً عملية عسكرية مماثلة لتطهير بنغازي من قبضة المتطرفين.
وفي سياق آخر، انتقد الناطق باسم الجيش العميد المسماري دور رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، ورأى أنه «ليس دوراً أمنياً بل هو سياسي فقط»، ومعتبراً أن «الجيش الوطني هو المسؤول عن تأمين البلاد». وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية الموالية للسلطات التي تدير شرق ليبيا أن «مهمة سلامة تتجسد في وضع الأطراف الليبية على طاولة الحوار من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي».
واتهم المسماري حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس بدعم «ميليشيات محددة»، موضحاً أن «الأسلحة المنتشرة في البلاد ليست في أيدي القبائل والعشائر وإنما هي بأيدي الخارجين عن القانون والميليشيات الإرهابية المتواجدة في المنطقة الغربية خاصة في مصراتة وطرابلس». واعتبر أن «انتشار السلاح لا يمثل تهديداً مباشرا على أمن ليبيا الداخلي فقط، وإنما بمثابة جرس إنذار لدخول الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية في دول الجوار الجغرافي».
إلى ذلك، كشفت الاحتفالات التي أقامتها السلطات التابعة لحكومة السراج في العاصمة طرابلس بمناسبة الذكرى السابعة للثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. عن عودة وجوه مطلوبة للعدالة بتهمة ممارسة الإرهاب.
وأثارت صور فوتوغرافية نشرتها اللجنة العليا للاحتفالات بعيد الثورة، جدلاً واسعاً بعدما ظهر في بعضها بمحض المصادفة إبراهيم علي أبو بكر تنتوش وهو أحد قيادات تنظيم «القاعدة» المتطرف للمرة الأولى بعد نحو سبع سنوات من اختفائه. ويحمل تنتوش العديد من الأسماء الحركية، ومطلوب اعتقاله من قبل للشرطة الدولية (الإنتربول) على خلفية مذكرة من مجلس الأمن الدولي.
وتشير وثائق ومذكرات مجلس الأمن التي نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة «المرصد» المحلية إلى أنه كان مرتبطاً بزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في بيشاور، كما أنه «متهم بنقل أموال ورسائل منه»، فيما تؤكد وثائق أرشيفية لجهاز الأمن في عهد القذافي أنه من «مسؤولي الجناح الاقتصادي للجماعة الليبية المقاتلة». وقالت الصحيفة إن اسم تنتوش يحتل المرتبة الـ57 على قائمة ما زالت سارية للمطلوبين لدى مجلس الأمن بتهمة الانتماء لتنظيم «القاعدة» والمرتبطين بقيادته وعمليات تمويله. كما اقترن اسمه بقيادات من حزب «العدالة والبناء» الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، بالإضافة إلى قيادات سابقة في المعارضة الليبية.
وكان العقيد أحمد بركة رئيس ديوان وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية التي يرأسها عبد الله الثني في شرق ليبيا، تحدث أمس عن «وجود عناصر لتنظيم القاعدة هربت من سرت وبنغازي في سبها وفق تقارير استخباراتية وأمنية».